مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

للإصلاح كلمة تتساءل عن شكل حقوق الإنسان الذي وضعت له الحكومة جائزة في موريتانيا

 كلمة الإصلاح هذه المرة قرأت في بيان مجلس الوزراء الماضي أنه رصد جائزة لحقوق الإنسان في موريتانيا دون أن يـبـين شكل هذه الحقوق الإنسانية التي إذا قامت بها مؤسسة أو فرد يكون مستحقا لهذه الجائزة.

 

ووجه هذا التساؤل عن شكل هذه الحقوق الإنسانية هو أنـنا نحن المسلمين جميعا ندرك جيدا أن الله تبارك وتعالى قد أوجب علينا كثيرا من الحقوق الإنسانية تبدأ من الفرد نفسه على نفسه وأقاربه ومجتمعه "إن لنفسك عـليك حق" إلى آخر الحديث.

 

وكأني عـند تفسير المرسوم لتلك الحقوق الإنسانية نجده يذهب بنا إلى الحقوق التي رسمتها أمم لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر وإذا كان بعضها يؤمن بذلك عقائديا فلا يؤمن بالسؤال عن أدائها مفصلا يوم القيامة.

 

فإذا كان المرسوم جعل مرجعه في هذه الحقوق هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 وما جاء بعده من تفريعات مبنية عليه قامت بها منظمات غير إسلامية لكنها تجعل ذلك الإعلان مرجعا في تدخلها في حقوق الإنسان، فإن كل ذلك يعـد انتكاسة لهذه الأمة الإسلامية التي ترك لها المولى عز وجل قرآنا يتـلى محفوظا وسنة مكتوبة ومفصلة كذلك، فإذا كان المرسوم اتخذ تـلك الطريق التي اتخذها مقـنـن قانون النوع المسيء في موريتانيا الذي ترك نصوص الآيات والأحاديث التي بينها المولى عز وجل للإنسان المسلم عندما سألوه عن قضية علاقة الرجال بالنساء في الإسلام في قوله تعالى {يستـفـتـونك في النساء} فأجابهم المولى عز وجل بقوله {قل الله يفـتيكم فيهن وما يتـلى عليكم في الكتاب} بمعنى ما يتـلى عليكم في القرآن وما يفسره لكم رسولكم الذي أرسل إليكم صلى الله عليه وسلم في شأن النساء وعلاقة النساء بالرجال في الإسلام لأنه لا ينـطق عن الهوى هو حكم ما يقع بين الرجال والنساء.

 

فإذا كان هذا المرسوم الذي رصد جائزة لحقوق الإنسان قد تـبني فيها الأفكار والأهداف القاصرة للأمم المتحدة ومنظماتها التي بدأت إعلانها الأممي في كتابة حقوق الإنسان في المساواة بين الأفراد في جميع الحقوق من حرية التعبـير والحياة الكريمة وحرية الدخول والخروج إلى آخره.

 

فإذا كان هذا هو المسار الذي سار إليه المرسوم في رصد جائـزته فما علينا نحن المؤمنين بما جاء في القرآن وما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن نـقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ذما لأفعالنا: "ستـتـبـعون سنـن الذين من قـبـلكم شبـرا بشـبر وباعا بـباع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، إن هذا الحديث الصادر ممن لا ينطق عن الهوى هو الذي مع الأسف تطبقه هذه الدول الإسلامية حتى ولو كان ضد نفسها.

 

فالمتـتـبع لنصوص حقوق الإنسان الأممي فإنه سيدرك أن هذه الحقوق لم تهتم إلا بحقوق المجرمين بعد أن ينـفذوا جرائمهم في الإنسان.

 

فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يبدأ بإظهار كرامة الإنسان ولا يذكر عندها قوله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيـبات وفضلناهم على كثير ممن خـلقـنا تـفضيلا} هذه الآية يفصلها قوله تعالى {لقد خلقـنا الإنسان في أحسن تـقويم ثم رددناه أسفـل سافـلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غـيـر ممنون}.

 

فمعنى هذا أن الله تبارك وتعالى الذي خلق الإنسان وكرمه ورزقه من الطيـبات وطلب منه أن يعمل صالحا في هذه الدنيا التي وزعت أيامها بين أجياله فأقصى ما يوجد فيه الشخص في هذه الدنيا مائة سنة بعد ميلاده في هذه الدنيا ورحيله إلى الآخرة بما عـمل في هذه المدة {فمن يعمل مثـقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثـقال ذرة شرا يـره} وما يوضح ذلك هو أن سنة 2117 لا بد أن تصل الدنيا إليها إذا لم تأت قـبلها الآخرة ومع ذلك سوف لا يراها أحدا من الموجودين الآن في العالم ولو ولد اليوم كما في الحديث.

