د.هارون ولد عمَّار ولد إديقبي رئيس محكمة ولاية انواكشواط الجنوبية
دُونَ تَعَمُّقٍ؛
استحسن المشرع الوضعي لفظ الحمايةPROTECTION La كتعبير عن الاحتياط في وقاية الشخص أو المال من المخاطر، وضمان الأمن و السلامة بواسطة الوسائل القانونية أو المادية الكفيلة بذلك، و لقد أحسنت الشريعة الإسلامية حين عبرت عنه بالحفظ أي حفظ المصالح يقول الشاطبي:" وحفظ المصالح... يكون بأمرين أحدها ما يقيم أركانها ويثبِّت قواعدها، والثاني بما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم".
وتعتبر الحماية الجنائية من أهم أنواع الحماية التي يكفلها الشرع والقانون ويتجلى ذلك في خطورة وسيلتها وشرف غايتها، لاعتمادها على الجزاء كوسيلة قانونية لتحقيق تلك الحماية، لذا كان القانون الجنائي أداة هامة من أدوات الضبط التي تمارسها الدولة لحماية الحقوق، و أولى تلك الحقوق بالحماية ما يرتبط منها بالطفولة كعنوان من العناوين المُدوِّية للهَشَاشة التي يجب أن تنعم بالحياة، وأن تصان تلك الحياة من أي اعتداء؛ ويختزل المدلول اللغوي معنى الهشاشة في لفظ الطفل الذي يعني الرَّخْصُ الناعم الرقيق و هو مدلول يبين هشاشَة جعلت البشرية تحيطها بضمانات أساسية غير مسبوقة للحماية تجسيدا لأهمية هذه المرحلة المبكرة من مراحل الحياة الإنسانية التي يعتمد فيها الفرد على غيره اعتمادا كليا قبل اكتمال نضجه العقلي والنفسي والخَلْقي والروحي.
و لقد عبَّر المشرع الوطني عن هذه المرحلة تعبيرات متعددة في عدة نصوص قانونية منها الأمر القانوني رقم:162- 1983 المتضمن القانون الجنائي، حيث عبر عن صاحبها بالطفل و القاصر، وفي قانون الإجراءات الجنائية رقم:36-2006 حيث يعبر بالحدث و القاصر، وفي القانون رقم:015-2005 المتعلق بالحماية الجنائية للطفل يطلق عليه الطفل و القاصر و الحدث ،وهي نفس الاطلاقات التي وردت في القوانين ذات الصلة، وكلها تعبيرات تتفق في الدلالة على صغر السن وما ينطوي عليه من ضعف عقلي ونفسي و بدني، و إن اختلفت الاتجاهات الإنسانية قديما في تحديد مداها فإن الأمم اليوم اتفقت على تحديد أقصاها بسنَّ 18 سنة كدليل مطرد على رشد الإنسان العقلي لتحمل تبعات أفعاله، و ليكون مسؤولا جنائيا عنها، و بها تكمل الأهلية المدنية لصحة التصرفات الصادرة عنه، وقد تجسَّد هذا في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادقت عليها موريتانيا بتحفظ عام بموجب القانون 026/1990 بتاريخ:19/10/1990،و التي تنص في مادتها الأولى على انه: لأغراض هذه الاتفاقية، يُعْنى بالطفل أي إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة.."، وتطبيقا لهذه المادة، والمادة 40 من نفس الاتفاقية التي صادقت عليها موريتانيا بتحفظ عام ، ونشرت بالجريدة الرسمية [العدد 1326] نصَّت المادة:الأولى من الأمر القانوني رقم: 015\2005 المتضمن الحماية الجنائية للطفل على انه: يعتبر طفلا في مفهوم هذا الأمر القانوني كل إنسان يقل عمره عن ثماني عشرة سنة".
وبهذا حسم المشرع الوطني تحديد الفترة الزمنية للقصور وسن الطفولة التي يحتاج فيها الطفل إلى حماية من نوع خاص إنْ على مستوى المسؤولية، أو التجريم ، أو العقوبة ، والمتابعة، والحكم.
