مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

لقاء القمة بين المرابط محنض بابه والشيخ حمدا

 

 هذا لقاء من نوادر اللقاءات .. جرى خلاله حديث ربما يمتنع حدوثه في هذا الزمان إلا بين المرابط وحمدا، أو من كان في منزلتيهما متحققا بوصفيهما، سأنقل لكم اللقاء ..

كما حدثنيه الأخ يعقوب ولد محمد موسى "اليحيوي".

دون زيد أونقص.

اللهم ما كان عن نسيان خرج عن مشمول العمد والتجاهل.

اتصل الدِّي ولد حمدا على الحسين ولد محنض رغبة من الشيخ حمدا في لقاء المرابط محنض بابَه، فاتصل الحسين باليحيوي، ليلبي المرابط مطلب حمدا، واعتبارا لسكينة المجلس، اقترح اليحيوي أن يكون اللقاء في بيت أحد محبي المرابط وهو النائب عبد الرحمن ولد المراكشي.

لم يتجاوز الوقت كثيرا حتى حضر المرابط، وما لبث الشيخ حمدا أن جاء فأخذ المرابط بيده وأجلسه على الأريكة، وقعد قبالته.

بدأت الأسئلة تترى في أجواء سكينة ووقار، والحضور آذان صاغية وقلوب واعية وأبصار ناظرة إلى مهوى جميل ورائق ومفيد الحديث:

سأل المرابط الشيخ حمدا عن تراث غديجه بنت العاقل - رحمها الله - في المنطق، فأجاب بوجود البعض من ذلك، مضيفا أنهم عثروا على وثيقة تثبت أخذ المختار بن بونه - رحمه الله - عن غديجة.

ثم سأله هل يعرف كلام أزناﮔـه؟ وهل ما زال متكلما به في حيهم؟

فقال حمدا: إنه لا يتكلم تلك اللهجة، فأنشد المرابط "گافا" في المنطق من كلام ازناگه لغديجه هذا لفظه:

أَذْ يُؤجِبْ كَارَ يَدَامَهْ --- واذْ دَأْهْ يَدَامَه يَـــمَشِّ

وَاذْ يَمَـــشِّ يُمْكـَنّيذَهْ --- أَغْــرِ أَذْوَرْ تَـﮕَذْ تَشِّ

قال له الشيخ حمدا إن هذا "الـﮕـافَ" ترجمه محمذن بابه بن امحمد بن أحمد يوره - رحمه الله - إلى العربية بقوله:

يدوم كل واجب يا صاحبي --- ولـــــيس كـــل دائــــــم بواجب

بينهما مــــراتب بالأربـــــع --- توصف فاحفظها لديهم واسمع

قال الشيخ حمدا للمرابط إنه يحب أن يدعوه إلى بيته، ويهيئ له مأدبة تليق بمقامه، فقال المرابط إنه لا يرغب في المأدبات، لكنه يحوز من ذلك بركة أهل العاقل، فرد عليه الشيخ حمدا: إنه أدرك أسلافه يقولون: إن بركتهم في طعامهم، فمن زارهم وأكل من طعامهم قضيت حوائجه.

تناول المرابط الحديث، وقص لقاء جرى بينه مع گراي ولد أحمد - رحمه الله - يوره هذا مجمله

قال لمرابط:

