بدأ بعض المراقبين يتساءلون، عن السبب في إصرار رئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج على تصعيد الأزمة بين المجلس وأجهزة النظام الحكومية والسياسية، الشيء الذي تزامن مع تسريب بعض المعطيات حول هذه القضية المثيرة، والتي أدت لإنشغال النظام بصراع داخل صفوف أركانه بين هيئة تشريعية وحكومته وحزبه، بدلا من أن تنكب الجهود على الوفاء بالإلتزامات التي قطعها الرئيس على نفسه بإطلاق حوار سياسي في موريتانيا، وأكد إطلاقه في موعده المسبق، دون ان يتمكن من ذلك، بسبب "تعنت" مجلس الشيوخ ورفضه تمرير القوانين والإتفاقيات المقدمة من الحكومة، وهو ما أحدث أزمة تشريعية في موريتانيا، لم يستطع الرئيس ولد عبد العزيز حتى الساعة إيجاد تسوية لها.
المعطيات المتوفرة حاليا تفيد بأن ولد الحاج وجه له النظام صفعة قوية في مدينة روصو، بعد عودة العمدة لمباشرة مهامه وإقالة المحاسب الذي تسبب في الأزمة، كما أن الإعلان عن إستفتاء دستوري لإلغاء مجلس الشيوخ من قائمة المؤسسات الدستورية تم دون استشارته، حيث فاجأه كما فاجأ الكثيرين، ولهذا وجد نفسه مضطرا لتحريك "المجلس" ضد الحكومة والحزب، حتى وصل الأمر حد "إباحة" إستهداف الرئيس ولد عبد العزيز نفسه، من خلال محاولة "استجواب" وزير الداخلية أمام المجلس، حول هيئة "الرحمة" التي استشهد أحمدو ولد عبد العزيز وهو في رحلة خيرية لها بولاية الحوض الغربي، الشيء الذي يعتبر بعض المراقبين أنه تصعيد قوي، تجاوز حدود اللباقة مع الرئيس، كما أن بعض التسريبات تفيد بأن بعض الشيوخ "غرر" بهم، حيث توصلوا بمعلومات عن الأزمة لم تكن على ما يرام، وهو ما قد تكون له إنعكاسات سلبية موقفهم من هذه الأزمة، فيما لم يستطع أعضاء مجلس الشيوخ المنتمين للمعارضة الصمود في موقف المتفرج، بعد أن طالبهم زملائهم بذلك، فقد بدأت تصريحات نارية من بعضهم تجاه نظام ولد عبد العزيز، قد تكون لها تأثيرات هي الأخرى على الأزمة.
رئيس مجلس الشيوخ حضر ليلة البارحة، مأدبة الإفطار على مائدة الرئيس بالقصر الرئاسي، وظهر في الصورة الرسمية الملتقطة للنشاط، وهو ينشغل بـ"الإفطار"، تاركا الرئيس "يفكر"، دون الإنتباه لدلالة تلك الصورة.
بعض المراقبين يعتبرون، أن الضربات التي تلقاها محسن، قد تكون وراء هذا الإصرار على التصعيد في الأزمة، وأنه إذا ما سار الرئيس في خطوة إلغاء المجلس، فإن تفكير محسن هو أن لا يترك وراءه أيا من المسؤولين في الأجهزة الحكومية والسياسية لنظام ولد عبد العزيز وأن "يرحل" الجميع عن مواقعه، ولعل ذلك التفكير ما عبرت عنه مطالبة أعضاء المجلس بإقالة 14 وزيرا في الحكومة وحل حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، علما بأن الرجل بدأ يفقد موقعه داخل مدينة روصو بعد فشل حلفه خلال الإنتخابات النيابية والبلدية الماضية، ومغادرة الكثيرين هذا الحلف.