مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

مواقع لا تستحق / عثمان جدو

 لئن كانت حرية التعبير هي الحرية في إبداء الآراء والتعبير عن الأفكار دون قيود أو رقابة حكومية إذا سلمت القوانين والأعراف من الخرق والاعتداء ؛ فإن لها ضوابط وحدود -لا ينبغي تجاوزها- ترسم ملامحها من طرف الدولة أو الجهة المانحة لها أيا كانت ، وطبعا تتغير طبيعة وملامح هذه الحريات تبعا 

للظروف والتغيرات الأمنية والاجتماعية والدينية وقد تلعب أيضا الظروف الخارجية دورا كبيرا في تغيير حدود وطبيعة وحجم هذه الحريات ..

من المعروف أن حرية التعبير تعتمد كثيرا على التفاعلات الاجتماعية بناء على أن الفرد بإمكانه إحداث علاقات اجتماعية وروابط متعددة مع الآخرين ؛

وإذا ما نظرنا إلى تجارب الآخرين وتقصينا تعاملاتهم مع حرية التعبير على مر العصور ؛ فإننا سنجد أن اكثر الدول تقدما وتوفيرا للحريات كان يمنع منعا باتا كل كتابة او حديث قد يؤدي إلى حقد او كراهية لأسباب عرقية أو دينية بالإضافة إلى منع كل محتوى من هذا القبيل يحتمل أن يحمل إساءة لمكون على أساس ميول أو انتماء.

ولقد دأبت الدول الاوروبية -مثلا- و التي تعتبر رائدة في هذا المجال على وضع مقاييس في محاكمها العليا لما يمكن اعتباره إساءة أو خرقا لحدود حرية التعبير وانتهجت لذلك مسالك وانطلقت من مبادئ رئيسية محددة تراعي في مجملها ما يراه غالبية الأشخاص -المنتمين لها-حول طريقة حرية التعبير وحدود المقبول منها وطريقة إبداء الرأي ومدي التوافق أو التعارض مع المساطر التنظيمية الجنائية بالإضافة إلى تتبع وفحص طريقة عرض الرأي وإبدائه والتماس تحليه بالمسحة الفنية والأدبية الجادة واللازمة ؛هذا  بالرغم من بعض التغيرات التي حدثت تبعا لتغير العالم بفعل الهزات الأمنية التي عانى منها في السنوات الأخيرة بدواعي وأسباب متعددة ومتشعبة ..

أما في إفريقيا وآسيا فالامر مختلف إلى حد كبير بفعل عدم التزام أغلب هذه الدول بما يسطر في دساتيرها التنظيمية عن الحق في حرية التعبير التي تبقى في هذه الدول مجرد حبر على ورق إذ تكمم الأفواه بشكل علني دون وجل وتكبل الأيدي ويحجر على العقول ..

وفي كثير من الدول العربية أيضا بالرغم من أن دساتير هذه الدول تتضمن بنودا تضمن حرية التعبير إلا أنها غالبا لا تخرج عن الإطار الشكلي النمطي إلى حيز التنفيذ والتطبيق ، حيث الانتهاكات كثيرة وكبيرة لحرية التعبير في كثير من هذه الدول العربية ؛ ففي معظم هذه الدول يمنع منعا باتا انتقاد الحاكم أو السلطة الحاكمة ، وقد يتعرض الكاتب أو الصحفي للسجن أو التعذيب أو هما معا.

وإذا كانت بعض الدولة العربية ذات الوزن والاعتبار الكبيرين قد تميزت في سالف الزمن بأنها الأسوأ بمعيار حرية التعبير فإن هناك أخرى تميزت بقدر كبير من حرية التعبير جعلت منها مثالا يحتذى مثل *تونس* التي ظلت إلى عهد قريب مضرب المثل في هذا المجال باحتلالها المركز-98-عالميا؛ قبل أن تتغير المعطيات وتتحول التقييمات جاعلة من *موريتانيا* الأولى عربيا بمرتبة-48- هذا العام -2016- ولم يكن ذلك بمحض الصدف فالأشياء لا تقع من تلقاء نفسها ؛ وإنما حدث ذلك بفعل جهود وتوجه وإرادة صادقة جعلت من المستحيل واقعا ومن البعيد قريبا ..

إن هذا الجو العام للحريات الذي باتت بلادنا تنعم به والذي ينبغي أن يكون مصدر فخر واعتزاز ومكمن عز حري به أن يصان ؛ أصطدم بوجود بعض "المواقع" والمؤسسات الإعلامية التي لا تستحق الصفة ولاتتمتع بأدني مستوى من حق التوصيف ؛ فجعلت مكان الصيانة إهانة لرموز المجتمع وثوابت الدين وبدل خدمة المواطن بالأخبار الصادقة خذلانه بتقديم الأكاذيب والنفخ في الأباطيل وخلق الأزمات الوهمية وزرع ثقافة التشاؤم وتغذية شرايين الكراهية وإحياء منابع الشحناء والبغضاء لأغراض زهيدة من أكثرها تجليا استفزازعواطف المواطنين لزيادة القراء بينهم غير آبهة بالنتائج والعواقب الوخيمة التي قد تنجر عن أساليبها هذه وما يمكن أن تحدثه من فرقة وشقاق وتهالك في اللحمة الوطنية وتآكل في نسيج المجتمع.. فهي بحق مواقع سقوط وتردي تسيء إلى *المواقع* التي حازت مصداقية بأسلوبها وموادها المقدمة وثراء مواضيعها ودقة نقلها للأخبار ..وطبعا هذا النوع من {المواقع} لايستحق التصفح ولا الاعتراف ولا الإضافة.

سبت, 18/06/2016 - 00:42