بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
خرج يوم الثلاثاء الموافق 17 مايو 2016 بيرام من السجن بعد فترة من الإعتقال المؤذي، وكان الأفضل أن لا يُعتقل لأن تسيير مسيرةٍ انتقادا للعبودية العقارية ينبغي أن لا يرد عليها بالإعتقال التعسفي الصرف كما كررنا مرارا، لكن ماضي بيرام النضالي مشوب بالتحامل على شريحةٍ بعينها والسخرية من بعض العلماء، وحرق بعض الكتب الإسلامية الفقهية، وربط كل شيئ سيئ بالبيظان.ومهما قيل عن نضالات بيرام الحقوقية، أم العقوقية في نظر البعض، فإن أسلوبه ظل مليئا مفعما بالعنصرية وركوب ملف شريحة بعينها، ودعم الغرب ومن ورائه إسرائيل بوجه خاص لا يستغرب لتفتيت مجتمع مسلم وتأزيمه عن قصد ممنهج، خصوصًا بعد قطع العلاقة مع إسرائيل، ولهذا ظهر واستمر الدعم الغربي المدروس الصارم لمنظمة إيرا وزعيمها المتعجرف بيرام ولد اعبيدي، عافاه الله من بأس نفسه وحصن الجميع من مخاطر بعض دعواته المفرقة.بيرام نموذج في نظري غير ملائم للحصول على حق مشروع أحيانا، لأنه عمق الشرخ ووسع دائرة الكراهية، ومن يلامس توجهات بعض لحراطين يلاخظ بسهولة ما يحمله بعضهم للأسف البالغ من كره شديد مركب، لبعض إخوتهم البيظان.ولم يكن البتة بيرام ولد اعبيدي، عامل جمعٍ وإنما حادي فتنة تتزايد نذرها، ولولا تعقل أغلب لحراطين وغيرهم من المواطنين، لكانت ساحة موريتانيا مجال اشتعال هذه الفتنة عمليًا، لأن النسيج الموريتاني هش متنوع، وستظل بإذن الله عقيدة الإسلام وقيم التسامح حاجزًا دون الفتنة التي لا يحرص بيرام على تفاديها بشكل كامل حازم، وإنما يرى ظهوره ونصيبه في الحظوة عمومًا مرتبط بالتلويح بهذه الأساليب التي تباعد وتعمق الشرخ باستمرار، نحو أفق لا يبعث على الإطمئنان.وستبقى أسماء مثل بيرام ولد اعبيدي ويعقوب ولد يعقوب والساموري ولد بي متهمة عند البعض بالتحريض على الكراهية وشق الصف، بين أبناء المجتمع العربي الواحد، سواءًا كانو بيظان أو بيظانًا سمر.وللنظام والمعارضة والوسط الحق الكامل في التخوف من أسلوب بعض أصحاب الدعوات الشرائحية لأنهم لا يتحفظون أحيانًا من آثار التحريض والغرور والتحامل.
ومن قبل واجه نظام معاوية حركة افلام بصورة استئصالية جذرية، وأجمع الكثيرون على ظلم التصفيات والإدانات خارج دائرة المحاكمات العادلة، واليوم يدفع البعض عزيز للتمسك بموقف حازم، لأن الجسم الموريتاني الواحد مازال مهددًا وبامتياز، تحت دعوات مفرقة من هنا وهناك.وقد يزع الله بالسلطان مالا يزع بالتوجيه ومجرد النصح، وعموما يبدو بعض الزنوج أكثر تجربة وتعقلا في هذا الصدد بعدما دفعوا ظلما خسائر كثيرة مريرة ومؤلمة بحق للأسف البالغ، ومازال في المقابل بعض دعاة إيرا وغيرهم يرون الإساءة المباشرة طريقا سريعا موصلا لخلق منزلة ووضعية أفضل، وإن رآى غيرهم المطالبة بوضعية أفضل مطلبا مشروعا، لكنها تتطلب أسلوبا حكيما ناجعًا وتدريجيًا.ومهما تكن طبيعة الدعوات المفرقة، فلن يكون أبدًا سبيل علاجها الفعال العقاب والسجن أو التصعيد في الخطاب واللهجة.الأول سبيل النظام الإستبدادي القائم، وهو سبيل غير محق وغير مجدي، والآخر منهج بيرام وبعض أشياعه الكارهين لبعض إخوتهم في الله والوطن.نحمد الله على الإفراج عن بيرام تفاديا للفتنة والانسداد الإجتماعي والأهلي، ونثمن رفضه للعبودية إن وُجدت ومكافحة آثارها لكننا نضم الصوت لمن يرفض الإساءة للتراث الإسلامي وعلمائنا، ولا وجه للكراهية واستهداف بعضنا للبعض، دعوها فإنها منتنة، أي الدعوات العنصرية الممزقة.والحكمة باختصار في التعايش والتراحم والبحث عن مخارج سلمية حضارية راقية. ومن الضروري المفيد الملح أن يدرك الجميع أهمية التسامح للعيش المشترك والإستقرار، ومن المستبعد أن تفرض أي تحسينات في الغالب الأعم إلا عبر التفاهم والتعاون عن صدق وقناعة، وبعيدا عن الاستفزاز ولغة العنف المفضية للتباعد والصدامات والمواجهات السلبية الممزقة. اللهم أصلح أمة محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم آمين.