بدأ أغلب المراقبين للشأن الموريتاني، يتساءلون عن المخطط الذي يخطط له الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بعد أن أعلن ليلة البارحة في خطابه الإختتامي للحوار السياسي مع "من حضر" من القوى السياسية الموريتانية، أنه لا يريد مأمورية ثالثة، كانت موضع جدل قوي خلال جلسات الحوار، وأدت لإنسحاب حزب التحالف الشعبي التقدمي، والذي كان الخاسر الأكبر في الحوار، فشارك في مجرياته وحرم من المشاركة في صياغة "مخرجاته"، بسبب ذلك الإنسحاب الذي برره بالإعتراض على قضية أثيرت في الجلسات وألمح إليها الناطق باسم الحكومة في تصريحاته الأسبوعية، وسبقه لها وزير العدل في الحكومة ووزير المالية بنفس الحكومة، فجاء عزيز ليعلن أنه لا يريدها، وهو ما جعل هؤلاء المراقبين يتساءلون عن الشيء الذي يخطط له الرجل، فهل سيخرج من السلطة دون أن "يرسم" المستقبل لموريتانيا يعبر بها إليه، كما طالب بذلك رئيس حزب الإتحاد في كلمته ليلة البارحة، فهل يقوم ولد عبد العزيز بإختيار "خليفة" له من بين رفاق السلاح في المجلس العسكري والمجلس الأعلى، أم يخطط لإختيار مواطن مدني من بين أنصاره الحاليين الناشطين في واجهة نظامه، أم أن الرجل سـ"يسلم" السلطة لشخص آخر لا يوجد في الحسبان. أم سيفتح الباب أمام آخر يشك البعض في الغيوم في العلاقة بينه معه (اعل ولد محمد فال)، فهناك عشرات المراقبين الذين يشككون في توتر العلاقة بينهما، وذلك في وقت لم يعد يوجد موظف من الموظفين المقربين من ولد محمد فال خارج التوظيف.
بعض المراقبين يرى أن ولد عبد العزيز إذا ما "قرر" فعليا مغادرة السلطة، فإنه لن يقبل بأن يخلفه على الكرسي سوى الفريق محمد ولد القزواني قائد أركان الجيوش، والذي سيكون قد استفاد من حقه في التقاعد، مع انتهاء المأمورية الثانية لولد عبد العزيز.
فهما لهما روابط "خاصة" تربطهما، وللرجل امتدادات في بعض ولايات الوطن ذات الكثافة السكانية المعتبرة، كما أن له علاقات حسنة مع بعض قوى المعارضة الموريتانية، خصوصا حزب "تواصل"، وله علاقات جيدة مع دول الخليج، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية والمغرب، كما أن الرجل ليس من الضباط السامين الذين لهم مشاكل داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وطبقا لهذه المعطيات التي يتحدث عنها بعض المراقبين، فإن ولد عبد العزيز لن يتنازل عن السلطة إلا للرجل، الذي إستطاع في غيابه خلال فترة العلاج من رصاصة "صديقة"، أن يضبط الأمور في موريتانيا ويحكم بزمامها حتى عودته هو، لمباشرة مسؤولياته.
ولد عبد العزيز سيجد نفسه هذه الفترة في وضعية حرجة، لأن أغلب النخبة السياسية الموالية له تعودت على أن تكون، إلى جانب "سيد القصر"، وعزيز "أعلن" أنه لم "يطلب" مأمورية ثالثة. ولهذا فإن الكثير من الملتفين حوله، سيكون تفكيرهم منذ ليلة البارحة، هو البحث عن "مستقبلهم"، ما دام هو لن يترشح لتلك المأمورية، الشيء الذي قد يتضرر منه حزب الإتحاد خلال الإنتخابات النيابية والبلدية المقبلة، مع التنبيه إلى أن قضية المأمورية الثالثة، من المستبعد أن يكون بعض الوزراء قد أثاروها بدون أن يكونوا قد حصلوا على الضوء الأخضر من "القصر الرمادي" لإثارتها، فهل كان الأمر جس للنبض من طرف عزيز، ولما إكتشف رفضها، تراجع عنها وإختار "الإعلان" أنه لم يطلبها، ولهذا فهل سيدفع الوزراء الذين أثاروها "ضحية" إثارتها، لإثبات حسن نيته فيما أعلنه خلال إختتام جلسات الحوار؟؟؟.