مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

ملامح حكومة مأمورية الشباب المرتقبة  و تحديات المرحلة/ بقلم:  اباي ولد اداعة 

لا يشغل الشارع الموريتاني حاليا سوي الحديث عن ملامح تشكيل حكومة مرتقبة بعد تنصيب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لعهدة ثانية عمرها خمس سنوات قادمة .
حيث تشكل مرحلة ما قبل تنصيب رئيس الجمهورية فرصة و مناسبة يكثر فيها الحديث و نشر القراءات المحتملة و التكهنات و التخمينات الخاطئة لتشكيلات الحكومة المرتقبة .
 إضافة إلي تلميع بعض الأسماء و التلويح بها والترويج لشخصيات وطنية من مواقع مختلفة قصد التوزير و الخروج في بعض الحالات بتسريبات غير متجانسة لحكومة جاهزة بالإسم و الوظيفة .
تدخل ضمن الشائعات الموسمية التي تأثرت هذه المرة إلي حد كبير بسبب تعطيل خدمة الإنترنيت الخلوي .
 لاشك أن معظم الموريتانيين يتطلع اليوم أكثر من أي وقت مضي إلي تشكيل حكومة جديدة بمواصفات و معايير خاصة تلامس هموم المواطن و مغايرة لكل تشكيلات حكومات الأنظمة و العهود السابقة .
ما هو مطلوب بدرجة أولي هو تشكيل حكومة كفاءة وطنية تراعي شعار المرحلة
(مأمورية الشباب و محاربة الفساد )
حكومة جديدة خالية من رموز الفساد تضم الخبرات و الكفاءات اللازمة لإدارة المرحلة المقبلة في ظل الآفاق الواعدة و الطفرة النوعية في المخزون و الإحتياط من الغاز و النفط و الهيدروجين الأخضر سيسهم بشكل جذري في تحويل الإقتصاد الوطني و تحديد نوعيته و هيكلته .
 و تحقيق النمو المطلوب و التطور المرجو في الأداء الحكومي و مواجهة التحديات التي تعترض سبيلها .
 بفريق يجمع بين الخبرة و دم الشباب المتابع و المطلع و القادر علي مواجهة كل التداعيات و التحديات و وضع الحلول الناجحة في الوقت المناسب .
تتوفر لديه الصلاحيات و المرونة اللازمة من أجل درء الضرر و التقليل من الخسائر 
إن لم يكن العمل علي جلب المنافع و تحقيق الأرباح .
فريق حكومي لم يسبق لأي من أعضائه العمل مع أي حكومة سابقة له القابلية التامة علي إحداث التغيير المنشود و خدمة و إسعاد الشعب الموريتاني .
حكومة تكون أكثر فعالية و قدرة علي العمل و مواجهة مختلف التحديات و الواقع المعقد وبالتالي تلبية تطلعات المواطن .
يأتي علي رأس أولوياتها تمكين الشباب من الولوج إلي العمل و محاربة الفساد في كل تجلياته و الحفاظ علي محددات الأمن الوطني في ضوء ما حصل من تغيرات و تحولات جذرية داخل منطقة الساحل الإفريقي و ما يشهده أيضا المحيط الإقليمي من إضطرابات سياسية و تحديات أمنية خطيرة خاصة في اتجاه الحدود مع الجارة الشرقية مالي . 
حكومة تؤسس لمرحلة جديدة و لعدالة إجتماعية الكل يجد نفسه فيها تعمل علي إرساء دولة القانون و المؤسسات و تطوير و إصلاح المنظومة القضائية و العدلية من أجل ترسيخ قضاء مهني عادل معزز لدولة القانون و مصدر طمأنينة للجميع .
تجسيدا لما قاله فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خضم إشرافه علي إفتتاح أشغال المنتديات العامة حول العدالة بقصرالمؤتمرات أنذاك حيث قال : ( أن ليس ثمة ما هو أكثر تأثيرا و محورية في حياة الفرد و المجتمع من عمل القضاء بوصفه أساس الوحدة الوطنية و اللحمة الإجتماعية. 
