بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
كم أنا قوي صبور مؤمن لله الحمد والمنة، حين نزل علي الخبر كالصاعقة، توفيت زينب رحمها الله.
كنت مرهقا مصابا بالسكري، ولم أقدر على المبيت بمستشفى "صباح" في تلك الليلة.
وبعيد صلاة الصبح بقليل، هاتفت نجلي صلاح الدين حفظه الله، كيف حال الوالدة، قال هي بخير، لكن بعد أقل من خمس دقائق، إتصل علي محمد ولد أحمدو، إبن بنت أختها رحم الله الجميع، مخبرا بالزلزال، ترحم عليها، قلت مسارعا ثابتا، مستعدا بإصرار، إنا لله وإنا إليه راجعون.
مرت الآن عدة أشهر، بعد ذالك الصباح الحزين، من رمضان المبارك المعظم، 03 رمضان 1437هجرية، الموافق يوم الأريعاء 08 يونيو 2016، وللتذكير دفن صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء وفي اليوم الثامن من الشهر السادس وفق التاريخ الميلادي، وهو نفس اليوم من رمضان المنصرم الذي توفيت فيه الوالدة ودفنت في مقبرة لكصر، وهي نفس المقبرة التي دفن فيها والدي رحمه الله في مطلع التسعينات من القرن المنصرم.
صبرت أو تصبرت على الأصح، لكن اليوم وسط مطالعة الإعلام العربي على موقع رأي اليوم الإلكتروني، لمديره الزميل عبد الباري عطوان، تابعت الإنحناء واللقاء المؤثر بحق، بين البلتاجي الإخواني المعتقل منذ ثلاث سنوات وأمه، بعد أن دام الفراق واشتد الشوق، حيث اعتقل القيادي الإخواني الدكتور محمد البلتاجي، بعد أيام قليلة من حادثة رابعة 14 أغسطس 2013، والتي استشهدت فيها إبنته أسماء البلتاجي مع كثيرين، ضمن ظروف وحشية غاية في القسوة والتهور السيسي، العسكري الإنقلابي الصلف، سلط الله عليه انتقامه، وخلص منه إخواننا بما شاء وكيف شاء، إنه على ذالك قدير وبالإجابة جدير.
أجل تجاعيد وجه والدة محمد البلتاجي ثبته الله وخفف عنه، وما تخفيه تلك التجاعيد من دعاء وصبر وحنان صادق، فجر في نفسي ذكرى والدتي رحمها الله، وأنا بطبعي الخاص، لا أنسى أو أتناسى قليلا، إلا حين أكتب نزرا مما أحس وأتصور وأعاني.
فسعيت للمداد قصد بعض الشفاء فحسب، وتذكير نفسي وغيري، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
إننا نتكل على رحمة ربنا، قبل رحمة أي بشر، ولو كان أما أو أبا أو زوجا أو ولدا أو صديقا حميما صادقا، ولو نسبيا، وما أقل صدق الصحبة في زماننا هذا، لكن فقدان الأمهات رحمة الله عليهن، يعني الكثير باختصار.
ثق يا بلتاجي أنك منتصر بإذن الله، فدعوات أمك تكفيك، وربك يقبل الدعاء الصادق الملح، ورب الكعبة ما أصدق وأنفع للبلتاجي في محبسه، من دعوة أمه حفظها الله وأطال عمرها في طاعته.
ورب الكعبة لن تهدأ أمك عن الإلحاح في الدعاء، يا أخي البلتاجي.
وإنها ورب الكعبة أمارات استجابة الدعاء بإذن الله، الصدق والتكرار والإلحاح، خصوصا إذا تعلق الأمر بمظلمة بينة جلية مع طيب المأكل والمشرب والملبس، وأم البلتاجي كلها مظنة الاتصاف بتلك الشروط بإذن الله.
وعلى هذا الأساس أتوقع بإذن الله، خروج الإخوان ومصر من دائرة التأزم إلى الإنفراج والتصالح، مع غلبة صف الإسلاميين، والإخوان منهم بوجه خاص، ولا دخل لأحد فيما أرى وأتصور برسوخ وتعقل، مع أن الغلبة العظمى في ساحة الشعوب والشأن العام، هي بالدرجة الأولى العافية والاستقرار، والتعايش الإجتماعي والسياسي والسلمي الراقي، بين مختلف مكونات الدولة والمجتمع.
ورب الكعبة مهما كانت أفعالي وسلوكياتي بعيدة عن خلفيتي الفكرية المدعاة، فإنني باختصار إخواني الهوى والقناعة والمنحى الإسلامي، السلفي المتوازن، المسؤول السلمي الحضاري بإذن الله.
حركة الإخوان المسلمين لها وعليها في مجال التنفيذ، منذ تأسيسها على يد الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، في مدينة الإسماعيلية المصرية سنة 1928م، لكنها من حيث الرؤية والتصور، رفيعة الكعب والقامة، في الانتماء الإسلامي السني السلفي المسالم الحكيم، إن شاء الله.
وسأرفق لكم صورة لقاء البلتاجي مع والدته.
اللهم ارحم والدتي زينب منت عبد المعطي ولد الحسن وارحم والدي عبد الرحمان ولد أحمد محمود ولد اعبيدن، وارحم سائر والدينا ووالدى المسلمين، وجميع موتى المسلمين، وارحمنا إذا صرنا مثلهم.
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.