شهدت عدة ولايات من الوطن في السنوات الاخيرة ظهور آفة ضارة للمواشي والصحة العامة تعرف محليا باسم الدويدة، تعيش في أشجار الطلح، وقد وقفت شخصيا على حجم أضرار تلك الآفة في ولاية لعصابة، كما اطلعت على شكاوى عديدة عبر المواقع يستنجد أهلها بوزارة البيطرة أملا في تخفيف معانتهم والمتمثلة بإجهاضات للأغنام والإبل وفقدان بعض رؤوس الماشية بالإضافة الي مضاعفات صحية ونفسية عديدة.
تنتشر الدويدة في فصل الشتاء وقد تتكاثر لتغطي معظم سطح الأرض،لدرجة ان الساكنة تُصاب برهاب وقد يصل الأمر بهم أن يضطروا للتجمع طيلة اليوم علي ما تيسر من الأسرّة التقليدية (لخبط) فلا مجال للنزول إلا لحاجة ماسة مع أن الحشرة قادرة علي الصعود وللوصول الي اكثر الأماكن حميمية في الجسم مما يسب حكة وتهيجا للأنسجة بفعل تأثير اوبارها الدقيقة التي تنغرس في الجسم ،كما ان الديدان الميتة تنشر الاوبار في الجو، مما يُسبب تهيجا للمجاري التنفسية ،أما بالنسبة للماشية فتعد الإبل والماعز اكثر الحيوانات تأثرا فتصاب بالانتفاخ والتقيؤ وينتشر فيها الإجهاض وينفق الكثير منها مما ،جعل المنميين يتناسون الأضرار الصحية أملا في انقاذ مصدر رزقهم الوحيد.
وزارة البيطرة عاجزة!
بالرغم من حجم الاضرار المسجلة والشكاوى المقدمةعلى مر السنين لم تستطع وزارة البيطرة أن تتعامل مع تلك المشكلة وآثرت اتباع سياسة التجاهل، الأمر الذي يُرجعه بعض كوادرها الي جهلها بطبيعة الآفة وكون هذا المعضلة نازلة جديدة لا تعرف كيف تتصرف معها وعلى العموم فلم تُسجل حسب علمي أي ردة فعل من الوزارة اتجاه هذه المشكلة، ولا تُعد وزارة الصحة أحسن حالا فمعاناة القرويين النفسية والصحية منالالتهاباتالتنفسية والجلدية لم تحظ هي الأخرى بأي عناية من تلك الوزارة.
مساعدة في التصدي للآفة
بعد زيارة العديد من المناطق الموبوءة، والتعرف على حجم المشكلة ودراسة سلوك الحشرة والاطلاع على الأدبيات العلمية ذات الصلة، أقدم مساهمة متواضعة للمساعدة في حل هذه المشكلةوإنارة الرأي العام حولها، أملا في تحريك المياه الراكدة بما يخدم محتاجين منسيين لا يكترث أحد لنداءاتهم:
إن الدويدة هي عبارة عن طور يرقي حشري Chenilleلفراشة من رتبة حرشفية الأجنحة Lépidoptèreتظهر بعض فقس البيضعلي شجرة الطلح Acaciaraddiana
وتتبع الحشرة لعائلة LycaenidaeولجنسDeudorixولتحت الجنسViracholaأما تحديد النوع فسيحتاج الي مختص في علم الحشرات Entomologiste
تكمن مشكلة الحشرة في امتلاك يرقتها لما يربو على نصف مليون وبرة poils urticants تنثرها في كل مكان، وتُلوث بها أوراق النبات والجو وهي قادرة على اختراق الجلد عند الملامسة، كما يتم استنشاقها لتسبب مضاعفات صحية ونتيجة للطبيعة الكيميائية لتلك الأوبار فلا يمكن هضمها من طرف الحيوانات، كما انها قادرة علىإحداث التهيج للأنسجة نتيجة اختراقها للجلد؛
ينحصر وجود الحشرة في مناطق انتشار شجرة الطلح ويُعد قلف جذوعها ملاذا لاختباء اليرقات والحوريات؛
لم أستطع مشاهدة سوي عدو حيوي طبيعي واحدلليرقة فالطيور تعزف عن أكلها، لكن الجعالات من رتبة غمدية الاجنحة تتغذي عليها.
سبل المكافحة والوقاية من الأخطار
اجراء مزيد من الدراسات للتعرف على دورة حياة الآفة وتحديدها نوعها بدقة؛
رش قلف أشجار الطلح في الأماكن الموبوءة بمبيد حشري من مجموعة البيرثرنويدات الصنعيةPyréthroïdes de synthèse؛
توعية السكان وتكوينهم على الطرق الآمنة للقضاء على اليرقات وتحديد بؤر الاصابة؛
في حال التعرض للحشرة يتم الاستحمام بالماء والصابون وغسل الشعر دون فرك الجلد وعزل الالبسة الملوثة وحفظها في اكياس البلاستيك لحين غسلها بالماء الساخن؛
عدم لمس الحشرة وفي حالة الملامسة يجب الامتناع عن حكة الجلد المصاب واستخدام شريط لاصق لإزالة الاوبار؛
الاصابات الجلدية العادية يمكن استخدام مضاد هستامينantihistaminique
في حال ظهور مضاعفات تنفسية يرجي استشارة طبيب مع ذكر انتشار حشرة ذات أوبار poils urticants لمساعدته علي حُسن التشخيص.
يمكن بسهولة إن توفرت الارادة الصادقة تصميم برنامج مندمج لمكافحة تلك الآفة، بما يحمي السكان ومواشيهم وبيئتهم وبأقل الاثمان، وفي انتظار ذلك التدخل سيبقي الساكنة علىأسرتهم يحاصرونالوزارتين المعنيتين في حصار اخلاقي لا يرحم.
المهندس: الهيبة ولد سيد الخير