مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

هل مات ولد محمد فال حتفَ أنفه؟!/ حنفي ولد دهاه

كان اعل ولد محمد فال أيقونة المعارضة الموريتانية، لما يتميّز به من خصال أضفت على العمل المعارض جدية ونجاعةً، فتجربته

 في إدارة الأمن عشرين عاماً، وحكمه للبلاد سنتين كانت الظروف السياسية فيها بالغة الدقة، وإدارته حتى وهو خارج السلطة لشبكة استخبارات و تجميع معلومات، 

والاحترام الذي يحظى

 به لدى المجتمع التقليدي، وسمعته وعلاقاته  الدولية، إضافة لما يتمتع به من حصافة رأي وسداد في التفكير و دهاءٍ في التدبير، 

ومعرفة عميقة بمواطن ضعف

 النظام الحاكم ومكامن خلله و نقاط مقتله، و جديته في مناوئته، و بذله كل وسائله المادية و المعنويةمن أجل ذلك، تجعل منه المعارض 

الأشرس لنظام 

ولد عبد العزيز.

في وقت فاصل من المناجزة بين ولد عبد العزيز و معارضته، التي ينخرها سوس الاختراق و الاستخبار، حيث يسعى الجنرال الانقلابي، 

الذي تجاوز كل 

الحدود في فساده و إفساده، الباحث عن البقاء في السلطة، أو الخروج منها بضماناتعدم المتابعة القانونية.. و هو أمرٌ لم يكن يجد صعوبة

 في تمريره لولا 

رجال قلائل في معارضته، من أمثال اعل ولدمحمد فال الذي ظلّ قذى عيني نظامه و عوّارها..

و لكي يحتوي ولد عبد العزيز معارضة ابن عمه الجسور، أرسل إليه منذ قرابة شهرين وسطاء من أقاربه، لإصلاح ذات البين و استعادة الصفاء، 

فاشترط ولد محمد فال شروطا للمصالحة رأها ولد عبد العزيز بالغة الإجحاف. و يقول ولدمحمد فال لأحد من تحدث إليهم في الموضوع 

“إنه لم يكن من شروطه ما كان شخصياً، و إنما كانت كلها ضمانات لتنميةالديمقراطية، و تحقيق تناوب جاد في 2019″.

الرجل الذي كان صخرة صماء في وجه معاول ولد عبد العزيز، و الذي كانت مساعيه سبباً في الضغوط الخارجية التيانتزعت منه

 تصريحات بعدم الترشح، 

و الجهاز الكاشف لأكاذيب ولد عبد العزيز و مخططاته للوقيعة بمعارضته، و الذيلم يستمله ترغيب و لا ترهيب، يفارق الحياة 

يوم 5 مايو في بادية نائية بتيرس الزمور.

إلى هذا الحد يظل الأمر طبيعياً.. فما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت..!..

و علة الوفاة المفاجئة نوبة قلبية..!..

الأمر لا يزال طبيعياً أيضاً..

ما لم يكن طبيعيا أن  للنوبة القلبية في العادة إنذارتها، و المحيطون بولد محمد فال من أسرته و أصدقائه 

(و قد تحدثتُ لبعض أقرب الناس إليه) يؤكدون 

أنه لم يسبق للرجل أن عانى أخف وخزة في قلبه.. فالرجل كان بصدد إجراء عملية جراحية في رُكبته و قد أجرى خلال 

آخر سفر له إلى الخارج 

فحوصات شاملة، كانت مطمئنةً كل الاطمئنان على صحته..فهو لا يعاني حتى من ضغط الدم و السكري، رغم أنه يستعمل

 حبوب السكرين في شايه، 

خوفَ الإصابة به، فقد نبههطبيبٌ لبوادر إرهاصاته.

صديقٌ مقرب من ولد محمد فال يقول لي: إنه لم يره يوماً يشكو غير آلام الركبة و الأضراس.

حين قرّر الموت أن يباغت ولد محمد فال اختار و كأنه يتآمر في ذلك مع من يتربصون به الدوائر، أراد أن يكون ذلك 

في صحراء نائية، يحار بها القطا. 

غير بعيد من الزويرات التي يحكم صديق ولد عبد العزيز الملاطف الشيخ ولد بايه قبضتهفيها حتى على الريح العقيم..

