مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الهدف الأسمى ومبرراته الواهية !

يبدو جليا، و من خلال نظرة تأمل بسيطة، أن للنظام والسائرين في فلكه من الموالاة مآرب أخرى من الاستفتاء على تعديلات دستورية ، قد تكون على قدر من الأهمية الوطنية بالنسبة لهم ، لكنها لن تكون أبدا على نفس القدر من الإلحاح، بحيث تصبح أولوية على الأولويات كالتعليم و الصحة والمستوى المعيشي للسكان و و و، الخ، إلا إذا كان وراء هذ الإلحاح هدف أسمى حتى من التعديلات نفسها. 

صرح رئيس الدولة السيد محمد ولد عبد العزيز أنه سيحترم الدستور وذلك في إشارة واضحة الى أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، ولكن المثير للجدل و التساؤلات هو عدم إكتراث وزرائه والمقربين منه بتلك التصريحات والإلتزامات، مما يجعل الشك قائما بمدى جديتها وحتى صدقيتها. الظاهر أن الرئيس لا يريد قطع الشك باليقين ، فلو أراد ذلك، لأمر المطبلين بالكف حتى عن ذكر كلمة مأمورية في خطاباتهم ، وبالتأكيد سيمحونها من قاموسهم اللغوي .

فعل الشيوخ ما فعلوه و ظنوا أن المعركة قد حسمت، ولكنهم نسوا أن للكعبة رب سيحميها. جاء حامي الدستور ليشق طريقا آخر لفرض تعديلاته، فالطرق عديدة وكلها تؤدي الى روما، وروما هنا قد تكون هي الهدف الأسمى (المطالبة الشعبية بالمأمورية الثالثة). 

بدأت مسيرات الدعم وخرجات الوزراء في الداخل من أجل شرح التعديلات للسكان المحليين، لكن المتابع لتلك الخطابات سيلاحظ بشكل واضح أن التعديلات لم تحظ الا بالنزر القليل منها،  وأن التركيز كان على إقناع السكان بمطالبة الرئيس أن يترشح لمأمورية ثالثة، و أن الشعب سيظل متمسكا به ، وهو الخطاب نفسه الذي ظهر في المداخلات ليلة افتتاح الحملة وأمام سيادة الرئيس ، ثم إن الأغاني كانت كلها تمجد الرئيس وتطالبه بالبقاء . ألا يعني هذ أن المطالبة  بالمأمورية الثالثة تشكل هدفا أسمى بالنسبة لهولاء؟ 

يبرر دعاة المأمورية الثالثة مطالبتهم هذه بأن الرئيس أنجز مشاريع عملاقة للوطن، وأنه في طريقه لإنجاز أخرى، وبالتالي يظل بقاؤه ضروريا للحفاظ على تلك  الإنجازات .

تتمثل الإنجازات التي يفتخر بها هؤلاء والتي تحقّقت نسبيا، في مجال البنى التحتية كالمطار والطرق، و الأمن، ومجال الحريات العامة وإصلاح الحالة المدنية. إلا أنه مهما كانت الإنجازات التي حققها النظام، فإن الأمر يجب أن لا يصل الى درجة أن مثله لم ولن تلده أمه على أرض موريتانيا، اللهم إلا إذا كان إبنه هو. ثم إن الأمم لن ترتبط بشخص معين ، والتناوب السلمي على السلطة يقتضي من الرئيس أن ينهي مأمورياته المنصوصة في الدستور ويرحل، وإلا فلا معنى لتحديدها أصلا . 

سأكتفي بعدد قليل من الملاحظات التي تشير الى بعض المجالات التي أخفق النظام فيها إخفاقا بيّناً لا غبار عليه.

أولا: تقدم الدول و تطورها لا يقاس بمعيار واحد، فمع أهمية البنى التحتية التي تحقق بعضها فإنها تبقى معيارًا واحد و لا يكفي  لكي نحكم على النظام أو رئيسه بصاحب الإنجازات العملاقة.

ثانيا: ما أهمية أن نصدر الكهرباء ومقاطعات عاصمتنا تتناوب على المبيت في الظلام الدامس

ثالثا: ما قيمة أن نبني جامعة كبيرة ولم نستطع تزويدها بطلاب متميزين (نسبة النجاح في البكالوريا 8% فقط) 

رابعا: ما قيمة أن نبني مستشفيات والمرضى يموتون بداخلها بسبب عدم العناية و انعدام الأدوية والاجهزة، والأطباء يعملون في ظروف جد صعبة

 خامسا: كيف نفهم أن النظام يقف الى جانب الفقراء والمحرومين، وهو يتفرج عليهم يعانون أشد الجوع والعطش ، ويكتفي بفتح حانوت و كأنه مشروع عملاق.

اذن فليفهم سيادته و المهرولون وراءه والمصفقون له أن قاعدة عريضة من مثقفي أبناء هذ البلد العزيز لن تنطلي عليها أكذوبة الإنجازات التي تحول الجزئيات البسيطة الى مشاريع عملاقة، من أجل إخفاء العجز الكبير والفساد المستشري في قطاعات عدة تشكل العمود الفقري لكيان الدولة، كالتعليم والصحة والاقتصاد والادارة و و و ،الخ.  كما أن كل المبررات و الحجج التي يتغنون بها واهية، ولا يقبلها المنطق، لما يحفها من التناقضات الواضحة ، فهي تنم إما عن القصور في الرؤية، أو التخطيط لأمر ما لا يخدم البتة المصلحة العامة للوطن، وغير معروف العواقب.

 

محمد احمد الدح / كندا 

أحد, 23/07/2017 - 01:02