كنت مساء يوم في زيارة للشيخ حامد بن ببها - رحمه الله - في المذرذرة وكنت في مجلسه كأحد زائريه الذين حصلت لهم الألفة، فذهبت عنهم الكلفة، فشاركت لفيفا منهم في أساليب غير منضبطة، وحضر الشيخ ﮔراي بن أحمد يور فكأنه استوحش من تلك الأساليب التي شاركت فيها ذلك اللفيف، فأراد الشيخ حامد إزالة استيحاشه، فطرح علي سؤالا استأنس الشيخ ﮔراي بجوابي عنه، وعرض علي زيارته عند "ابَّيرْ التَّورس" فأعلنت له القبول، فأرسل في ضحوة الغد التابعة لذلك المساء سيارة سائقها شاب لبق نشأ مع ببها بن امَيَيْ، ولما وصلنا إلى منزل أهل ﮔراي رأيت صحنا كبيرا اجتمعت فيه عظام كبش سمين، ثم أتت إحدى خدم المنزل بإناء فيه لبن وبوعاء فيه كسار سكر لتصنع لي شرابا، فقلت لها: إني أوثر شرب الماء والاغتذاء بالأرز، فقال لها ﮔراي: اقبلي الاقتراح، فأول إكرام الزائر إسعافه بالحرية، وكانت لـﮕراي أنظام يرغب في سماعي لها، فبدأ بفتح اشرطتها وكان بقربه في المجلس محمذن بن إمام - رحمه الله - فلما نضج بعض اللحم قال له ﮔراي: أنا من أهل اللحم وأنت تنتظر الأرز، ولأهل المنزل صحون متفاوتة، فأتانا أرز جيد الطبخ في صحن متوسط يدل حجمه على أن الأرز نصيبي أنا ومحمذن بن إمام، فقبلنا دلالته فاستوفينا حاجتنا من ذلك الأرز، ثم رجع ﮔراي إلى فتح الأشرطة ولما قرب وقت العصر قلت له إن مبيتي سيكون في القرية فيمكن أن توصي عليَّ إحدى السيارات الراجعة إليها من العاصمة فوعدني بذلك، ومرت السيارات فتغافل عنها فلما كان بعد المغرب سأل عن السيارة التي وصلتُ فيها فأتت، فودعني لقاءً آخر في القرية فأعلنت له القبول، واجتمعنا بعد يومين في منزلهم بالقرية، وأتانا دودُ بن الميداح بـ "مسجلة" ولما أردنا فتح الأشرطة أتانا الشيخ آكل بن أحمد بن الفالل - رحمه الله - فاستقبله ﮔراي استقبالا مناسبا، وقلت له أنا: نحن نريد فتح أشرطة نرغب في الفراغ لها، فقال لي: سأفرغكم لها، وذكر لي إجتماعا وقع في بيت عبد الله بن الشيخ سيديا وامحمد بن أحمد يوره - رحمها الله - أعجب فيه عبد الله بفتوة امحمد بن أحمد يوره، وقال: إنه يلفى في السحر عابدا وفي مجالس الموسيقى مقدما في "النّحْيةِ والشَّورْ" فسألت الشيخ آكل عن معنى هذين اللفظين؟ فقال لي: لا تفارق دودُ بن الميداح حتى يعرفك بهما، فقلت له: لم يعدَّ امحمد بن أحمد يوره الجهل بهما من الجهل المذموم في أبياته التي ذم فيها الجهل:

هو الجهل جهل الفقه ليس بجائز --- وجاهل علم النحو ليس بفائز

ولا تــــترك الــــــتوحيد ملغى فإنه --- لخيمة دين المرء إحدى الركائز

وجهل عروض الشعر شر غـــريزة --- إذا عددت يوما شرار الغرائز

ولاتــــجهلوا عـــلم الـــحساب فإنه --- قبيح على الفتيان عد العجائز

فقال دود بن الميداح بل يفهم ذلك من قوله:

وجهل عروض الشعر شر غريزة ........

سأل المرابط حمدا: أأنت أشعر أم محمد سالم ولد عدود - رحمه الله -؟ فقال الشيخ حمدا: محمد سالم ولد عدود أشعر، فقال المرابط: وأيكما "أغَنَّ" فقال له حمدا: أنا.

استطرد الشيخ حمدا أبياته المشهورة لمضيفة الطيران في رحلته مع الشيخ عدود إلى الكويت؟

قال حمدا إنهما خلال الأوبة - وبعد نجاح المهمة - أهدوهم فاخر الهدايا وكريم التحف!! وعلق حمدا ممازحا المرابط: "وهي هدايا لا تريدها أنت" فضحك المرابط وضحك الشيخ حمدا.

