مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

حارس بمقبرة "عرفات" يروي تفاصيل مثيرة حولها و"ظروف عمله"

كتب المدون البارز "اسحاق الفاروق": مررت بمقبرة "ابيكه"، وأثناء مروري تصادفت مع وصول جنازة للمقبرة، فقررت التوقف لأساعدهم في الدفن، دخلنا المقبرة وقمنا بدفن الميت رحمه الله.

أثناء الدفن لفت انتباهي ذلك السيد الذي يلحّ علينا في طلب شهادة الوفاة، وأهل الميت منشغلين في الدفن، أخذته أنا على جانب وسألته: لماذا لا تنتظرهم حتى ينتهي الدفن، فقال لي: لا، هذا عملي وعليهم تسليم شهادة الوفاة قبل الدفن.

المهم أننا انتهينا من الدفن، وبعد الدفن ذهب أحدهم إلى السيارة، وسلمه شهادة الوفاة فأخذها، وذهب إلى بيته الذي يقع عند باب المقبرة، وبدأ في إعداد الشاي.

خرجنا من المقبرة ثم عدت أنا إلى الحارس وسلمت عليه، وجلست عند الباب، فأعطاني لبنة أجلس عليها وناولني كأسا من الشاي، ورغم أنني كنت سأذهب إلى المنزل من أجل شرب الشاي إلا أنني لم أستطع أن أتناول ذلك الكأس داخل المقبرة فاعتذرت له بلباقة،

ثم سألته عن حاله فقال لي: الأمور بخير، قلت له إذا لم يكن هناك حرج أريد أن أطرح عليك بعض الأسئلة؟

فقال لي: نعم ليس هناك أي حرج.

فقلت له: ما الذي تفعله هنا؟ فقال لي: أنا حارس المقبرة أعمل هنا منذ سنوات، وأسكن في هذا البيت.

فقلت له: تسكن هنا دون أن تخشى أي شيء؟

فقال لي: نعم ليس هناك أي شيء أخشاه، فهنا ليس فيه إلا الأموات، سألته: هل أنت راض بهذه الوظيفية، فقال لي: نعم أتقاضى منها راتبا لا بأس به.

فقلت له: هل يسد هذا الراتب جميع حوائجك؟، فقال لي: لا لكنني أستفيد من موت الناس.

فقلت له كيف ذلك؟

فقال لي أنا من يتولى حفر القبر، وأساعد أهالي كل ميت يصل هنا، وفي الغالب وبعد الدفن يعطوني مبلغا، فقلت له: كم يعطوك، فقال لي: تارة عشرة آلاف، وتارة خمسة آلاف، وتارة ثلاثة آلاف.

إضافة إلى ذلك في الغالب يطلب مني أهل الميت بناء جدار على القبر كي لا يندثر مكانه، وتارة يطلبون مني لافتة يضعونها عند رأسه، ولدي صديق له خبرة في اللافتات والبناء فأستعين به، ونتقاسم المبلغ.

فقلت له: يعني بأنك تتمنى لنا الموت كي يزداد الدخل؟، فتبسم وقال لي: أبدا لا أتمنى لأحد الموت، لكنكم ستموتون جميعا، وأنا أيضا مثلكم سأموت.

فقلت له: ما هو الشيء الذي تحرص عليه هنا في عملك؟

فقال لي: أن لا يدفن شخص إلا ولديه شهادة وفاة.

فقلت له: هل فكرت يوما بترك هذه الوظيفية والبحث عن وظيفية أخرى بعيدا عن الأموات؟

فقال لي: لا لم أفكر في ذلك، ومجاورة الأموات أحسن عندي من مجاورة الأحياء لأنهم لن يتكلموا فيك ولن يضروك بشيء.

فقلت له: كم عدد الأموات الذي يصل يوميا هنا؟، فقال لي: لا أعرف بالضبط لكن "الناس ألا جاي الليل وانهار".

فقلت له: هل لديك عطلة في الأسبوع؟

فقال لي: نعم يعمل معي شخص آخر، وأتناوب أنا وهو على هؤلاء الأموات.

فقلت له: أنت الذي تسكن مع الأموات بما تنصح الأحياء؟

فقال لي: أقول لهم بأنهم سيدفنون هنا يوما ما، وسينساهم الجميع ولن يجدوا إلا ما قدموا.

 

أربعاء, 17/02/2021 - 12:07