مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

وجه الشبه بين حوار 2011 وحوار 2016 "ما أشبه الليلة بالبارحة"

باب ولد سيد أحمد لعلي

 

جميلة هي تلك اللعبة المدروسة التي تسير عليها منذ عهد الجنرال محمد ولد عبد العزيز ، والتي يمكن أن نجملها في جملة قصيرة "لا تقارب سياسيا بين الفرقاء ولا تقاطع مطلق" ....
وبذلك تظل الدولة تمسك العصا من طرفين ، طرف يمد اليد للحوار ويدعو الجميع من أجله ويحفز عليه ويصف حكم ولد عبد العزيز بالحكم الذي لا يرضى أهله بأن يبنوا موريتانيا وحدين وهم بحاجة للجميع ، وطرف آخر يماطل ويبحث عن أي مسألة قد تؤدي في النهاية إلى إبعاد المعارضة وجعلها تأخذ موقفا من جميع ما يجري سياسيا ومقاطعته بالتالي ...
وليست تصريحات الوزراء التي طالبت بتعديل الدستور حتى يتسنى للرئيس الترشح لفترة لرئاسية ثالثة إلا من ذلك، ولم تأتي تلك التصريحات من العبث مطلقا ، إنما جاءت نتيجة سياسة محكمة تتبعها الحكومة وتقضي بسد نبض الشارع اتجاه قضية معينة حتى يتسنى له التعامل معها من خلال ردة فعله ، فإن كانت سلبا يكذب عنها وينكرها ويقول فخامة القيادة الوطنية أنها في ليست موجودة على أرض الواقع وإنما هي في عقول المعارضة ورموزها ...
الشعب ومن يتابع شؤون الرأي العام حمقاء جميعا بحسب هذا المنطق الذي تنتهجه الحكومة ...
لكن ما يمكن قوله بكل موضوعية وبكل أناة وبعيدا عن التموقع والتحيز السياسي ، لموريتانيا رجال أوفياء خدموا البلد وناضلوا سياسيا،  ومهما فعل النظام وحاول أن يلصق بخصومه المعارضين ، وليست هناك معارضة وظنية وأخرى إرهابية الكل يعرف أن في المعارضة رجال ليسوا نكرة غرفوا في هذا البلد من خلال نضالهم الطويل وتضحياتهم الجسام وكبريائهم الجليل ...
هل يعقل يا أهل موريتانيا أن نتهم أحمد ولد داداه بالفساد ونقول أنه ساهم في إفساد موريتانيا وأنه يشكل خطرا عليها ويجب إبعاده ، لقد خدم الدولة في عهد أخيه الراحل المختار ولد داده وناضل ضد حكم ولد الطايع الذي كان الكثير من رموز الموالاة الآن يخدموه وأعضاء في رموزه ، وكان من أبرز معارضيه وشارك في أول انتخابات رئاسية أجريت ومنذ ذلك الحين وهو واقف وقفة صمود ضد ما أقر النظام الحالي بفساده ، كما انه عارض حكم ولد شيخ عبد الله الذي أزاحه صاحب الدولة الآن برنة تلفون ...
هل يمكن نسيان تاريخ ولد حننا الذي رما بنفسه في المهالك واقتحم الردى أيام خيم الخوف على الجميع ورضخوا لما اعتبروه فيما بعد فسادا وظلما كبيرا ...؟
أم  يمكن أن نهمل ونهمش المفكر والمثقف الكبير محمد جميل ولد منصور  والسياسي الحذق والخطيب الفذ ، وتاريخه النضالي الطويل وما صبر خلال ذلك التاريخ من العذاب والكبت في السجون والتهميش ...؟
أم يجب أن نبعد ولد مولود بما يحمل في تاريخه النضالي من تاريخ الكادحين خلال فتراتهم السياسية والفكرية المختلفة ...؟