قال حمدا: ونحن في الأجواء حدث "جو" جاء بالأبيات:

وقفت بين سـائح و سياسي --- ترشد الناس في خـفيف اللباس

ورمـتها العيون وهي تناجي --- فى هـــــــدوء مجموعة الأجراس

وأشــــارت أن المقاعد تحوي --- ســـــــترة للنجاة عــــند الإياسِ

فـــــوجمنا وقـــد بدت كلمات --- لا تدخن، والبس حزام الكراسي

فــصعدنا وفى النفوس رجاء --- والــــتجاءٌ لــــــــخالق الأجناس

واستوينا فى الجو ثم شربنا --- فـــــترى القوم بين عار وكاسي

أتحــفتنا بالـــحلويات جميعا --- وبــــأكل يـــــأتيك فى الأكياس

فــــنزلنا فــــــــشيعتها عيون --- قــــــــطع الله وصلها بالمواسي

ليت هذي الفتاة كانت تراعي --- "حرمة الشرع أو شعور الناس"

أضاف حمدا: فناولت الأبيات الشيخ عدود من غير الشطر الأخير الذي أتمه، وقال لحمدا: "أحسنت أن صرت فقيها وشاعرا في آن معا"

سأل المرابط الشيخ حمدا عن أي الأغراض طرق في شعره الحساني؟ فأجاب الشيخ حمدا بأنه نظمَ في أغراض: الغزل والتصوف والتوسل... فطلبه المرابط إنشاده نماذج من أدبه الحساني بعد فترة الشباب، فأنشده الشيخ حمدا أبياتا له في الاعتبار والتدبر:

انــــــــظر إلى هـــــذا الــــوجود فإنه --- لغز يحار العقل في تحليله

نـــــــظر الـــــــــمفكر نـحوه فتتابعت --- نقط السؤال وحار في تعليله

ســـــر الحقــــيقة في الحقيقة كـامنٌ --- لا نستطيع البتّ في تفصيله

فـــــككت مــــــــنه ذرة عن شـــــكلها --- هلا تركت الذَّرَّ في تشكيله

وذهبت في الصاروخ تكتشف الفضا --- ماذا عرفت من الفضا وجميله؟

فــــــكر وراء الــــكون تـــــــــعلمْ سره --- لا تجعل التفكير في إكليله

الـــــفكر من غـــــــير الــرسالة قاصر --- حلق الرسالة جئن في توصيله

لو أعـــــطي الإنـــسان سادس حِسِّهِ --- لبدا خفيٌّ كان في منديله

لو يـــــــحرم الإنــــسان نــــــور عيونه --- ما أدرك الألوان في تمثيله

لا تـــــسمع الــتصفيق فـــــــهو مضلة --- تنسي الحكيم وصوله لسبيله

واعـــــــــــرف لـــــــــربك حـقه حقا ولا --- تفصل عرى القرآن عن إنجيله

ثم أنشده من "لغن" "گافا" قاله ذات "حال" لـ مُنَايَ بنت شغالي:

ظَــحْكَتْ مُنَايَ --- مَنت الشِّغَالِ

وابـــگَيْتْ ألا يـَ --- ـمَنْ طَلَّعْهَالِ

فسأله المرابط أي ضرب هذا من عروض لَغْنَ؟ فأجاب الدِّي ولد حمدا - وكان من حضور المجلس - بأن الگافْ من "حثُو اجْرادْ"

وأنشده:

وافِ منْ حَولي --- ووَافِ من قُوتِ

والبنك الدولي --- ما عـــندُ قُوتِي

وقد استجاد المرابط هذا الگاف فأعاد حكايته!

ثم أنشد الشيخ حمدا قوله:

عندكْ مَكيالْ --- فيهْ احْويْلَ

اومُلانَ گَـالْ --- أوفوا الكَيلَ

أضاف الشيخ حمدا أنه مر - في زمان غير هذا - مع خلان له بـ "مذكورة بمنعرج اللوى" فلم تحفل بهم بل "مَادَارَتْهمْ افْلُوجَه" حسب عبارة حمدا، فقال:

اخْطْيتِ بعدْ --- أعْلَ امنادَمْ

ماهُ لكْ عــبدْ --- او لَـا خَادمْ

وسأل الشيخ حمدا المرابط: هل تعرف معنى "مَادَارَتْنا افْلُوجَه" فقال المرابط: نعم

وسأل المرابط محنض بابه الشيخ حمدا عن الذين درس عليهم؟ فقال: إنه أخذ عن خاليه امَيَيْ وحامد - رحمهما الله - مشيرا إلى أنه كان يقوم لهم بدور "أنَتْفَارْ" حيث يناولهما الكتب، وربما كلفاه بتحرير فتوى.

