مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

القاضي أحمد ولد المصطفى يكتب:  في تَأْبِين "جُنْدٍّ مَجْهُول"..

علمتُ اليوم بانتقال الرجل الوطني المخلص المهندس محمد الأمين ولد سيدي ولد أبحيد إلى رحمة الله، بإذن الله تعالى..

لقد عمل مهندس الاتصالات محمد الأمين ولد سيدي ولد أبحيد على مدى عقود من الزمن في خدمة وطنه في مجال الأمن عبر عمله في مجال الاتصالات..

شارك بكل جد وإخلاص وسرية وبفعالية كبيرة في عمليات تعقب وتتبع مخالفي القانون، وبالأخص مرتكبي الجرائم الخطيرة، وقادت خبرته الفريدة وتفانيه في العمل واستعداده الدائم في جميع الأوقات إلى القبض على مرتكبي وقائع خطيرة، وظل بنفس الفعالية والاستعداد والخبرة رغم التقدم في السن والمرض..

وقد خدمت خبرته عشرات التحقيقات، وظل دائما الجندي المجهول فيها، وأشهد له بالعفة والترفع والقدرة الفريدة على حماية المعطيات السرية..

يمكنني اليوم وقد مضى الفقيد حميدا، ودون خوض في التفاصيل، وعلى سبيل المثال فقط أن أذكر أن يقظته ومتابعته التي لا تنقطع لجزئيات عمله مكنت بعد أشهر من ضبط وكشف أدلة دامغة ضد مرتكبي عملية قتل وتقطيع شيخ مسن في مدينة نواذيبو سنة 2010، وكانت تلك الأدلة حاسمة في مسار إحدى أبشع جرائم القتل في البلاد..

وشارك بفعالية وشجاعة ـ وهذه أكبر ـ في إحباط إحدى أخطر العمليات الإرهابية التي استهدفت بلادنا، ويتعلق الأمر بمحاولة تفجير سيارات مفخخة في نواكشوط سنة 2011، وتعرض في هذه العملية ـ وهو في المقدمة ـ لمخاطر محققة، لكن عناية الله كلأته..

وقد فكّت خبرته ألغازا عديدة حول حالات اختفاء كثيرة، وأتذكر بشرف تهلله وانشراحه عندما يعلم بنجاح جهوده في فك حالة مربكة معقدة، ويمضي لينام في بيته دون إثارة..

وقد عمل الفقيد في السنوات الأخيرة في مجال مكافحة جرائم قرصنة المكالمات الدولية عبر شبكات الشركات المحلية، فأبلى في ذلك بلاء حسنا..

كان رجلا من طينة خاصة أمينا عفيفا مخلصا، يؤمن بالواجب وبالدولة الموريتانية، ولا يعط الدنية فيها، يجيد العمل في الظل، يضع خبرته ووقته تحت تصرف وطنه خدمة لمبادئه، ومنها مكافحة الجريمة..

برحيله فقدت موريتانيا رجلا وطنيا محبا مخلصا، وانفتح غَلْق من مغاليق مكافحة الجريمة..

اللهم إن محمد الأمين ولد سيدي ولد أبحيد في ذمتك، وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم..

أخلص التعازي فيه لأسرته وذويه، وللأمة الموريتانية..

إنا لله وإنا إليه راجعون.

خميس, 25/04/2024 - 14:22