 

فمعلوم أن الإنسان تـقال لكل من لآدم عليه السلام ولادة وهذا الإنسان هو الذي أراد المولى عز وجل خلقه بعد أن خلق له الأرض لتـقله والسماء لتظـله وخلق لصالحه كل ما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض ولكنه في نفس الوقت لم يرد أن يخلقه مهتديا وسالكـا للطريق المستـقيم {ولو شاء ربك لهدى الناس جميعا} ولكن قضت إرادته أن يكون بعضه سعـيدا وبعضه شـقيا، وهذه السعادة هي فعل الإنسان الخير في نفسه وفي مجتمعه وأما الشقاوة فهي فعل الإنسان الشـر في نفسه وفي غيره أيضا.

 

ويلاحظ في تشريع الله أنه أعطى الجوائز في الدنيا والآخرة لمن فعل الخير في نفسه وفي مجتمعه وأنه رصد العقوبة في الدنيا والآخرة لكل من فعـل الشر في نفسه وفي غيره بخلاف تـقـنين البشر ومنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فلم يجعـل أي عقوبة لفاعـل الشر في الآخرة لأنه لا يملك ذلك وكذلك لم يجعل جائزة لفاعـل الخير في الآخرة لأنه لا يملك ذلك أيضا.

 

فمثـلا: التـشريع الإلهي جعل لمن قـتـل نفسه عقوبة في الآخرة تردعه عن انـتـهاك حق نـفسه عليه في الدنيا ولمن أضر بـنـفسه ولم يمت عقوبة في الدنيا منـفذة وعقوبة في الآخرة إن لم يتب من ذلك وتـقبـل توبته.

 

أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل القوانين الأرضية التي كرست قوانين الإنسان لحقوق المجرمين كما ذكرت أعلاه فقد جرمت تعذيب الإنسان مهما فعل من الإجرام حتى لو قـتـل أباه وأمه وأسرته برصاصة واحدة فهذه الأسرة التي ضاع حقها جماعيا لا يستحق قاتـلها إلا السجن وهذا السجن يجب أن يتم عليه فيه نعمة الإنفاق والملبس والتعليم وجميع الحقوق الذي يستحقها من لم يعمل أي جريمة لا يستـثـنى من ذلك إلا وجوده في السجن فيمكنه أن يتزوج وأن يـلد فيه الأولاد إلى آخر ما عند الإنسان الصالح من الحقوق خارج السجن.

 

ومع هذه الفوضى القانونية في التـقـنين في حقوق الإنسان، فإن الدول التي أقرته لا تطبقه إلا على الضعفاء، كما جاء في المثـل الإنكـليزي "القوانين مقـنـنة لتطبـيقها على الضعفاء فقط".

 

فإذا كانت عقوبة مخالفة حقوق الإنسان لا تـتـعـلق إلا بالدنيا والعالم يشاهد ما هناك من ضياع حقوق الإنسان من قـتـل للأبرياء والأطفال والعجزة ومن الرجال والنساء فما المراد بتـقـنينها.

 

فنحن المسلمون الآن نشاهد ما يفعل بالمسلمين من تـنـكيل وتشريد وبطش في فلسطين وسوريا وبرما وحتى في الدول العربية والإسلامية من الاعـتـداء بعضها على بعض ومع ذلك لا تـفعـيل لقانون حقوق الإنسان فيها.

 

فإذا كان قانون حقوق الإنسان في الإعلان العالمي كتبت مواده لصالح حرية الإنسان والمساواة وضمان ما يعيش به هذا الإنسان في طمأنينة ورفاهية سواء كان جماعة أو فرادى فما هو الإجراء الذي وضعه هذا القانون لمخالفة قانون حقوق الإنسان هذا؟ وجوابا لهذا السؤال فإني أعطي مثالا لبعض ما وضعه الإسلام من تـقـنين لحقوق الإنسان يقول تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقــتـلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} إلخ الآية ذلك التــقـنين القرآني.

 

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا" الخ الحديث، هذا بعض التـقـنين النبوي في حقوق الإنسان.

 

ولكن هل الإسلام تـرك هذه النصوص بلا عقوبة رادعة في الدنيا قـبل الآخرة، كما وضع لها عقوبة في الآخرة يقول تعالى {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ﴿49﴾ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ﴿50﴾ لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} الخ الآية.

