مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

صنّاع الإشاعة وفيروس كورونا

محمد عبد الله ولد امهادي

 

لا يمكن لأي شخص يحترم نفسه ووطنه و له فطرة سليمة في جائحة كهذه إلا أن يسخر طاقته وكل قدراته لتكون جزء من الحل لا جزء من المعضلة أمام فيروس قاتل فتاك ضحاياه بمئات الآلاف حول العالم و جمعينا معرضون للإصابة به.
ومع ذلك للأسف رأينا كيف انتشرت صناعة الإشاعة وتطورت وأخذت تحرز مكانا لها كسلاح مدمر حديث في زمن تراجعت فيه الأسلحة التقليدية ولم تعد لتدمير مجتمع ما مطالبا بسلاح نووي ولا صواريخ عابرة وإنما تكفيك الكلمة الرنانة في قالب الفكرة المضللة لتنشر الخوف والهلع فتقضي بذلك على القدرة المناعية لذاك المجتمع في مواجهة خطر محدق، بالإستهتار به أوعدم الإيمان بطرق الوقاية وسبل النجاة المتاحة منه.
ومع أن الإشاعة سلوك سيء ومتفق على حرمتها شرعا ونبذها إلا أن انتشارها سريع كالنار في الهشيم وتأثيرها كبير أيضا على المتلقي خصوصا في أوان الأزمات والنفس البشرية عند الإحساس بالخوف تكون بالفطرة على استعداد لتلقي أي معلومات وتصديق كل ما هو مختلف أو تميل إليه تهربا من واقع معين..!
وقد أجمع مختصون في دراسة حديثة على أن "الأضرار غير المباشرة التي تسببها الإشاعات، ونظريات المؤامرة والمعلومات المغلوطة عن الصحة صارت أكبر من تأثير الفيروس نفسه".
وفي الآونة الأخيرة أصبحنا نشاهد تصاعدا ملحوظا ومريبا لهذه الإشاعات يختلقها منتحلون يدعون الخبرة في مجالات معينة ويهولون فيها ويختلقون أمورا كاذبة ومضللة بغرض الإرباك أو التشويه - ولا ندري من المستفيد من فعل كهذا - ..حيث سمعنا وشاهدنا تدفقا كبيرا لتلك الإشاعات في الأسابيع القليلة الماضية بعضها يتحدث عن نفاد مواد أساسية في السوق وبعضها عن أدوية معينة شائعة الإستخدام مما أدى في النهاية فعلا إلى وقوع فرضية الإشاعة بفعل هلع المواطنين وتوافدهم بأعداد كبيرة لشراء هذه المواد المشاع نفادها دون الحاجة إليها ربما، فقط لتأمينها خوف الإنقطاع المزعوم، وبذاك تؤدي الإشاعة دورها المغرض ببث الذعر وإرباك السوق وانعدام التوازن فيه .

وبترك "الحبل على الغارب" لموسم الإشاعات هذا جاء الدور على الجهات الصحية بالتشكيك في الأرقام المقدمة من وزارة الصحة من حالات إصابة وشفاء ووفيات تبدو في ظاهرها نصائح وتوجيهات وفي باطنها دسائس وإشاعات لا أكثر فصار متداولا على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأماكن العامة أن الفيروس كذبة مختلقة ولا وجود له في موريتانيا وأن ما يعلن إنما هو بغرض الحصول على تمويلات أو إعفاءات ما؛ إلى جانب دعاية أخرى أن كل الموريتانيين طاف عليهم طائف الفيروس في فترات ماضية واكتسبوا مناعة منه، وفي ظل فيروس كورنا و أزمته الصحية العالمية التي ثبت أن أنجع وسيلة لمحاربتها والقضاء عليها هو الإلتزام بالإجراءات الوقائية وهي نفسها المعلن عنها من وزارة الصحة في بلادنا.
وأمام بعبع الإشاعة المخيف هذا لا يسعنا كمواطنين إلا إظهار المواطنة الصالحة والشعور بالإنتماء لهذا الوطن والإلتزام بميثاق أخلاقي بإماتة هذه الإشاعات المضللة وعدم مشاركة المعطيات الخاصة بالجائحة إلا تلك الصادرة عن الجهات الرسمية أو المصادر الموثوقة، والمساهمة قدر الإمكان في توعية المحيط والوقوف بلا هوادة مع القوانين والعقوبات الرادعة لصنّاع الإشاعة وتجار الرعب!

ثلاثاء, 02/06/2020 - 02:57