بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن
قال الله تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" صدق الله العظيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، هذا قضاء الله وقدره، لا راد له، جاء بعد مسيرة معتبرة ما بين إسبانيا وموريتانيا، مرورا بالمغرب، وبوجه خاص بالنقطة الحدودية المعبرة تاريخيا، جبل طارق رحمه الله.
يتحرك الفقيد دوريا على هذا المسار من حين لآخر، وفي ليلة الأربعاء الموافق 30 نوفمبر2016، بعد عبور هذه النقطة الحدودية، وبعد قطع 350 كلم من "جبل طارق"، توفي الراحل في ظروف مازال التحقيق فيها جاريا، وإن أكدت التحقيقات الأولية، خلو حالة الوفاة هذه من أي عامل خارجي، حيث كان وحيدا وعثر عليه في سيارته، مع ما يملك من مال وأوراق مدنية، دون مؤشرات إعتداء ظاهر حتى الآن، وبعد إعلان فرقة الدرك التي عثرت عليه للجهات المعنية، تحرك القنصل الموريتاني مشكورا للوقوف على الراحل في أحد المستشفيات هناك، بعد أن نقل إليها.
هو محمد فاضل ولد براهيم ولد الحسن "خالي" ولد عبد المعطي ولد الحسن رحمه الله، ولأمه الشريفة الوادانية الصابرة المحتسبة عيشة بنت امح.
ولد سنة 1983، فدى الله شبابه بالجنة، وفردوسها الأعلى، ورزقنا لقاءه فيها، فرحين بفضل الله إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
العترة الشريفية تترى عليها المصائب، زلفى وتقريبا لها من الله، فالإبتلاء على قدر الإيمان، ونصبر ونحتسب، ولا نقول إلا ما يرضي الله، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
متزوج من ابنة عمه المباشر شقيق والده محمد السالك، جميلة بنت محمد السالك ولد الحسن، ألهمها الصبر المقبول المأجور " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
قبل أيام معدودة أنطلق فقيدنا محمد فاضل، مودعا ابنه الوحيد قائلا: "ودعتك المولان نور الدين لا تبكي اعلي"، اللهم أحفظ نور الدين وأطل عمره في طاعتك، وأجعل له شأنا كبيرا في الدنيا والآخرة.
قبل سنوات ألح علي في الحصول على تأشيرة إسبانيا، وسعيت في ذلك ويسره الرحمن، أكرم الكرماء، ثم بجهوده المثابرة الذكية، حصل على الإقامة بمملكة إسبانيا، ورزقه الله ما شاء من الوقت والسعي، ولما انتهى الرزق والعمر مهما كان مستوى ذلك الرزق وبلغ وقت ومكان الأجل المحتوم، فاضت روحه الطاهرة البريئة الشجاعة، المؤمنة المصابرة، إلى ربها الرحمن العفو الغفور جل جلاله، ولا نقول إلا ما يرضي الله "إنا لله وإنا إليه راجعون"، والحمد لله رب العالمين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
اللهم ألهمنا الصبر وتقبله عندك شهيدا، وتقبلنا من بعده بعد طول عمر في طاعتك.
رضيت بالله ربا وبالإسلام محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، كان الشهيد خبيرا بالطرق ومسالك تجارته الحلال، مستقيما، حسن الخلق، بهي الطلعة، قليل الكلام، صارم الوعد والعهد، شريفا زكي النسب.
بمعنى الانتماء للعترة النبوية المقدسة، من طرف الأب الشمسدي الأطاري "لتويزكتي" "نسبة إلى تويزكت10 كلم شمال أطار" إبراهيم ولد الحسن، حفظه الله وأطال عمره في طاعته، ومن أمه الشريفية الودانية نسبة إلى ودان، عيشة بنت امح، ألهمنا وألهمهم الله الصبر والثبات، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
اللهم تجاوز عن سيئاته، وأغسل خطاياه بالماء والثلج والبرد، وتقبل عمله الصالح، وضاعفه وتغمده بجزيل عفوك ورحمتك وفضلك العظيم، وارحمنا إذا صرنا مثله، وأرحم سائر والدينا وسائر موتى المسلمين.
اللهم أجعله ممن قلت فيهم: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا"
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ".
ولله الأمر من قبل ومن بعد.