ربما تقاطرت عليكم، فخامة رئيس الجمهورية، رسائل كثيرة من مختلف فئات المواطنين تنضح بالمعاناة والألم من واقع مزر مترد يعيشه بلدنا منذ عقود ظاهره الحرمان والفقر وباطنه غياب مفهوم الدولة رغم عمرها الذي يقارب الستين حولا؟!
سأبين في هذا المقال بعض الحقائق التي تعوق دون نجاح العملية التعليمية لعل الجهات المعنية تطّلع علي ذلك، فتنظر في الأمر ما استطاعت...
فمن المعلوم أننا الآن في بداية مأمورية رئاسية قد تُعَدُّ استثنائية من نوعها إذا ما قورنت بغيرها من المأموريات؛ وذلك باعتبارها مأمورية كُتب لها الوجود عن طريق الاقتراع لا عن طريق الانقلاب كما حصل في المأموريات السابقة...
أثبتت احتفالية الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الاستقلال ـ بعروضها العسكرية النوعية المتنوعة وضيوفها من الرؤساء السابقين والشخصيات السياسية المخضرمة الذين غيبهم طويلا الانفرادُ بالحضور والأضواء والذكر ـ أن عهدا جديد بدأ بطعم التواضع الصارم، وتباشير التحرر من "مفتعل" الشكوك، وبعزم معلن على تحقيق التغيير البناء في خمسية مباركة إن شاء الله زادها احترام الموريتانيين ونشر العدل بينهم.
إن الحراك الدائر اليوم في الساحة الوطنية و الذي يثيره دخول الرئيس السابق "محمد ولد عبد العزيز" إلي حلبة السياسة وخاصة تبنيه لرئاسة الحزب الحاكم يدعو إلي إثارة النقاط التالية:
من المعلوم بداهة ألا مؤسس "فردا" لأحزاب الأنظمة - المعرفة في السياق السياسي بـ"الاحزاب الحاكمة" - بقى في وجدان الشعوب أكثر من قترة "حكمه" التي لا محالة مارس فيها بواسطة "الحزب" أفعالا تنتمي إلى أفعال العسف التحكمي وشططا سياسيا مارقا على أصحاب الرأي المغاير و الأحزاب المعارضة قل ذلك أم كثر بحسب مزاجه.
تختبئ خلف الحراك السياسي الراهن في موريتانيا قضايا جوهرية جديرة بأن تفحص وتدرس، في مقدمتها القيم المرجعية في العمل السياسي بما فيها قيمة الوفاء وقيم التداول على الحكم وإكراهاته. والحديث عن القيم ينبغي أن يتقدم على الحديث عن الأشخاص والأحزاب والدول، إلا في حدود ما يقتضيه ضرب المثل.
من الصعب جدا تحديد السبب أو الأسباب التي جعلت الرئيس السابق يقرر الاجتماع بلجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأن يقول في الاجتماع ما قيل بأنه قد قاله، وأن يختُم ذلك الاجتماع ببيان من ثماني فقرات يتم إصداره في وقت متأخر الليل، يُشيد بإنجازات العشرية، ويتحدث عن توجيهات "الرئيس المؤسس"، ولا يذكر رئيس الجمهورية إلا في فقرة واحدة من فقراته الثمانية (الفقرة السادسة)!