لم يعرف المجتمع الموريتاني ظاهرة المخنثين المعروفين ب" GOUR JIGAIN"وهو تعبير باللهجة "الولفية"، وإنما كان يتطير من أصحابها، ذلك لاعتبارات يعزيها المجتمع إلى أنهم نتاج لعنة نسختهم من أشخاص طبيعيين إلى أشخاص يتمثلون بالنساء.
وقد أدى تتابع الهجرات من الريف إلى العاصمة إلى اكتظاط العاصمة ، مما أدى إلى احتكاك المجتمع الموريتاني بالوافد الإفريقي والغربي،فبدأ- المجتمع - يعرف هذه الظاهرة رغم التحفظ الشديد من أصحابها،والنظرة الدونية التي ينظًرُ بها إليهم، حتى لإلى درجة عدم مشاركتهم الطعام أو مخالطهم، لكره ومقت ولد فيه بسبب للاعتبار لآنف الذكر.
ولكن الزمن والقوى الخارجة عن طوق المجتمع كانت أقوى تأثيرا، حيث ما كادت العاصمة تكبر وتتسع وينفتح المجتمع على العالم الخارجي من خلال الإعلام – المسلسلات، والأفلام- حتى بدأ شيئا فشيئا – المجتمع - يألف هذه الشريحة التي كانت تسللت عبر – حفلات الأعراس، وأعياد الميلاد- فدخل المخنث طباخ في مطابخ الطبقة الغنية،لحذاقته فنون المطبخ، فكان يساعد ربة الأسرة في إقامة موائد الدعوات التي تقيمها، والأعراس.
كما عبر إلى داخل الأسر الفنية من خلال ضرب الطبل في الفرق الفنية ومساعدا في جمع ما يفرق علي المغني من المال في المناسبات،وشكل بهذا العمل عنصرا مهما في الفرقة المسيقية التي يعتمد عليها فنانوا البلد، كما احتك من خلال المهنة بالوسط الفني فحذق الملاسنة، بحيث صار الناس يخشون لسانه أكثر مما يخشون ألسنة الشعراء.
من الدف إلى "القوادة"..
تطورت شريحة المخنثين التي أصبحت مع الزمن تشكل حجما كبيرا يحسب له حسابه في المناسبات،ورافق هذا النمو تحول بعضهم من مهنة طبال في فرق فنية إلى مهنة "القوادة"فكون هؤلاء جسرا يربط بين المرأة والرجل بعلاقة مشبوهة بدأت سرية، فاقترف النساء بفعل وسوستهم ذنب علاقة غير مشروعة مع آخرين إلى أسرًة أزجهن،والعكس وسوسوا لمتزوجين فقادوهم لممارسة علاقة غير مشروعة على أسرة زوجاتهم..وحتى يكونا أكثر حرية في عملهم خرجوا من عنق الزجاجة الذي كان المجتمع قد ضربه عليهم إلى الفضاء الواسع ففتحوا أوكارا لإقامة علاقاتهم المشبوهة في تفرغ زينه لكصر، والميناء، و تيارت، وعرفات، وتوجونين.
أسرار البيوت .. والتأثير الغير مباشر
وأصبح وجود المخنث يشكل قلق لدى البعض من الذين لديهم تأثير في أعلى هرم الدولة، لاطلاعه على أسراهم الخبيثة..وبهذه الأسرار وجد المخنث ورقة رابحة يلوح بها عند حدوث ما يهدده وأو يؤثر على عمله.
حتى أن واحد من هذه الشريحة ينحدر من مقاطعة في الجنوب الموريتاني خرج من تهمة حيازة المخدرات ذات الخطر البالغ"الهرووين"كان الأمن ضبطه وهي بحوزته، حيث صرح أمام الشرطة التي كانت تحقق معه.. "أنه لا يعرف غير أنه قواد ويتعامل مع مدراء كبار وضباط بمراتب عالية في الدولة من الدرك والجمارك، ولديه من الصور والأدلة العينية ما يثبت ذلك.." وبهذا التصريح اضطر القاضي تحت تأثير الأشخاص الذين ذكر- القواد- في المحضر أن يخلى سبيله.
كما اضطر قاض وكيل نيابة في المحكمة قبل سنوات أن يفرج عن –قواد- كان يفتح وكرا للدعارة بجوار مسجد بلكصر، وتقدمت جماعة المسجد بشكوى إلى النيابة من القواد الذي أتهمته جماعة المسجد بممارسة الخليعة في حرم المسجد، وانتقل الوكيل مع أفراد الشرطة حيث عاين حقيقة دعوى جماعة المسجد، وأمر الشرطة بضبط القواد وكل من الوكر، وفي الصباح، وقبل أن يبزغ الصباح أفرج القاضي عن القواد وجماعته بفعل ضغط سلطة عليا.
البحث عن إطار ينظمهم.. والخطر القادم
منذ ما يقارب سنتين وأشخاص مؤثرة من هذه الشريحة تحضر على مستوى الإدارة للترتيب لترخيص منظمة تكون مظلة يتحرك تحتها المنتمون لهذه الشريحة، كما ينظم هؤلاء اجتماعات دورية للتعبئة لنفس الغرض،وكان الإعلام قد تحدث عن الكثير من هذه الاجتماعات التي نظمها هؤلاء في منازل مختلفة من أطراف العاصمة، كان آخر هذه الاجتماعات، الاجتماع الذي نظمه ابن لأحد رجال الأعمال يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء زيارته للعاصمة نواكشوط قبل شهر ولذي كان في فضاء مفتوح على شارع صكوك، وضم الاجتماع ممثلين عن الشريحة، طالب المنظم للاجتماع من الحاضرين التسريع بترخيص يقنن عملهم ويعطيهم الحق في الكشف عن وجوههم كشريحة لديه حق مثل جميع الشرائح الاجتماعية.
نقلا عن موقع "الحوادث"