فعلى مستوى المسؤولية ميَّز المشرع الوطني كغيره من التشريعات الحديثة بين ثلاث مراحل من مراحل القصور الجنائي MINORITÉ PÉNALE بحسب سنِّ القاصر أو الطفل:
مرحلة انعدام الأهلية والتمييز و هي المرحلة التي تسبق سن السابعة وفيها تنعدم المسؤولية الجنائية للطفل كلاًّ[المادة: 2 ق ح ج ط].
مرحلة نقص الأهلية أو ضعف الإدراك وتمتد من سن السابعة إلى سن الخامسة عشرة و يكون الطفل فيها ذا مسؤولية مخففة .
مرحلة دنُوِّ البلوغ مع نقص الأهلية وتمتد من سن 15 إلى 18 يكون فيها الطفل ذا مسؤولية ناقصة بسبب حالة القصور القائمة التي تنتج العذر القانوني excuses juridiques المخفف وهو حالة قانونية يترتب عليها مع قيام الجريمة و المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كان العذر معفيا، أو تخفيف العقوبة إذا كان العذر مخففا ومن أهم تجلياته صغر السن ، أو القُصور.
و نلاحظ أن المشرع الوطني تشبث بضابط "التمييز" الذي رتَّب عليه آثارا عقابية في القانون الجنائي [المواد:60؛61] وجعله معيارا مفرِّقا في الجنايات المرتكبة من قبل الأطفال حيث تنص المادتان الآنفتان على أنه:" يحكم بالبراءة على المتهم الذي تقل سنه عن ستة عشر سنة ويثبت أنه تصرف دون تمييز... إذا ثبت أنه تصرف بتمييز يحكم عليه بالعقوبات التالية.." وعليه يكون المشرع هنا مقصِّرا في الحماية وبشكل صريح في مجال الجنايات، لأنه في مجال الجنح تجاوز بالحماية سن 15 سنة حيث تنص المادة:63 من نفس القانون على أنه " في جميع الحالات التي يرتكب فيها القاصر البالغ من العمر ستة عشر سنة جنحة بسيطة فإن العقوبة المطبقة عليه لا يمكن أن تتجاوز نصف التي كان يستحقها لو أنه كان يبلغ ثماني عشرة سنة"، وهذا الاتجاه تم تكريسه في القانون الخاص بالحماية الجنائية للطفل على مستوى الجنح بينما تمِّ التغاضى عنه على مستوى الجناية، فباستطاعتنا أن نقول إن المشرع لا يكرس الحماية القانونية للطفل الجانح [القاتل] البالغ 16 سنة، وهو ما جعل هذه المرحلة تتضارب فيها أذهان القضاة لانعدام النص الصريح بين من يعتدُّ بالعذر القانوني (صغر السن) وبين من يحكم عليه بعقوبة الإعدام كالبالغ تماما، وفي هذا الإطار جاء حكم محكمة الاستئناف الغربية في قرارها ذي الرقم:033/2017 بتاريخ:16/03/2017، و هو فهم يعتبره البعض مناقضا لما اتجه إليه القانون الوطني الخاص بالحماية الجنائية للطفل، و متعارضا مع صريح المادة: 6 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الذي صادقت عليه بلادنا بموجب القانون رقم:027- 1999 بتاريخ:20 يوليو 1999 دون أن تتحفظ على البند الخامس منه الذي ينصُّ على أنه:" لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر"، بل يؤثر على مستوى الحماية المترتب للطفل غير بالبالغ 18 سنة و إن كان مميِّزا، وهو شرخ للمبدأ الجنائي القاضي بتخفيف مسؤولية الطفل الذي يتبناه في المشرع الوطني.
وعلى مستوى التجريم واعتبارا للهشاشة و القصور فإن المشرع بالغ عن قصد في توسيع نطاق التجريم مكرسا بذلك حماية خاصة للأطفال، حيث شمل مجال التجريم بـ:
شخص الطفل فيما يتعلق بالاعتداء على حياته عمدا أو خطأ.
سلامته البدنية والنفسية، وحفظه من التعذيب والأعمال الوحشية، و المعاملات العنيفة (الضرب والجرح) والتهديد و الاعتداءات الجنسية كالاغتصاب، والمراودة .
تعريضه للخطر أو الغرر بتركه أو عرقلة إجراءات إغاثته أو إجراء التجارب عليه، أو قطع الحمل أو دفعه إلى الانتحار ..
