عاد الجدل مجددا لقضية الشاب زيني ولد الخليفه، عقب إعلان النيابة تقريرها بعد إعادة التحقيق في ملابسات الوفاة، واصفة أسرة الضحية بيان النيابة العامة بالآثم، معلنة تنديدها واستنكارها له، وقالت الأسرة بأنها تكذب ما ورد في البيان، وتستبعد احتمال فرضية قتل ابنهم لنفسه كما جاء في بيان النيابة العامة التي اعلنت حفظ القضية. معربة عن سفها الشديد للسخرية والاستهزاء بمشاعر الأسرة، ومفاجئتها ببيان فاقد للمصداقية، وأكدت بأنها تفند ما جا بهجملة وتفصيلا. مشددة على انها لن تتخلى عن القضية حتى ظهور الحقيقة، كما طالبت الحكومة والشعب والمنتخبون ومنظمات المجتمع المدني والسياسي، والإعلاميين وكل أصحاب الضمائر الحية الوقوف معهم حتى تظهر حقيقة مقتل ابنهم زين العابدين ولد الخليفة.
وكانت النيابة قد اصدرت بيانا جاء فيه: "في يوم 30/05/2016 أبلغت النيابة العامة لدى محكمة ولاية نواكشوط الغربية بوصول شاب متوفى إلى مركز الإستطباب الوطني بعد العثور عليه بأحد المنازل بنواكشوط. وعلى الفور باشرت النيابة العامة الإجراءات التي تتخذ في مثل هذه الحالات، حيث تمت معاينة الجثمان وتسخير أخصائي طب شرعي لتحديد طبيعة وسبب الوفاة، واستدعاء فريق من الشرطة الفنية للقيام بالإجراءات المطلوبة بما فيها ضبط حالة الجثمان ومكان العثور عليه بالصور الفوتوجرافية ورفع البصمات والآثار الأخرى، وباشرت الضبطية القضائية المختصة مكانيا إجراءات البحث الإبتدائي، وكان الجثمان يتعلق بالسيد زيني ولد باب ولد الخليفة.
كانت خلاصة تلك الإجراءات التي أتخذت وفق الضوابط القانونية المجردة أنه لم يتوفر أي دليل يثبت نشوء الوفاة عن فعل جنائي خارجي، وأكد الطبيب الشرعي في خلاصة تقريره أن الوفاة نشأت عن فعل ذاتي من المعني.
وبناء على ذلك تم حفظ القضية، وأشعر ذووه بذلك، وكانوا قبل ذلك قد تسلموا جثمان المتوفى مع إفادة تبين طبيعة وفاته.
ومع أن ذوي المتوفى لم يتقدموا بأي طلب إلى النيابة العامة من أجل إعادة التحقيق، ولم يمارسوا حقهم القانوني في القيام بالحق المدني أمام قضاء التحقيق من أجل إعادة التحقيق في القضية، فقد قررت النيابة العامة إعادة البحث طبقا لتعليمات السيد وزير العدل المكتوبة.
وفي إطار التحقيق الجديد تم تشكيل لجنة تحقيق موسعة تضم ضباط شرطة قضائية من سلكي الدرك والشرطة، وتم انتداب خبير طب شرعي فرنسي يتمتع بتجربة وخبرة مشهودة في إطار التعاون القضائي بين البلدين، وتكفلت النيابة العامة بجميع مصاريف خبرته.
وقد أعادت لجنة التحقيق جميع إجراءات التحقيق أولا بأول، واستمعت إلى جميع الأشخاص الذين قدمهم الأطراف من أجل سماع أقوالهم واستمرت في عملها بهدوء على مدى أسابيع.
وبدوره قام خبير الطب الشرعي الفرنسي بمعاينة مكان العثور على المتوفى زيني ولد باب، وكذا الصور الفوتوجرافية الملتقطة منه عند العثور عليه من طرف الشرطة الفنية، كما قام بالتنقل إلى قبره حيث تم استخراج جثمانه ومعاينته وتشريحه بحضور والده وذلك في مستشفى حمد في بتلميت، وأخذ عينات من جسمه لفحصها في مختبرات فرنسية.
وأعد تقريرا بنتائج خبرته توصل فيه بشكل قاطع بناء على الفحوص والتحاليل المخبرية إلى أن الوفاة لم تنشأ مطلقا عن سموم، واستبعد بناء على المعاينة والتشريح وجود سبب للوفاة بسبب عنف خارجي تعرض له المتوفى في ضوء انتفاء أية آثار تدل على ذلك، بحيث لم يعثر على آثار تسبب الوفاة باستثناء تك المتعلقة بالتعليق بواسطة الرباط المضبوط في المكان، مع التأكيد على صعوبة تحديد سبب الوفاة بفعل مستوى حالة الجثمان عند التشريح.
وأكد التقرير أن وضعية التعليق بالرباط التي كانت سببا للوفاة تتماثل مع ما يسمى في الطب الشرعي بحالة "الشنق الناقص"، وهي حالة معروفة يلامس فيها الجسم الأرض.
وأثبت التقرير أنه "ليس هناك عنصر مادي يجعل من المستحيل التعليق الذاتي شنقا"، وحتى لو فرض أن التعليق كان من فعل فاعلين فإن ذلك يستوجب أن المتوفى لم يقاوم وتركهم يقومون بهذا التعليق.
وبناء على نتائج التقرير، وفي ضوء نتائج البحث الإبتدائي الجديد والذي لم يتوصل إلى أية معلومات تشير إلى وجود فعل جنائي ارتكب بحق المتوفى وأدى إلى وفاته فإن وفاته تصنف كوفاة بسبب فعل ذاتي منه.
وطبقا للقانون قررت النيابة العامة حفظ القضية لعدم وجود ما يبرر الرجوع عن قرار الحفظ السابق، ويحق للعائلة الحصول على نسخة من جميع محاضر البحث الإبتدائي، وتقارير الشرطة الفنية والطبيبين الشرعيين الموريتاني والفرنسي، وذلك من أجل ممارسة الحقوق القانونية المقررة في مثل هذه الحالات.
وتنتهز النيابة العامة هذه الفرصة لتؤكد للرأي العام أنها ومنذ اللحظات الأولى للعثور على المتوفى باشرت إجراءات التحقيق اللازمة بكل جدية وتجرد وفق الضوابط التي تحكم عملها، مع انتفاء أي سبب يبرر العكس، وأن التحقيقات التي قيم بها في هذه الحادثة يقام بها في موريتانيا لأول مرة احتراما لمشاعر الجميع.
وتجد من المناسب دعوة الجميع إلى التثبت، وإلى احترام إجراءات وأعمال القضاء المصونة عن العبث، وكذا حقوق ومشاعر جميع الأطراف".