توصلت صحيفة "ميادين"، بكواليس مثيرة من داخل مناطق التنقيب عن الذهب بمناطق متفرقة من موريتانيا.
فهذه المناطق تشهد منذ بعض الوقت، تواجد المئات من المنقبين، الذين شدوا الرحال إلى هناك، بحثا عن الذهب بعد الكشف عن تواجده فيها، فباع أغلبهم ما يملكه وحصل بعضهم على قروض أملا منه في الحصول على ما يسدده بها، وفي سبيل الوصول إلى تلك المناطق لقي العشرات حتفهم في حوادث سير مروعة وأصيب بعضهم بجروح تفاوتت خطورتها، وفي مناطق التنقيب إنهار العديد من الآبار على منقبين، فمن من لقي حتفه ومنهم من أصيب إصابات أعاقته عن الإستمرار في رحلة البحث عن الذهب.
في مناطق التنقيب عن الذهب، هناك من تعرض لخسائر مادية معتبرة، عقب إنفاق مبالغ مالية، فلم يحصل إلا على النزر القليل مما أنفقه في رحلة التنقيب عن الذهب، وهناك من حظي بفرص لم تتكرر بعد اللحظة الأولى، فقرر العودة وهناك من عاد إلى أهله وأستأنف رحلة التنقيب من جديد.
في مناطق التنقيب المرخصة من طرف السلطات العمومية، يجري الحديث عن وجود زبونية من طرف بعض القوى الأمنية، حيث تسمح للبعض بالإقتراب من مناطق غنية بالذهب، بينما تحرم آخرين من ذلك، وتعمل تلك القوى من وقت لآخر على مطاردة المنقبين من مناطق يحظر التنقيب فيها في ولايات: تيرس زمور، كيدي ماغه وداخلت نواذيبو.
وفي مناطق التنقيب هناك من شد الرحال إلى المناطق، لا بحثا عن الذهب وإنما لكي يمارس التجارة، فجاء معه بمختلف البضائع الخفيفة لبيعها هناك بأسعار مرتفعة، فهناك أسواق مفتوحة يتوفر داخلها كل شيء من حاجيات مختلفة، وهناك يتواجد مئات الشباب الباحثين عن العمل والذين لا يتوفرون على معدات للتنقيب، فقرروا التعاقد مع من يتوفر على جهاز كشف، مشترطين نصف المحصول في الإتفاقية، وغالبا ما يتعرض بعضهم للتحايل من طرف البعض. ولوحظ تراجع توافد أعداد السودانيين في مناطق التنقيب عن الذهب، وهناك يجري الحديث عن تواجد عشرات المنقبين، الذين لا يتوفرون على رخص وينقبون في بعض المناطق، في ظل الحديث عن تواجد تواطئ بينهم مع عناصر أمنية، بموجبها يغضون الطرف عن أنشطتهم، خصوصا في ساعات الليل.
في مناطق التنقيب وجد بعض المنقبين أنفسهم في وضعية صعبة، عندما تعرضت أجهزتهم لخلل فني، يبدو أنه ناتج عن سوء استخدامها وبعض الخلل ناتج عن رداءة هذه الأجهزة، حيث تم إغراق السوق بأجهزة رديئة خلال الأشهر الماضية، وعندما يتعطل الجهاز لدى المنقب يضطر للعودة إلى نواكشوط في رحلة شاقة أخرى، بحثا عن طريقة لإصلاحه، ومن ثم العودة من جديد في تلك الظروف البالغة الصعوبة.
وفي سياق متصل، كشفت بعض المصادر لصحيفة "ميادين"، عن عمليات تحايل في مناطق التنقيب عن الذهب.
وقالت ذات المصادر، إن العديد من الأشخاص قاموا بتمويل رحلات لعشرات الشبان إلى مناطق التنقيب عن الذهب، إلا أنهم فوجؤوا بعودتهم وهم يعلنون عدم الحصول على كميات معتبرة، وفجأة عاد هؤلاء إلى المنطقة، بعد أن مولوا لأنفسهم رحلات جديدة.
وأضافت نفس المصادر، أن المعطيات المتوفرة تفيد بأنهم بالفعل حصلوا على كميات، لكنهم لم يكشفوا عنها لمموليهم، وإنما تحايلوا عليهم، وعادوا إلى منطقة التنقيب لإستئناف نشاطهم هناك.
كما كشفت مصادر أخرى، عن إقدام الحكومة الموريتانية من خلال وزارة المعادن على ممارسة "الإنتقائية" في ترخيص أماكن التنقيب عن الذهب.
وقالت ذات المصادر، إن الأمر تم اكتشافه من طرف مئات المنقبين، الذين تكلفوا مبالغ مالية معتبرة، ولما توجهوا إلى تلك المناطق، إكتشفوا أن الحكومة رخصت للبعض مناطق توجد فيها كميات من الذهب وآخرين رخصت لهم مناطق لا وجود للذهب فيها إطلاقا وأخرى يمكن العثور فيها على كميات قليلة منه، وهو ما ولد حالة من الإحباط في صفوف المنقبين.