حريته من حيث الاعتداء عليها بالخطف أو الحجز.
كرامته بتجريم القوادة والجرائم المماثلة، و تمهين الطفل وعمله وظروف العمل.
شخصيته بتجريم الاعتداء على حياته الخاصة والوشاية والكاذبة ضده والاعتداء على سره المهني الخاص ، وعلى سرية مراسلاته وباستخدام ملفاته المعلوماتية.
سلامته الأسرية بتجريم المساس بممارسة السلطة الأبوية الشاذة، أو المساس بنسبه.
ممتلكاته بتجريم الاحتيال وخيانة الأمانة و الإخفاء و أعمال التخريب والتشويه والإتلاف..
إن حصر الأفعال الجرمية في ما تقدم يؤدي إلى التحكم في التجريم تكريسا لمبدإ الشرعية ، وهو ما يحول دون امتداده إلى كل ما يخدش المصلحة الفضلى للطفل ليس في جسده وشخصه بل في صحته وتعليمه ووجدانه، وسلوكه.
و على مستوى العقوبة فان المشرع الجنائي اعتمد عقوبات جنائية صارمة تقديرا لحالة القصور خصوصا فيما يتعلق بجرائم الاغتصاب والتعذيب والاعتداءات الأخرى و في كافة الأفعال التي يقع الطفل ضحيتها، أما الأفعال الجرمية التي يرتكب الطفل فقد جنحها جميعا ورتب عليها عقوبات جُنْحِية ، و عندما تكون العقوبة المسلَّطة سالبة للحرية فانه يكرس مبدأ تَنْصيفها [المادة: 63 ق ج، و المادة:4 ق ح ج ط] وإمكانية التجنيح في جميع الجنايات فيما عدا جناية القتل.
ورغم أن المشرع يحمي القاصر انطلاقا من فلسفة تخفيف العقوبة واعتماد التدابير الإصلاحية من سلبيات العقوبة السجنية التي لم تعد الترياق الأنجع لمعالجة الانحراف، إلا أنه لم يكن واضحا في تحديد عقوبة الجرائم ذات الطابع الأخلاقي أو الجنسي [انتهاك حرمات الله، و ممارسة الفاحشة..و الشذوذ] التي يقترفها القاصر خصوصا إذا كان أنثى بَانَ بها حمل، مما يؤدي إلى تضارب الأفهام فقها وقضاء حول الإعفاء من العقوبة للقصور العقلي، أو تسليطها بالنظر إلى البلوغ الطبيعي(الفسيولوجي)، تضاربٌ أدى إلى غياب معالجة ما نتج عن ممارسة الفاحشة من ولد، وهو ما يطرح إشكالا مجلجلا حول الحماية القانونية للطفل فاعلا أو مفعولا به في مجال الجرائم ذات الطابع الجنسي.
إن إعمال كافة البدائل عن الاعتقال المنصوص عليها في قانوننا الوطني كوقف العقوبة [المواد:170-171-172]، ومنع النطق بالحبس في حق الطفل الذي لم يبلغ عمره خمس عشرة سنة [المادة:5 ق ح ج ط]، و الوضع تحت سلطة أبويه أو تحت رعاية أي شخص يوثق فيه، أو إيداعه في مركز لإعادة التأهيل الاجتماعي لمدة يقدرها القاضي، يعد ضرورة بادية ليس فقط من الناحية النظرية بل من الجانب التطبيقي، فغياب الفضاءات الخاصة بتلك التدابير يؤدي إلى عرقلة التأهيل وفاعلية النصوص. وهو ما يجعل إنشاء محاظر نموذجية لتربية الأطفال الجانحين، وفضاءات مغلقة ومؤسسات مهنية تابعة للدولة مخصصه ضرورة ملحة اليوم تفرض مراجعة المقتضيات الواردة في المادة:185 وما بعدها من قانون الحماية الجنائية الخاصة بالأشخاص والهيئات والمصالح التي تستقبل الأطفال الجانحين، كما توجب تعديل المرسوم رقم:69\2009 بتاريخ:2\03\ 2009 المتضمن تحديد الإجراءات البديلة لحبس القصر المتنازعين مع القانون من أجل الاستفادة من بدائل الحبس الذي تثبت نَجَاعتها اليوم في معالجة جنوح الأحداث.
