قرر ملاك ومؤجروا سوق العاصمة الموريتانية المركزي يقررون الإضراب، وذلك ابتداء من يوم غد الخميس، احتجاجا منهم على الطريقة التي تتعامل بها معهم الحكومة الموريتانية.
وقال هؤلاء في بيان لهم، توصلت صحيفة "ميادين" نسخة منه: "استفقنا نحن ملاك سوق العاصمة نواكشوط قبل سنوات قليلة على قرار من السلطات يقضي بهدم سوقنا فورا ورمينا في الشارع، بحجة أن بناياته متهالكة وآيلة للسقوط، ويجب إفراغها فورا قبل أن تنهار فوق رؤوس الجميع.. فما كان منا إلا أن أخبرنا السلطات بأن السوق مملوك من جهاته الأربع لخواص، وأنه لدينا وثائق سند عقاري، تثبت هذه الملكية، وبالتالي فإن أي قرار حوله، يجب أن يتم بالتشاور معنا نحن الملاك قبل تنفيذه.
بعدها قررنا التأكد من حقيقة وضع السوق من طرف جهة محايدة، تتمتع بالخبرة والمصداقية.. فتعاقدنا مع مكتب أجنبي مختص، يدعا: " كوتيم"، فتوصل إلى أن الوضع ليس بتلك القتامة التي رسمتها الحكومة، وأن السوق قابل للترميم..عندها قمنا فورا بإطلاع الجهات الرسمية على هذه النتائج المتسمة بالحياد والمصداقية، وعقدنا من أجل تجاوز ذلك القرار التعسفي، سلسلة اجتماعات مع وزراء ولجان وزارية، توجت باجتماع مطول مع الوزير الأول الحالي: السيد يحيي ولد حد أمين، الذي قبل في النهاية أن نتولى نحن ترميم سوقنا، استجابة للدراسة العلمية الآنفة الذكر.. فنظمنا مناقصة، فازت فيها خمس شركات من أصل عشرة، تقدمت بعروض لهذه المناقصة.
وللشروع في التنفيذ، طلبت منا هذه الشركات الفائزة إذنا مكتوبا من السلطات المعنية، فتقدمنا به، فوافقت عليه البلدية ووزارة الإسكان والعمران، لكنه بقي في درج مكتب والي ولاية نواكشوط، الذي احتفظ بالطلب في مكتبه إلى يومنا هذا، دون تفسير أو تعليل.. وبهذه المناسبة، فإننا نحمل الدولة مسؤولية أي ضرر ينتج عن تعطيل عملية الترميم الموصى بها من طرف جهة محايدة وذات مصداقية.
ورغم هذه المسيرة الطويلة من الأخذ والرد مع قطاعات ولجان حكومية، فو جئنا مؤخرا برسالتين، إحداهما من وزارة الاسكان والعمران، رقم:92/2017، بتاريخ: 14/03/2017، موجهة إلى وزارة التجارة، والأخرى من وزارة التجارة، رقم: 402، بتاريخ: 10 مايو 2017، موجهة إلينا نحن ملاك سوق العاصمة، تأمرنا بإفراغ سوقنا قبل نهاية 2017، وتؤكد أنه سيتم هدمه مطلع 2018 .. فكانت صدمة لنا ودليلا ملموسا على إصرار السلطات على نسف كل ما سبق، وبرهانا على تنكرها لقوانين ودستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، القاضية بوجوب احترام الملكية الفردية.
فرغم أننا ملاك بحكم تسجيل ممتلكاتنا العقارية الموجودة بهذا السوق في السجل العقاري.. إلا أننا- رغم ذلك - وجدنا أنفسنا أمام حكومة، ترفض الانصياع لدستور وقوانين البلد وصريح الشرع، وتصر على تجاوز جميع الخطوات الآنفة الذكر، ولا تقيم وزنا للملكية الخصوصية وترفض تقبل السند العقاري حجة للتملك، وأداة تحتم التفاهم مع من يدلي بها، وتتجاهل رأي الخبراء الدوليين حول حقيقة سوق العاصمة.
فأصبحنا أمام خيارين أحلاهما مر:
1- التفريط في ثروة توارثتها أجيال ثلاثة، فيها لليتامى والأرامل نصيب وافر.
2- أو المواجهة مع سلطة، لم نشأ أن نصبح في يوم من الأيام في غير صفها، جنودا مجندين لخدمة الوطن والصالح العام.
فبمن نستنجد إذن؟ ولمن نوجه شكوانا، إذا كان القاضي هو الخصم والحكم؟
إننا واثقون في أن الموريتانيين متشبثين، بمعالم عاصمتهم، وبما تختزنه ذاكرتهم حول سوق العاصمة.. هذا السوق، الذي واكب نشأة الدولة وتلون بمحطات هامة شهدتها البلاد، فكان جزءا من تفاعلاتها وشاهدا عليها، يحتل وطنيا مكانة رمزية، تماثل القيمة الرمزية للأسواق القديمة في الدول العريقة.
سوق شيد على مساحة قررت الدولة الموريتانية وقتها أن تكون سوقا مركزية لعاصمتها.. فلا هي شيدت على أنقاض مدرسة أو ثكنة، أو مؤسسة صحية، وإنما هي مرفق، ظل يؤدي بجدارة المهمة التي من أجلها أنشئ.. فكان القلب النابض للمعاملات التجارية بين غالبية الموريتانيين في الداخل والخارج، وشكل فضاء، عكس العبقرية الموريتانية، في أجمل صورها.. دخله كثيرون وهم معدمون، فوصلوا إلى مستوى معيشي، فاق أحيانا أحلامهم ومستوى طموحاتهم.
إننا نحن ملاك ومؤجروا سوق العاصمة، نرفض رفضا باتا وجازما أي مساس بممتلكاتنا، التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.. ونؤكد بحزم أننا سنقوم بإضراب شامل يوم غد الخميس الموافق 25/05/2017 ولن نستكين لواقع كهذا، يستخف بنا ويصادر ممتلكاتنا، دون وجه شرعي ويضطهدنا في وطن، كنا نعتقد بقناعة أنه لن يكون غير الحاضن الحاني.. ونرجو أن لا تتحول أحلامنا الوردية في وطن ينصف المظلوم ويحترم الحق ويدافع عن كرامة المواطن إلى كابوس مفزع، فيه تظلم الناس ويضطهد الأبرياء ويعتدي على ممتلكاتهم، التي أوجب عليهم الشرع الدفاع عنها والتضحية بالمهج دونها.