بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن
تابع عدد من الصحفيين في غرفة مخصصة لهم بقصر المؤتمرات انعقاد القمة العربية، حيث ميز الحدث انسحاب أمير دولة قطر، بحجة مواصلة سفره إلى إحدى دول قارة أمريكا ، وكأن الموضوع برمته لا يستحق أكثر من محطة توقف
كما ميز الحدث منع جهات إعلامية مستقلة من حق التغطية ، وقد شمل ذالك وكالة الأخبار وصحراء مديا وغيرها .
قمة عانت من تدني مستوى الحضور ، وادعاءات بعض الإعلام المصري بوجود محاولة اغتيال للرئيس عبد الفتاح السيسي ، محاولة اغتيال لا يوجد على السطح من الناحية الأمنية ما يعضدها على المسرح الموريتاني الفعلي .
انعقدت القمة دون المستوى المطلوب ، لكنها انعقدت وسجلت موريتانيا دخولها في سجل القمة العربية .
فعلا استطاع النظام الموريتاني مغالبة التحدي التنظيمي والهاجس الأمني ، على الأقل عبر فرض انعقاد القمة ، لكن بقي الكثير مما يمكن أن يقال ، إن الوضع العربي لا يكفي لمعالجته جلسة بروتوكولية بكامل معنى الكلمة بعيدا عن التأثير الميداني الملموس .
وفي المقابل على الصعيد المحلي أبدى الموريتانيون على اختلاف مشاربهم مستوى كبيرا من الاستعداد لاستقبال أشقائهم العرب ، ضمن هذه القمة ومختلف فعالياتها، لكن الذين أيدوا هذه القمة بقوة في البداية وأبدوا الحماس لتنظيمها في نواكشوط خصوصا مصر والسعودية ، لم يحضر زعمائهم ، مما خيب الأمل في جدية ذلك الحماس ،ولم تكن شائعات الاغتيال وسط الإعلام المصري ذات اعتبار عند الرأي العام الموريتاني .
قمة مهمة للعرب على رأي البعض ، بمجرد لقائهم في مستوى ما ، حيث لم يغب عن التمثيل الرسمي إلا سوريا ، وربما تكون هذه القمة مهمة أيضا لدولة موريتانيا للتعريف بها أكثر في الوسط العربي أو لجلب بعض التمويلات لصالح الجهد التنموي المحلي ، إلا أن هذا كله لا يرقى إلا مستوى التحدي الذي يعانيه العرب .
فالجسم العربي ينزف باستمرار وبقدر تعجز الاجتماعات الكرنفالية بداهة عن تضميده .
شيء أفضل مما لا شيء ، فتغيب دولتنا باستمرار عن دورية استضافة القمة لا يخدم أحدا ، وداخليا لا يخدم نظاما أو معارضة ، ومن الأفضل الدخول في المعمعان لأخذ التجربة على الأقل .
تحدثوا عن فلسطين وقضايا عربية مختلفة ، وكان الكلام سيد الموقف ،دون آليات واضحة للدخول في ساحة الفعل ،كما أن غياب أغلب الزعماء ومحدودية حضورهم أعطى انطباعا سلبيا ، بينما أشار ممثل العراق إلى صعوبة انعقاد القمة العربية مستقبلا ، فهل يعني ذلك احتمال تلاشي هذا الكيان الرمزي ، أم العرب قادرون على تطويره وإعادة تأهيله ولو تدريجيا .
الحي يرجى كما يقال ، بذل الموريتانيون ما استطاعوا من جهد ولم تخلو حسب بعض المصادر استعدادات تنظيم القمة من فرص ثراء غير نظيف في أوساط النظام ، لكن الحدث في نظر البعض أثار بعض الأمل ،بينما رآه آخرون خداعا وتلاعبا بمعاناة الشعوب العربية .
وقد يكون الرابح من هذه القمة نظام ولد عبد العزيز لنجاحه في إلهاء الموريتانيين عن مشاكلهم الكثيرة ولو مؤقتا، أما القضايا العربية فلم يكن لها من حظ كالعادة سوى الدعاية الإعلامية الفارغة وخطب ممثليهم التي شابها أحيانا بعض الأخطاء اللغوية التي لا تليق بالعامة أحرى الزعماء .
وبإيجاز نجحت موريتانيا باستضافة القمة العربية في جو هادئ كرس تمثيل الجميع سوى سوريا وسط حضور محدود للقادة وبقيت المعاناة العربية في مستواها السابق دون أفق واعد جاد .