ورغم أن الطفل يمكن أن يوضع قيد الحراسة النظرية شريطة أن يكون بالغا 15 سنة تحت إشراف قضائي بواسطة ضبطية (مفوضية، او فرقة) متخصصة في مجال الأحداث على مستوى كل مقاطعة، و لا تتجاوز مدة الحراسة النظرية للطفل 24 ساعة، تتم في مكان خاص منفصل عن مكان حراسة البالغين مع التنصيص على ضرورة فصل الجنسين، و لا يمكن تمديدها إلا بإذن من وكيل الجمهورية أو من القاضي المختص ولمدة يحددها القاضي، على ألا تتجاوز 24 ساعة، و يتم استجوابه بحضور مساعدة اجتماعية للطفل أٌلزم الضابط بالتعاون معها، كما أُلزم بالاستعانة بالمحامي الذي يجب عليه أن يدلي بملاحظاته ليتم تدوينها في المحضر عند الاقتضاء ، كما ألزم بانتداب طبيب لفحص ومعاينة الطفل يرفق تقريره في ظرف لا يتجاوز 48 ساعة ابتداء من تاريخ تعيينه بملف المتابعة ،كل ذلك طبقا للمواد:101؛102؛103 من قانون ح ج ط، فإن هذه الإجراءات إن لم تُرَتَّب آثارا من قبيل بطلان الإجراءات، وتفعل الدُّفوع بها أمام المحكمة، وتصان بسن عقوبات جنائية على مخالفتها، وتعزز بالرقابة ستبقى إجراءات محلِّقة بدون جدوى.
ولا شك أن تبني المشرع لمبدأ إلزامية التحقيق في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث طبقا للمادة:71 من قانون الإجراءات الجنائية، و إحاطة هذه المرحلة بضمانات تعزز الحماية بواسطة قيام قاضي التحقيق على نحو عاجل بالأبحاث الضرورية لإظهار الحقيقة والإطلاع على حالة الطفل، ومعرفة الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيله في مدة لا تتجاوز 3 أشهر تمدد بصفة استثنائية مرة واحدة و بنفس المدة بواسطة أمر صادر عن رئيس غرفة الأحداث استنادا على تقرير مسبب من قاضي التحقيق طبقا للمادة:113 ق ح ج ط ، ثم عن طريق تحجيم مساحة الحبس الاحتياطي الذي لا يلجأ إليه إلا في حالة الضرورة القصوى بل على قاضي التحقيق تسليم الطفل لذويه أو لأي شخص يوثق به أو إيداعه لدى مركز للاستقبال أو في مركز للرعاية كلما كان ذلك ممكنا، يعد ضمانة مهمة بيد أن غياب المراسيم الواردة في المواد:[117؛118؛123131؛158؛174] المحددة لتلك المؤسسات و الإجراءات الخاضعة لها يعد عائقا كبيرا دون الاستفادة من هذه البدائل و آليات التأهيل.
بالإضافة إلى غلِّ يد الجمعيات المتخصصة عن ممارسة الحقوق المخولة للطرف المدني طبقا للمادة: 109 خصوصا في الجرائم المتعلقة بالتعذيب والأعمال الوحشية وأعمال العنف والاعتداءات الجنسية المرتكبة على شخص طفل، بتعليق ذلك الحق على تحريك الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المتضرر أو ممثله مما يجعل حقوق الطفل دون حماية عند تغوُّل الأعراف والتقاليد التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى هدْر حقوق الطفل من قبل عائلته، وتتجلى خطورة المسألة في سحب الشكاية الذي تمارسه العائلة في جرائم الاغتصاب وهو ما يؤدي إلى التعدي على مصلحة الأطفال عن طريق تفاهمات البالغين على حقوقه.
وعلى مستوى المحاكمة فقد تجسدت الحماية في التنصيص على إنشاء محاكم متخصصة على مستوى القضاء الابتدائي، والاستئناف تتألف من تشكيلة خاصة اشترط فيها تمتع أعضائها (قضاة ومحلفين) بالتجربة والتخصص في مجال الأحداث طبقا للمادتين: من قانون الحماية الجنائية للطفل، وقد حدد المرسوم رقم:237\2010 بتاريخ:08 نوفمبر 2010 مقرها واختصاصها الترابي.