 

فهذه القوانين التي وضعها الله لحقوق الإنسان وضع الله بجانبها عقوبة رادعة فقوله صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم.." الخ الحديث فالدماء جعل عقوبتها القصاص {النفس بالنفس والجروح قصاص} ومع أن هذا حق للضحية فهو حق للمجتمع أيضا {ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعـلكم تـتـقون} وكذلك الزنا والسرقة والأعراض يقول تعالى {والذين يؤذون المؤمنون والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبـيـنا} وهذه عقوبة الأذى له في الآخرة حتى ولو كانت الجريمة بـين المرء ونفسه، أما إذا سمعها المؤذي فإن الشريعة الإسلامية أعطت للقاضي ما يسمى بالتعزير فيمكنه أن يسجن المؤذي باسم الفاعل مدة من الزمن تعـزيرا بقـدر الأذى الذي لم يـبلغ الحد، وكذلك يمكنه أن يجـلده أمام ملإ من المسلمين ما دون الحد تعـزيرا.

 

وبما أن هذا هو جواب التشريع الإسلامي على حقوق الإنسان والآلية التي وضعها لحقوق الإنسان (الضحية) فما هي الآليات التي وضعها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الضحية)؟

 

فنحن هنا في موريتانيا تبعـا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخوفا في الدنيا من كلام المنظمات الزاعمة أنها ترعى حقوق الإنسان، وضعنا آلية تجرم تعذيب المجرم ولم نضع آلية لحقوق الضحية غير السجن الحافظ لكرامة المجرم المؤمن لحياته.

 

فكم من قاتـل وسارق وغاصب الأموال والأعراض مكدس الآن في السجن مكرم ومعزز وضحيته هنا في انواكشوط وفي كل أنحاء موريتانيا لم يكن عـندها إلا انـتـظار عقوبة الآخرة مع أن الضحايا مسلمين والمجرم مسلم والسلطة التي تحكم الجميع مسلمة، حتى دية الخطإ التي جعلها الشرع الإسلامي على العـاقـلة لأن القاتـل الخطأ قد يكون لا مال له ينـتـفع به الضحية إذا كان حيا أو ورثـته إن كان قـتـل لأن السلطة لا تـنـفذ جعل دية الخطأ على العاقـلة أي القبـيلة كما هو مقـنـن في القانون الجنائي الموريتاني الإسلامي فجزى الله الرئيس محمد خونه بن هيدالة خيرا حيث قدم خوف الله في الآخرة على خوف منظمات حقوق الإنسان التي لا تؤمن بسؤال الآخرة عن عملها في الدنيا، فنرجو الله أن يمد في عمره وأن يطلق سراح أولاده ويهديهم إلى الصراط المستقيم حتى يقـر الله عينه بهم في الدنيا وهم صالحون ويقـر له عينه في الآخرة بدخول جنة النعيم.

 

فالإنسان كما قال الله خلق مكرما كما في الآية أعلاه ولكنه يرده عمله إلى أسفـل سافلين فيكون لا سمع ولا بصر ولا عـقل له نافعا بل هو كالأنعام أو هو أضل كما قال تعالى {ولقد ذرأنا لجنهم كثيرا من الجن والإنس لهم قـلوب لا يفقهون بها} إلى قوله تعالى {أولئك كالأنعام بل هم أضـل}.

 

فعلى الحكومات التي تؤمن بالله أن تــتـيـقن أن قرارات الحكومة في النهار في مجلس الوزراء سوف تـعقبها قرارات الله في ظلمة القبـر ويوم القيامة ـ كما قال تعالى: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليـل وسارب بالنهار... وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له}.

 

فكل تشريع لا يتماشى مع التشريع الإسلامي فهو محادة لله ولرسوله يقول تعالى {إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قـبلهم وقـد أنزلنا آيات بـينات}.

 

فهذه الجوائز التي تـرصد لحقوق الإنسان يجب أن ترصد للمنع من وقوع الجريمة أولا والقبض على صاحب الجريمة ثانيا والعقوبة المادية للمجرم ثالثا على ضوء الشريعة الإسلامية.

 

وأعني بالمجرم هنا كل من عمل عملا يضر بالإنسان فردا أو جماعة أو كيانا وسواء في الأمن أو السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة الخ ما يعلمه أهل الحياة الدنيا.

 

فالمحافظة على أمن هذا كله هي التي تستحق رصد الجوائـز {وما تفعـلوا من خير يعلمه الله وتزودوا} الخ الآية.

 

اثنين, 30/01/2017 - 00:07