بدون الخوض في جدال: هل وجدت الدولة بعد، أم لا؟ فإننا نفترض أن بعض مظاهرها على الأقل وجدت فيما بعد الاستقلال (الرسمي طبعا) وقبيل الألفية.
بدأ الموريتاني "البدوي" يلمس ذلك بوضوح من خلال المدرسة والتعليم على الأقل، فقد كانت السلطة السياسية واعية لأهمية تكوين أطر في مختلف المجالات بعد أن لاحظت عند إعلان الاستقلال أنه إعلان عن وطن يفتقد إلى مواطنين!
إن مأساة بعضنا تكمن في إنكاره للحقائق ومحاولته الدائمة والدؤوبة لطمسها بأي مبرر مهما كان واهيا وضعيفا .. إنهم بصراحة عاشقون متصوفون للنصف الفارغ من الكأس ويسعون بكل مثابرة لإشباع ذلك الفراغ عن طريق جَلْدِ الوطن وتشويه صورته حتى أصبحنا محطة للسخرية والتندر..!
تتحفنا السلطة عادة بأقوال لا أفعال، عن محاربة الفساد والمفسدين، والوقوف إلى جانب الفقراء والمستضعفين، والهجوم على شجع التجار وترفع شعارات محاربة الفقر وتقريب الخدمات الأساسية من المواطن، وجعل المواد الاستهلاكية في متناول المواطنين الذي في غالبيتهم معدومي الدخل، أو متدني القوة الشرائية .
منذ اعتقال الجهادي ولد السالك وشريكه في غينيا كوناكري، اشتعلت الدعاية الرسمية بعد صمت مطبق وطويل أمام "الهروب" الذي عرّى عدم الكفاءة الصارخ لدى المصالح الأمنية المتعددة المعنية وتواطؤ بعضها على الأقل.
استأنف المتحدث باسم الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية عملهم ساعين إلى تحويل هذا العار إلى مفخرة وطنية.
أخيراً قرر الشباب الموريتاني الطامح للتغيير والمكتوي بجحيم الواقع الاجتماعي والاقتصادي المنهار ، أن يعود للشارع بقضية تؤرق كافة المواطنين بمختلف انتماءاتهم وتنوعهم العرقي والجهوي والسياسي ..
وذلك تتويجاً لحملة إعلامية مسعورة أطلقها العشرات من الشباب