ففي شأن العدالة سأل رئيس الوزراء البريطاني الراحل و تستون أتشرشل أحد مستشاريه عن حال القضاء في بلاده إبان الحرب العالمية الثانية بعد أن دمرت البني التحتية و وصل الإقتصاد البريطاني إلي الحضيض فأجابوه بخير 
فقال مقولته الشهيرة ( طالما العدالة والقضاء بخير فكل البلاد بخير )  كما ذهب إبن خلدون إلي القول ( إن العدل أساس العمران و الظلم مؤذن بالخراب .)
فالعدل هو المنطلق لقيام الدولة و عمرانها .
و لا يأتي العمران إلا بإستقامة العدل و برفع الظلم عن الناس حتي يطمئنوا علي أنفسهم و حقوقهم و ممتلكاتهم .
كما نتطلع أيضا إلي حكومة وطنية لديها إرادة جادة للإصلاح و قدرة كبيرة علي تجسيد برنامج فخامة رئيس الجمهورية الإنتخابي طموحي للوطن علي أرض الواقع .
والذي يضم بين دفتيه خمس رافعات أساسية للتنمية و النهوض بالبلاد و العباد نحو غد أفضل .
حكومة ستشكل قطيعة تامة مع ممارسات الماضي الخاطئة و مع الفساد في كل تجلياته من تدوير للمفسدين أو توزير عائلي أو قبلي أو إعادة توظيف المتقاعدين في الوظائف السياسية و رئاسة المجالس الإدارية .
إنطلاقا من ( إللي طلصت سن يطلصها ) .
حيث شكلت مخلفات عهود الأنظمة السابقة في مجال الفساد تركة ثقيلة شملت جميع مناحي الحياة الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية. 
لدرجة أن الفساد أضحي ثقافة و ممارسة سائدة داخل المجتمع و هواية متأصلة لدي النخب الوطنية في إطار لوبيات متحكمة داخل مفاصل الدولة دأبت علي إفلاس المؤسسات العمومية و الشركات الوطنية و إدارات الدولة و نهبها و الإستحواذ علي كل مقدراتها و ميزانياتها نتيجة سوء التسيير و التدبير في ظل غياب الوازع الديني و الوطني لديها .
و التعود علي الإفلات من المساءلة و العقاب .
الشئ الذي ساهم في انتشار هذه الظاهرة علي نطاق واسع و تقويض مفهوم الدولة و عرقلة جهود التنمية و إعاقة المنجز و المأمول من المشاريع الوطنية الخدمية و الإنمائية .
و كرس الفوارق الإجتماعية من خلال الغبن و التهميش و زاد من إتساع خطابات الكراهية و الحقد داخل المجتمع كادت أن تلقي بظلالها علي التعايش و السلم الأهلي. 
حقا نحن بحاجة إلي حكومة بناء و تشييد تبني فوق نجاحات ما تحقق خلال المأمورية الأولي .
حكومة ستحرص وتعمل علي ضبط الأسواق و التحكم في الأسعار و تحسين وتوفير الخدمات الأساسية صحة ، تعليم ، ، كهرباء ،ماء ... الخ
 ستمكن الشباب من الولوج إلي الوظائف و المناصب العليا و مصادر القرار و ستمنح المرأة المكانة اللائقة بها ،فهي نصف المجتمع و حاضرة علي كل المستويات داخل المشهد الوطني .
ستعمل علي بناء مشروع إجتماعي إقتصادي و طني متكامل من خلال وضع إستراتيجية وطنية محكمة تهدف إلي تعميق الإنتماء الوطني وفق أصوله السليمة و الحضارية و تؤسس لحماية وحدته الوطنية من كل التحديات و المخاطر الداخلية و الخارجية و قطع الطريق أمام دعاة الفتن و التفرقة .
حيث تعتبر الوحدة الوطنية المرتكز الأساسي في إستقرار الدول و نمائها التي يقوم عليها البناء الوطني السليم .
و بالتالي تشكل هدف التنمية السياسية و غايتها الأولي .
