إن الحضارات والثقافات الإنسانية مكملة لبعضها البعض ولا يمكن لأمة أن تقوم ولا لدولة أن تزدهر ولا لشعب أن تكون يتطور إلا بالعلم. وإذا وصلنا لواقعنا الموريتاني ونظرنا فيه لحال التعليم لذرفنا الدم بدل الدمع ولشعرنا بكامل الحزن والأسى على تعليمنا الذي لا ريب هو مستقبل أبنائنا وبقاء كياننا. قبل أن ننظر للفرع علينا أن ننظر الأصل وما العلة والسبب الذي أدى أن ننعى التعليم في موريتانيا؟ تكوين المعلم القدوة هو اللبنة الأولى في سلم إصلاح التعليم، فإذا بذلنا الغالي والنفيس في إعداد القادة الذين يحملون على عاتقهم تربية الأجيال ونكون حينها على الطريق والنهج الصحيح.
لكن للأسف الشديد الحال والواقع هو العكس قبل أيام دخل مدير مدرسة تكوين المعلمين بأكجوجت على من يديرهم ولم يروه قبلها فلربما هو الظهور الأول له أمامهم، لقد كانت نظرات الاحتقار والازدراء تبدو جلية من عينيه، تلك الحركة الاستفزازية التي دخل بها على مربي الأجيال ما زالت تسكن ذاكرتي، انه يضع أصبعه على فمه ان اصمتوا، التعجرف والغرور يسكنان قلبه. لا خطاب ولا نقاش مع أحد، ليس لأحد أن يسأل أو يستفسر. أريد هنا أن أتساءل عن هذا المدير الذي لم يحضر قط لمؤسسة هو المسؤول عنها وان حضر مرة تمنينا أن لم يحضر. هل مثل من يكونون في هذه الظروف من عدم الاحترام واللامبالاة هم قادة الجيل الجديد وآباؤه الروحيون؟ اشك في ذلك.. وجود هذا النوع من الأشخاص في المؤسسات التعليمية التربوية هي الكارثة التي أفقدت المعلم في التعليم واللعنة التي جعلت مستوى المعلم يتدنى من سافل إلى أسفل وأصبح همه فقط ذلك المرتب الشهري الذي لا يسمن ولا يغني من جوع إلا أنه يظل أفضل من عيش حياة البطالة. قبل عامين أعلنتها الحكومة سنة للتعليم فكانت الكارثة في نتائج الباكالوريا فطووا تلك الصفحة.
إن إعادة الهيكلة في مؤسساتنا التربوية أمر ضروري والأهم من ذلك اختيار الكفاءات التي لها القدرة على صنع المعلم الحقيقي اقصد المعلم القدوة. ما أريد الوصول إليه أن التعليم الآن يحتضر فإن لم نبادره بتصحيح مساره وتعديل أوضاعه فعلينا وعلى أجيالنا القادمة السلام.
نقلا عن نشرة "الدرب" التي يصدرها التيار البعثي الموريتاني