وسأله لمرابط: هل بلغه أن امَيَيْ محا قبل وفاته - بثلاثة أيام علامة كان يضعها في مكان جلوسه في المسجد؟ وهل كان يُعقد مجلس سماع في خيمته؟ فقال حمدا: نعم، كانت تلك المجالس تعقد، لكن امَيَيْ لم يكن يسمعها، وأنشد حمدا أبيات امحمد بن أحمد يوره:

تكون لك الدنيا مــواعظ كلها --- إذا أنت لم تحكم لها بالظواهر

ومن كان ذا لب فسيان عنده --- صفوف البواكي واصطفاف المزامر

وأضاف الشخ حمدا أن عبدو ولد امَيَيْ - رحمه الله - وقع قربه غناء فأطربه، فجاء إلى امَيَيْ فأخبره الأمر، وبعدها كان إذا سمع غناء لا يؤثر فيه.

وسأل المرابط حمدا عن اسم الدفينة التي أوصى محمذن بن أحمد - رحمه الله - أن يدفن معها؟ فقال: إن اسمها "تُونْكَچِ" وقد أوصى محمذن قبل وفاته أن يدفن معها قائلا: إن "عيْشَهَا صَالحْ وازَغْراتْها زينْ".

وسأله المرابط هل دَفن أهل العاقل مع المرابط أحمد - رحمه الله - في "امْبَمْبَ" منذ دفن محمذن في الميمون؟ فقال لا، وسأله حمدا هل ترى أن ندفن فيها أي امْبَمْبَ؟ فقال له المرابط: لا، بل عليكم أن تواصلوا الدفن في الميمون، وأضاف: تارة يأتيني أشخاص مرضى وأدلهم على ماء زمزم وتراب الميمون فيشفون، لأن بركة أهل العاقل مضاعفة إذ يزيدون على بركة غيرهم بحسن الظن، وأكد له الشيخ حمدا ذلك المعنى قائلا: نحن كالنحلة تمتص رحيق أنواع الزهور فتضيفه إلى ما عندها، وهكذا نحن نلتمس بركة كل الصالحين.

وكل الحديث والمرابط ممسك بيد الشيخ حمدا، الذي قال له: "زايْرَكْ لَگَلْتْ النسخْ" فأشار له المرابط إلى شأن محمذن ولد أحمد مع "تُونْكَچِ" التي طلب أن يدفن معها، وإلى شأن أهل العاقل مع بلال الولي، ومحمد خَيراتْ - رحمهما الله - قائلا: "زايْرِينْ لك ولأحبابنا تَوْنكج".

قال حمدا لـ المرابط: أريد أن أعرض عليك فهما لدي في المعية، وهو أنه لا تعارض بين من يقول إن المعية بالذات، ومن يقول إنها بالعلم في حق الله تبارك وتعالى، مضيفا أن صفة العلم ملازمة للذات فى حقه تبارك وتعالى. فقال له لمرابط: "ذاكْ زَينْ ذاكْ زينْ".

قال الدِّي ولد حمدا لـ المرابط: أنتم أخوالي، فسأله المرابط أن يبين له ذلك، فقال الدِّي: إن جدتي امَاتْ بنت محمذن ولد بازيد وأمها اخديجه فَالْ بنت اسليمان - رحمهما الله - ومن ثم تتوالى لي أمهات كثيرات من أولاد بارك الله، وقد حصلت لي البنوة إلى ناصر الدين - رحمه الله - من قبلكم،

ثم تدخل حمدا، وقال: إن أهل حمدا حازوا قصب السبق علينا بالبنوة لأفاضل من أضراب ناصر الدين والطالب أجود والشيخ محمد اليدالي.... رحمهم الله.

أحمدو بزيد

 

عن "الطواري"

خميس, 09/02/2017 - 07:51