إن المرحلة الراهنة تتطلب إرادة جادة و صادقة لإحداث التغيير عبر إرساء سياسات إصلاح ناجعة في ظل تكافؤ الفرص و تقسيم عادل للثروات تذوب فيه الفوارق الإجنماعية و تزول فيه أيضا حالات الغبن و التهميش و الإقصاء .
إضافة إلي ضرورة التصالح مع الذات و تغيير العقلية الحاصلة لدي النخب الوطنية القائمة علي الشأن العام و تغليب المصلحة العامة علي الخاصة .
نزولا عند الآية الكريمة من سورة الرعد ( إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم و إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له و مالهم من دونه من وال ) صدق الله العظيم .
إن محاربة الفساد تتطلب جهودا مشتركة في إطار إستراتيجية وطنية شاملة  
حيث يعد العائق الأبرز و التحدي الأكبر أمام قيام وحدة وطنية قوية و متماسكة تمكن من تحقيق تنمية مستدامة و ايجاد معيار مقبول للعيش الكريم قد يحد و يقلل من مخاطر هجرة واسعة و متواصلة للشباب خارج الديار . 
من جهة أخري يتطلع البعض  إلي تشكيل حكومة بناء إنسان عبر التعليم و التكوين
إذ يعد التعليم قاطرة التنمية الحقيقية في العالم و هو المقياس الحقيقي لنهضة الأمم و الشعوب .
حيث أن إعادة تطوير و بناء المنظومة التعليمية يتطلب الوقوف علي الإخفاقات و مكمن الإختلالات البنيوية علي مستوي الإستراتيجيات و السياسات و التجارب الماضية بغية تجاوزها و صياغة تصورات و مقاربات أكثر ملاءمة و واقعية .
إنطلاقا من أن التعليم في أي مكان من العالم يقوم علي أربعة عناصر أساسية هي : -
‐ المعلم .
‐ الطالب 
 -المدرسة .
‐ المنهج الدراسي .
يشكل الإهتمام بها مجتمعة نواة إصلاح التعليم .
كما أن التكوين الفني يعتبر هو الآخر من الأدوات الرئيسية لتحقيق برامج التنمية الشاملة للنهوض بالإقتصاد و دمج الشباب و توفير اليد العاملة الفنية المؤهلة للقيام بكل المهام في مختلف التخصصات بدلا من الإستعانة بأخري فنية من خارج الوطن. 
تأسيسا لما سبق يجمع كل المراقبين و المحللين السياسيين علي أن 64 سنة علي قيام الدولة المركزية و ثلاثة عقود من الممارسة الديمقراطية كانت كفيلة بالنهوض بالبلاد و العباد إلي بر الأمان و تجاوز مرحلة البناء و التأسيس و تصحيح الإختلالات البنيوية و التغلب علي النواقص و إرساء سياسات إقتصادية و تشغيل ناجعة .
و عدم تكرار العودة إلي المربع الأول من خلال ضبط الأمور و وضعها في قالب صحيح يؤسس لمرحلة جديدة من البناء و التشييد .
فموريتانيا تحتاج إلي سواعد جميع أبنائها و تتسع للكل .
لقد مرت البلاد بالعديد من المحطات و المنعطفات التاريخية البارزة التي انعكست تراكماتها لترسم ما آلت إليه الأوضاع اليوم و التي يصفها البعض بالأسوأ و المتدنية مقارنة بأحوال بلدان مجاورة نالت إستقلالها بالتزامن معنا رغم امتلاكها لموارد طبيعية أقل 
و بحكم ما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية متنوعة هائلة و تتميز به أيضا من نسبة كثافة سكانية قليلة .
وفي الأخير يبقي المؤشر الوحيد القوي لمدركات الفساد هو المقاربة القائمة علي ( دولة غنية بتنوع مصادر ثرواتها الطبيعية و شعب فقير ..) !
 
حفظ الله موريتانيا 

 

جمعة, 19/07/2024 - 01:14