مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

كاميرا "ميادين" ترصد الإهمال والحصار لنزلاء المقابر في نواكشوط

المقابر هي الملاذ الأخير للبشر عندما تصعد أرواحهم إلى باريها، بعد زيارة هادم اللذات ومفرق الجماعات ومعمر القبور وميتم البنين والبنات. لذا كان من المفروض أن تحظى هذه المقابر بالعناية من الأحياء، لأنهم إليها سائرون مهما طال الدهر أو قرب، فهم ضيوفا عليها في يوم من الأيام. وقد كانت المقابر تحظى بعناية من طرف الموريتانيين ويداومون زيارتها والاهتمام بها، إلا أنه خلال السنوات الماضية تقلص ذلك، فأصبح الاهتمام بالميت لا يتجاوز الأسابيع الأولى لرحيله عن هذه الدنيا الفانية، فلا زائر يزوره ولا من يضع علامة على قبره للتعرف عليه أثناء الزيارة، التي يختلف البعض حول مشروعيتها. ومدينة نواكشوط هذه، كانت أول مقبرة تعرفها بشكل رسمي هي المقبرة الموجودة في مقاطعة لكصر، والتي حاصرتها القصور المشيدة وبورص بيع السيارات ومحلات تجارية، والتي لا يستبعد أن يكون بعضها بني على جثث موتى.

وقد إمتلأت مقبرة "لكصر"، وأصبح الدفن فيها بطرق خاصة ولابد له من المعرفة للسماح بدفن الميت هناك أو دفع مبلغ مالي يصل أحيانا إلى الـ30 ألف أوقية قديمة، ورغم توفر هذه المقبرة على بيت للغسل، فإنه لا مداومة هناك، مما يجعل البعض يعمد إلى غسل ميته في الغرف المخصصة ببعض المساجد، والتي أصبح مسجد مصعب بن عمير (جامع ولد امحود) في مقاطعة تيارت ومسجد كارفور الـ"24" و"جامع الدعاة" في الرياض من أكثرها إرتيادا، حيث يتوجه إليه العديد من المواطنين بموتاهم ولو من أبعد نقطة في العاصمة.

مقبرة لكصر تم الإنتقال عنها مع نهاية السبعينيات، حيث تقرر حينها أن تكون المقبرة شمال نواكشوط على بعد تسع كلم، ليتم لاحقا أن تكون جنوبا على طريق روصو، وكان الوصول إليها حينها مستحيلا، نظرا لبعدها بالنسبة للبعض، وتم وضع لبنتها الأولى في تلك الفترة، وكان من أوائل الضيوف عليها المرحوم جدو ولد السالك أحد قادة إنقلاب العاشر يوليو 1978، لينضم إليه تباعا الكثيرون الواحد تلو الآخر، وكانت بتلك المقبرة مجموعة من العمال كانوا في البداية يعتمدون في أجورهم على منطقة نواكشوط قبل تحول إسمها إلى ولاية، ثم أحيلت تبعيتهم إلى بلدية نواكشوط، التي لاقى هؤلاء منها الأمرين، ثم أصبحوا تابعين لمجموعة نواكشوط الحضرية التي لم تكن أحسن حالا ممن سبقها في التعامل معهم وحاليا يفترض بأن يكون هؤلاء يتبعون لـ"جهة نواكشوط".

مقبرتا "عرفات" و"لكصر"، إمتلأتا ورغم ذلك فإنه من وقت لآخر يتم الحصول على قبور فيها، وتم تخصيص مدفن آخر على طريق روصو قرب  نقطة التفتيش التابعة للجمارك، وقد تم بناء حائط عليه وفيه يداوم بعض العمال للقيام بالغسل والدفن.

ومن الطريف أن عمال المقابر المداومين ينتظرون كل لحظة زائر جديد، وإذا لم يأتي، فإنهم يعتبرون "الشغله ماهي خالكه"، وإذا سألت أحدهم كيف العمل، يرد بعدم وجوده. وقد أصبح عمال الغسل منهم في شبه بطالة، نظرا لأن أغلب المواطنين أصبحوا يجهزون موتاهم في غرف الغسل بالمستشفيات أو المساجد. 

وتعاني المقابر من الحيوانات السائبة، خصوصا الحمير التي تقتحمها وتتنقل بين المقابر وتعبث فيها، نظرا لغياب الرقابة اللازمة عليها، وكذلك الأمر بالنسبة للكلاب التي تنتهك هي الأخرى حرمة تلك المقابر، كما أنها عرضة منذ بعض الوقت لما يعرف بـ"الكولابه" الذين يعمدون إلى نزع لوحات الموتى الحديدية، ليبقى صاحب القبر بدون تعريف.

سبت, 09/03/2024 - 11:48