إلا أن غياب تطبيق هذه المقتضيات على ارض الواقع أدى إلى إفراغها من محتوى الحماية، فإلى الآن لم توجد هذه المحاكم الجنائية الخاصة بالأحداث إن ْ على المستوى الابتدائي، أو الاستئنافي بل ظلت جزءا من المحكمة الجنائية وبنفس التشكيلة، وفي غياب واضح للمحلفين المختصين الذين نص المشرع على الطريقة الخاصة التي يعينون على اختيارهما من بين الأخصائيين في شؤون الطفل يعينان بمقرر مشترك من الوزراء المكلفين بالعدل والطفولة والشؤون الاجتماعية"، وهذا ما أدى في كثير من الأحيان إلى معاملة الأحداث بصورة خاطئة انطلاقا من عقلية متذبذبة بسبب تباين الأنظار حول مسألة البلوغ وما يترتب عليه وهي مسألة غير المحسومة بوضوح في قانون الوطني.
وفي مجال التنفيذ العقابي فقد أحسن المشرع الوطني حين أطلق على الفضاءات الإصلاحية (العقابية) الخاصة بالأحداث مراكز الحماية والدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون طبقا لأحكام المرسوم رقم: 184\2007 بتاريخ:01\11\2007 ، و أوجب المشرع تسليط تلك العقوبة في مؤسسة اعتقال خاصة بالقصر [المادة: 159 ق ح ج ط] مكرسا بذلك الوضعية الخاصة لهذه الفضاءات الإصلاحية، وهو ما يوجب المراجعة الفورية للمقرر رقم:1524 بتاريخ:09\09\2003 الصادر عن وزير العدل المتعلق بالنظام الداخلي الخاص بمراكز إصلاح الأطفال المنحرفين،ورفع سقفه من قرار إداري إلى عمل تشريعي، ليطابق المقتضيات الدولية التي تعكسها القواعد النموذجية لتسيير تلك الفضاءات كـ: قواعد بيجين الخاصة بإدارة شؤون فضاء الأحداث لسنة 1985 ، ومبادئ الرياض التوجيهية حول رقابة جنوح الأحداث لسنة 1990، وقواعد هافانا لحماية الأحداث المتنازعين مع القانون لسنة 1990، بالإضافة إلى الإعلانات الإقليمية في مجال تسير الفضاءات السجنية الخاصة بالإحداث.
وكخلاصة فإن الحماية القانونية للأحداث تقتضي مراجعة المقتضيات المتعلقة بسن القصور في قانوننا الوطني، والعقوبات والتدابير الإصلاحية المسلطة على الطفل، و تفعيل الإطارات المؤسسية للرعاية ( مراكز الاستقبال و التكوين والرعاية، والجمعيات الخاصة)، والاستفادة من تجربة المحاظر النموذجية الموجودة على التراب الوطني، وترسيخ ثقافة حقوق الطفل لدى المتعاملين مع الأطفال قضاةً، وأعوان قضاء، وتعزيز التخصص لدى الضبطية القضائية والقضاة وهيأة الدفاع، بالإضافة إلى تفعيل المحاكم الجنائية الخاصة بالأحداث، وتعيين المحلفين فيها بصورة قانونية، وتعزيز الصرامة في مجال التربية الأسرية، وتسجيل وتقييد الأطفال فور ولادتهم، والاستفادة من مكتسب القيد البيومتري المؤمن الذي تشرف عليه الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة في ضبط وتحديد تواريخ ازدياد الأطفال، وترتيب الجزاء على عدم تسجيلهم فور ولادتهم كما هو واد في المادة الأولى من ق.ح ج ط.
وما من شك أن مراجعة المقتضيات القانونية الآنفة اليوم ستؤدي لا محالة إلى سد تلك الثغرات ومعالجة النواقص البينة لتتعزز الحماية القانونية الممنوحة للأحداث في قانون الوطني ويبقى المعول حاليا على مشرعينا لمعالجتها من خلال تعميق النقاش في مشروع القانون المتضمن إنشاء مدونة الحماية القانونية للطفل.