تابعت التلفزيون الموريتاني، حيث أن بلاد شنقيط، وعاصمتها نواكشوط، احتضنت القمة العربية. وبصراحة التلفزيون الموريتاني كنت قد كتبت عنه سابقا أنه من التلفزيونات العربية المضادة للأرق، إلى جانب التلفزيون السوداني، وتلفزيون جيبوتي، مع التلفزيون الأردني كذلك.
لكن، وبسبب القمة، خرج عن دورته البرامجية الرتيبة، إلى قليل من موقظات الحنين في الذاكرة لمن هم في جيلي وأكبر مني ممن عايشوا حقبة التلفزيونات الرسمية المنفردة والوحيدة في عصر ما قبل الفضائيات والانترنت.
في نشرة الأخبار الموريتانية كان المذيع المتجهم والمربوط حد الخنق يقرأها بصوت أجش، مرافقا لصور استقبال الرئيس الموريتاني لرؤساء الوفود العربية مع ديباجة قديمة افتقدناها فحواها «.. وبحث الجانبان سبل التعاون الثنائي المشترك».
تابعت برامج التغطية الحوارية كذلك، وتذكرت تعليقا ورد في أحد برامج «بي بي سي» بأن القمة العربية في نواكشوط تعد أهم حدث في موريتانيا منذ حدث استقلالها!!
كان الرئيس الموريتاني نجم محطته التلفزيونية إذا، وكان الكل يشيد بكلمته التي أكد فيها على «الموقف المبدئي والثابت» لموريتانيا من القضية الفلسطينية.. ولست متأكدا إن كان هذا الموقف لموريتانيا هو موقف «حصري» بها أيضا أم هو موقف «مبدئي و ثابت» للجميع إعلاميا.
غاب عن الفضائيات هذا العام التزاحم لتغطية قفشات الوفود والزعماء وصراعاتهم التي كانت «لازمة» لكل قمة. لا بل غابت الكاميرا كليا عن مجرياتها ولم ترشح إلا صورة رسمية يتيمة لقادة القمة. لكن لفت انتباهي رفض عمدة نواكشوط أماتي بنت حمادي مصافحة رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، خلال وجودها في صف المستقبلين، لتنقذ الموقف وزيرة التجارة الناهة بنت مكناس التي سبق أن شغلت منصب وزيرة الخارجية، والتي بادرت لمصافحته بحرارة لتعويض الموقف.
كما كان محببا ظهور ابنة الرئيس الموريتاني في مقدمة مستقبلي بعض القادة مع والدها، وزاحمت الطفلة المدللة (8 سنوات) كبار مستقبلي الرؤساء مع تصرفها بلباقة.
ولعل استضافة الزعماء للمرة الأولى في خيمة كبيرة أعادت العرب ربما للخيمة التي انطلقوا منها جميعا.
وعلى الأقل.. هي قمة منسجمة مع ذاتها فعنونت نفسها بتسمية «قمة الأمل».. وهذا لعمري قمة الألم، لكن أقل ألما من تاريخ القمم السابقة، التي ننظر إليها بوجع وخيبة حين نتذكر مثلا قمة الخرطوم عام 1968، والتي كانت قمة اللاءات الثلاث.. لا للصلح، لا للتفاوض ولا للاستسلام!! نعم أيها الجيل الراهن.. هي لاءات ضرخها العرب يومها في قمتهم.. فتصالحوا وتفاوضوا واستسلموا لكل الأعداء!
وكما قال الرحباني : إيه .. في أمل!
مالك العثامنة
القدس العربي