للأسف حقيقة المساعي الحكومة التي أشبعت بتعليمات رئاسية إلى تهميش طيف سياسي كبير وصاحب تضحيات جسام على الوطن واضحة من خلال ما يظهر من تفاعلات وواقع المشهد السياسي منذ سنوات ، وهم رغم كل المزايدات ورغم ما يحيطهم من سلبيات أقل بكثير إن قلنا الحقيقة من الكثير الذي يتخندق سياسيا في صفوف الأغلبية الآن، وهم زيادة على ذلك أصحاب فضل على الشعب الموريتاني وعلى الوطن ويجب أن يظل في الأفكار لهم فكر وفي القلوب لهم مكانة ولا يجب إهمالهم أو سحب البساط من تحتهم إلا بثمن غال وتعويض كبير معتبر ...
هذا من حيث المبدأ ، ويحق لنا أن نتساءل  بعد ذلك عن آفاق الحوار الحالي؟ وعن ما سيتمخض عنه؟...
هدف الرئيس وحسب ما يعبر عنه في كل مناسبة هو أن يظهر في ثوب الرجل الديمقراطي الذي جلب لوطنه الديمقراطية والحرية والرفاه ، وأن لا يكون في الوطن كله منافس له في المناقب الوطنية ، وهذا أمر استطيع أن أجزم عليه .
لكن لن ينال الإنسان ولن يحصد إلا ثمره وما كان يجني لنفسه أبدا .
ما يلاحظ أن نفس المشاركون في الذي وصف بالحوار "الوطني الشامل" رغم ما في الكلمة من مزايدات وتجريد بينٍ لا يخفى على عاقل هم نفسهم الذين شاركوا في 28/09/2011 وقاطعته منسقية المعارضة التي تتشكل من مكونات أحزاب المنتدى المعارض الآن .
وقد تناول الكلام في جلسة افتتاح ذلك الحوار محمد محمود ولد محمد الأمين رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أنذاك وقال أنه يتمنى أن تلتحق بقية أحزاب المعارضة بجلسات الحوار، قائلا "أننا نحترم الأسباب التي جعلتهم يغيبون عنه، لكننا لا نفهمها".
نفس الأسلوب تحدث به ولد محم الرئيس الحالي للاتحاد من أجل الجمهورية ونفس الكلمات وقال أنه يتمنى أن تلتحق بهم بقية الأحزاب الأخرى مضيفا أن يدهم كأغلبية ستبقى ممدودة للحوار ...!
كما أن الرئيس ولد عبد العزيز قال في كلمته في افتتاح فعاليات حوار 2011 أن الحوار سيمثل نقطة تحول جوهرية في موريتانيا حيث سيسمح لمختلف الفرقاء بتدارس الآليات الضرورية لتطوير الحياة الديمقراطية في البلاد ، وليس ثمة فرق إلا أنه وهو يتكلم في فعاليات ذلك الحوار يشعر بذنب لقرب عهده من انقلاب 2008 ولخشيته البالغة من عدوى الربيع العربي ، والآن يتكلم كلام المنتصر المغتر بنفسه الذي يرى فضله على الناس جميعا ...!
وإذا نظرنا لكلام بيجل في ذلك الافتتاح نجده نسخة طبق الأصل مما قال الآن في افتتاح حوار 2016 ...
الأمور هناك وهناك متشابهة والسيناريوهات هي هي لا فرق كبير بينها ، إلا أن الحكومة تريد ان تقنع نفسها بإقامة حوار شامل وتريد أن تفند نية المعارضة التي أقرت بها في كذا من مرة "سعيها لإقامة حوار ناجح وشامل" ...
فبعد ان لعبت بها وأوصدت أمامها كل باب بالمضايقات الواضحة تأتي لتفعل هذه المسرحية الجديدة .
فهل يمكن الاطمئنان إلى نتائج حوار هذا حاله ؟ وهل يمكن أن يأتي بغير الذي أتى به سلفه ؟
المشكلة أيها الأخوة أن النظام يتعامل معنا كأطفال ويدير الأمور على هواه كما يشاء وإذا أراد إسكاتنا أو إقناعنا بشيء أجرى لعبة تافهة غير مقنعة ولا تتوفر أي شروط لنجاحها ، ويستخدم السلطة والنفوذ في ذلك من أجل إثبات أن الذي حدث وارد وهو عين الصواب وأما سواه فهباء وباطلا لا يمكن النظر فيه ولا الكلام عنه ...!

أحد, 02/10/2016 - 00:59