نعى الناعي أخي و صديقي الحاج ولد محمد المختار ولد الحاج، فضاقت عليّ الدنيا بما رحبت، غير أنها اتسعت حين تذكرت من مآثره و كريم شمائله، ما يجعلني أنانياً إن ءاثرت بقاءه معنا في دنيانا الفانية على قدومه على ما قدّم من صالح الأعمال، و حسن الأفعال، مما ينتظره أجره، فيعلي الله به في الفراديس قدره.
علاقتي بالحاج كانت علاقة صداقة وطيدة، فلا أزال أحتفظ على حاسوبي بأحاديثه معه على سكايب أيام غربتي في أمريكا، حيث كان حريصاً على التواصل معي.
خلال مراهقتي عارضت بحكم ميولي اليسارية بعض الزعامات التقليدية التي كانت توالي نظام ولد الطائع، و كان من بينها الشيخ محمد الحافظ النحوي (خال الحاج ولد الحاج) و قد ساءت علاقتي بجلّ محيطه، غير أن الحاج رحمه الله لم يقطّب جبينه في وجهي يوما.. و من محاسن أخلاقه أن مرّ علي رفقة محمد الأمين ولد محمودي و الشريف ولد الشيخ قرب مطعم الخيام و قد سحبنا نسخا من كتيّب كنا كتبناه في انتقاد سياسيي الركيز، و كان من ضمنهم خاله النائب البرلماني حينها، و حين رآنا أوقف سيارته و عرض علينا أن يوصلنا لوجهتنا، فترددنا محرجين، غير أنه أصرّ على توصلينا، فرضخنا.. فكان يمازحنا خلال المشوار بخصوص موقفنا السياسي من خاله النائب البرلماني، مزاحَ عاتب، و لكن بعبارة لا تنبو و إشارة جوادها لا يكبو.. و حين ودّعناه، قال لنا: أيوه الله يوفقكم فذاك المتباركين معاه. فقلت له ممازحاً: نحنَ توفيقنا فذ المتباركين معاه انشالل معلوم فالخال.. فابتسم و لم يعلّق.. و قد أثرّت في دماثة خلقه تأثيرا كبيرا.
الذين يعرفون الحاج يعرفونه ضاحك السن، متهلل الأسارير، سمح الكف، ليّنا من غير ضعف، قويا من غير فظاظة.. مستقيما في عباداته و معاملاته، خدم الحجاج، و أعان عابري السبيل، و أسعف من انقطعت بهم السبل.
لقد استرد الله وديعته فليس لنا إلا التسليم بقضاء الله و قدره..فإن في الله خلفا لكل سلف و عوضاً عن كل تلف، و عزاءً في كل مصاب. فبالله فثقوا و عليه فاعتمدوا، فإن المصاب من حرم الثواب.
اللهم ارحم الحاج ولد المختار ولد الحاج و اغدق عليه من شآبيب عفوك و غفرانك، و امنن علينا بلطفك و رضوانك، و اسقنا بعده من كؤوس صبرك و سلوانك.. إنك ولي ذلك و القادر عليه.
نقلا عن صفحة الزميل حنفي ولد دهاه في "الفيسبوك"