الأمر حتى الآن يبدو طبيعياً .

غير أن ما ليس طبيعيا هو أن الرجل الذي أذاق ولد محمد فال كل صنوف الهوان، فمنعه المرور من قاعة الشرف بالمطار، 

وسلّط عليه أقلامه المستعارة تذمه

 و تثلبه، و أوعز لوزاءه بالتشهير به في تصريحاتهم، و سلّط كاميراتمراقبة على منزله ترصد داخله و خارجه، و صادر جميع أراضيه، 

حتى “كزرة” والدته،

 و قطع عن منزله الكهرباء والماء، ومنعه مستحقاته كرئيس سابق، و حرم ابنائه الحصول على وظائف في وطنهم فهجروها، 

وتنصت على هواتفه 

و راقب اتصالاته، و لم يفوّت فرصة يتهمه فيها بالفساد.. حتى لم يعد بينه و بين ابن عمه تبادل واجب عزاء أوتهنئة.. فقد تقطعت

 بينهما كل الأسباب و الوشائج، هاهو يرسل طائرة عسكرية لجلبه من الزويرات، وسيكون قائدها أحد رجاله الأوفياء: الجنرال ولد احريطاني. 

و سيستقبله في المطار مع صفوة  من رجاله.. و ستنشر صوره باكياً  فيكل وسائل الإعلام رسميّها و مستقلها (التماسيح أيضا تبكي.!!)،  و هو الذي لم تنجح  شطارة باباراتزي واحد في أنتقتنص له صورة يبكي على ابنه أحمد.

لكن الأمر لا يزال طبيعيا.. فالدم لا يستحيل ماءً.. و لكن الماء أيضا لا يستحيل دماً في رفة جفن..!

تم الإسراع بدفن ولد محمد فال و هو رئيس سابق و شخصية اجتماعية كبيرة و صاحب علاقات دولية، دون انتظارالراغبين

 في حضور جنازته،

 من أصدقائه المنتشرين في أطراف الدنيا.. لم ينتظروا حتى إبنيه اللذين يوجدان في قطر وبريطانيا.. و استغلوا في ذلك

 شقيقه أحمد ولد اعليّ 

(صديق ولد عبد العزيز في العائلة).

و رغم غموض الوفاة، و الشكوك التي تحوم حولها بحكم عوامل كثيرة، لم يتم تشريح الجثة..

و كما كان المقربون من ولد عبد العزيز يتبارون في ذم اعل و قدحه، أيام حياته، إرضاءً له، فقد تباروا في مدحه وإطراءه، 

و قد وُري الثرى، 

إرضاءً لعزيز أيضاً..

لا شيء من هذا يبدو غريباً، رغم ان الديكتاتور يقتل القتيل و يبكي في جنازته و يخلّده بإطلاق اسمه على شارع 

ومدرسة و مستشفى،

 لكن الغريب هو التوزيع الهائل لتسجيل صوتي لسائق ولد محمد فال، و كأنه في موقع الرد على اتهامات ما، 

وكأن موزع التسجيل متستر بالأيام.. 

و الأغرب ما قاله السائق من أنهم بادروا بالاتصال هاتفيا بولد عبد العزيز بمجرد أن غصّ المرحوم بجريضه..

 فمن أين لهم و هم في تلك الصحراء النائية 

بهاتف رئيس الدولة..

و لماذا لم ترد الدولة على كل ما تتهم به، غير تأخرها في دفع مستحقات ولد محمد فال، الذي أشفعته بالوثائق،

على غير عادتها، و وزعته توزيعا واسعا،

و كأنها تطارد بذلك شبح اتهام آخر؟!

لا شيء غريباً، لكن ألا ينبغي النظر في الملف الصحي لولد محمد فال، و تشريحه لمعرفة سبب وفاته، 

و التحقيق منطرف مستقلين مع من كانوا معه

 وقت وفاته، فتضافر الدلائل الظنية و تكاثرها يجعل منها دليلاً قطعياً..

إننا لا نتهم أحداً، و لكننا نحتاج لما يطمئننا، ففي القلب من الطريقة التي رحل بها ولد محمد فال شيء..

اللهم ارحمه و اعف عنه و عافه.. فقد كان شهماً و نبيلاً

 

نقلا عن موقع "تقدمي"

اثنين, 08/05/2017 - 10:03