مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

سكان شمامه.. أثرياء تحت خط الفقر

 لكوارب انفو : عاد محمود على عربته التي يجرها حماران، استلمت ابنته زمام الحمارين وبدأت في رفع العربة على ظهريهما ووضعت لكل منهما علافته، قبل أن تلتحق بأمها التي تراقب موقد نار تشتعل فيه حطبات تحت مرجل لا يبدو أنه غني بالتشكيلات الغذائية.

 

يرتدي محمود ملابس رثة جدا لا تتجاوز سروالا تقليديا تعاقبت عليه فترات الحر والصيف، وفوقه قميص أخذ هو الآخر من ذات النصيب، مع حذاءين مصنوعين من البلاستيك المقوى جدا.

 

للوهلة الأولى تذكرت الكاف السائر لامحمد ولد أحمد يوره:

سروال اكليل  * خنطـو وادهم

كيف اسراويل  * أهــل امبكـم

 

لا يتذكر محمود تاريخ ميلاده، يعتقد أنه ولد بعد ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يستدرك بأنه كان رب أسرة وأبا لأبناء أثناء الأحداث المؤلمة بين السنغال وموريتانيا.

 

لا شيء غير مظاهر الفاقة والعوز يبدو على منزل محمود، فهو ليس استثناء في قريته ولا بقية قرى شمامه التي يصر كل سكانها بغض النظر عن مستوياتهم المعيشية بأنهم جميعا "مساكين الله وفقراء، والدولة لا تعتني بهم".

 

تحيط بمنطقة محمود الأودية الكبيرة، وتعيش حالة رخاء غير مسبوقة على مستوى التنمية الحيوانية والزراعة البسيطة.

 

خارج الحي توجد قرية خاصة بمواشي محمود التي تضم قطعانا من البقر وآلاف من الأغنام، وهي ثروة لا تقل عن 80 مليون أوقية على الأقل.

 

محمود ليس أغنى سكان تلك المنطقة وليس استثناء هنالك، فغالب الرجال هنالك يملكون قطعانا من البقر تتراوح دائما ما بين 30 إلى عدة مئات أما الأغنام فتنمو في تلك المنطقة بشكل سريع جدا.

 

 

 

 

 

تحالف مع الفقر..

لا شيء يفرق بين أغنياء شمامة وفقرائها، حيث دأب هؤلاء على أن يعيشوا في أخصاص بائسة أو في غرف صغيرة مصنوعة من خليط من الطين والقش والأعشاب.

 

ويبدو كل شيء في حياة هؤلاء القرويين طبيعيا، حيث يصنعون أعمدة الأخصاص والمنازل من شجرة القد الطويلة المشهورة في شمامة، ومنها يصنعون أيضا أعمدة الأسقف.

 

أما نمط المعيشة فهو بسيط جدا، فكل المواد الغذائية طبيعية ومن إنتاج المزارع المحلية من الأرز إلى الزروع المختلفة.

 

ويقيم السكان في المنطقة مخازن كبيرة لمنتوجاتهم الزراعية التي يخزنونها للعام القادم قبل أن يتم بيع جزء منها خلال موسم الأمطار حيث تقل المنتوجات الزراعية.

 

الفلان حياة خلف أظلاف البقر..

في شمامة تعيش آلاف الأسر من قبيلة الفلان المنتشرة في عدة مناطق من موريتانيا، يتميز الفلان بثروتهم الهائلة، وبظروف معيشية بائسة لأقصى درجة.

 

وتقوم النساء الفلانيات بأجزاء كبيرة من العمل من ترميم البيوت إلى بيع الدهون الحيوانية.

 

 

 

يملك الفلان مئات الآلاف من الأبقار البيضاء والسوداء ذات القرون الكبيرة، إضافة إلى الأغنام المعروفة بانضال أي أغنام الفلان

 

وفي الغالب فإن الفلان يعيشون في أخصاص لا تقي حرا ولا بردا رغم الثراء الهائل الذي يتمتعون به، كما يعمل كثير من فتيان الفلان رعاة في مختلف مناطق موريتانيا.

 

ويقول أحد رجال الفلان المثقفين في حديث لـ "وكالة أنباء لكوارب" إن أهم ما ينبغي التركيز عليه في مناطق شمامة هو تغيير العقليات وإقناع السكان بالاستفادة من الأموال الهائلة التي رزقهم الله".

 

ويضيف الرجل الذي يعمل أستاذا في العاصمة نواكشوط " قبل سنوات ذهبت إلى افديرك لأتفقد حال أخي الذي غادرنا منذ أربع سنوات، وجدته راعيا لقطيع من ستين شاة لا أكثر، رغم أنه غادرنا وهو يملك لوحده أكثر من 300 شاة بغض النظر عما يملك من البقر.

 

 

في شمامة المعطاء دأب الناس على أن يكونوا فقراء منذ مئات السنين ولا يزالون كذلك، وإذا كانت شمامة تأوي آلاف الأسر الفقيرة، فإنها أيضا تأوي آلافا أخرى من الأثرياء الذين يقبعون تحت خط الفقر.

 

وكالة أنباء لكوارب ـ قسم التحقيقات

 

اثنين, 22/08/2016 - 16:15