مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

حملة وأحلام الذهب والتوقيت المريب

 بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى" 

 قبل أسابيع من الإعلان عن العزم الرسمي على منح الإذن بالتنقيب للمواطنين عن الذهب السطحي، ترددت أنباء عن وجود محاولات غير مشرعة لحصول بعض الأفراد على بعض القطع الذهبية المتفاوتة، وتفاعل الخبر شعبيا مما شكل ضغطا على السلطات الرسمية عموما بفتح المجال بطريقة منظمة، إلا أن تسارع السلطة إلى فتح المجال واسعا لهذه الحملة المثيرة دفع الكثيرين للتساؤل عن حقيقة ما يجري من إذن وتنقيب.

رغم إقبال الكثيرين من الشباب والرجال والنساء على ميدان التنقيب، وسط ظروف مناخية وأمنية ومعيشية غير مشجعة، إلا أن المستفهمين عن خلفية الإذن بالتنقيب في هذا التوقيت مازالوا يطرحون أكثر من سؤال محير عن أسباب الولوج الرسمي في هذا الميدان الحساس وعن مآل هذا التنقيب الفوضوي عموما.

 ويرجح البعض أن تكون حملة التنقيب عن الذهب في الوقت الراهن، ذات شق سياسي معتبر، لأن النظام الذي يسعى جاهدا ولو بصورة غير مباشرة أحيانا لتعديل دستوري لصالح خرق وتفكيك قفل العهدتين، قد يكون من مصلحته شغل الناس والشباب العاطل عن العمل خصوصا في حملة ذهبية ظاهرها المنفعة الكبيرة ومصيرها على ضوء التوقعات لدى الجيولوجيين العارفين متاعب جمة بالمقارنة مع المنافع المحدودة المتوقعة، والمرهقة إقتصاديا وصحيا ونفسيا لشرائح كثيرة من المواطنين إندفعت صوب التنقيب، ولا يستبعد أن ترجع الأغلبية بخفي حنين حسب توقع البعض.

النظام تعمد الإذن بالبحث عن الذهب بعد أن تأكد من محدودية وندرة الكميات المستهدفة، وأن مجرد الطمع فيها سيدر على الخزانة العامة من أتاوات الإذن "100 ألف أوقية لكل إذن، و303 ألف أوقية لجمركة كل جهاز"، إلى جانب إشغال بعض الشباب المعارضين للوضع السيئ القائم، وخصوصا شباب "مان شاري كزوال"، والشباب الرافض عموما لحملة الفشل الرسمي الواسع المستحيل عده وحصره.

فقطعا هي حملة للحسابات السياسية فيها نصيب ومقدار جلي، ولأن الشباب في أغلبه مكتو بنار البطالة والحرمان منذ عقود، اندفع لا يلوي على شيء إلى ميدان التنقيب عن الذهب في قلب "تازيازت"، المعروفة بكثرة رياحها وغطاء نباتها القليل، وسط مخاطر أمنية محتملة، لا تخفى على العارفين بطبيعة مثل هذه الحملات التنقيبية عن المعادن النفيسة.

إن هذه الحملة المغرضة، قد يكون مآلها إذا لم تنجح المزيد من النقمة على النظام الحالي.

إذن بأربعة أشهر للمواطنين الموريتانيين، مقابل الإذن للأجانب باسم شركات لمدة ثلاثين سنة، والزج بآلاف الشباب في ميدان محفوف بالمخاطر، دون ماء ودون أمن حقيقي ودون آمال ذات بال.

إنها ربما مؤامرة حكومية مقصودة لجني أرباح مادية وسياسية محددة، رغم أن هذه المؤامرة لم يجرأ عليها نظام من قبل، سوى النظام الحالي ضمن حسابات أنانية ، تصفية نواكشوط من الاحتجاجات أو تقليلها على الأقل وإشغال الناس بطريقة مكلفة مهينة في ذهب وهمي غالبا.

فعندما أحكم عزيز وعائلته بالمعنى الواسع ومافياه القبضة كليا على أغلب منافع الوطن وحاصر المعارضين وجاهر بكراهيتهم وبالغ في توريط التجار غير المرغوبين في أكثرهم، عبر الضرائب الانتقائية أقدم على مهزلة الذهب ليذهب بجمهور كبير من المغفلين إلى مصير أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مصير غامض مرهق، مهدد بالعطش أحيانا والضياع في تلك المسالك الخطرة في عمق صحراء تازيازت الصعبة بامتياز، والجهة الرسمية غير قادرة على توفير الماء في الوقت الراهن أو المنع من المخاطر الأمنية والمناخية الطبيعية، دون دعم وتوفير كبير للوسائل المختلفة، ووسائل الدولة المالية تم تهريب الكثير منها أو اختزانه محليا لأغراض أنانية ضيقة، والمتأثر الأول في المحصلة هو الشعب الموريتاني وخزانته العمومية، رغم ما يروج له من أحلام من ذهب، وهو على الأصح ربما لا قدر الله اللهب فحسب في قلب تازيازت العنيدة.

احذروا معشر المغفلين، فنظام عزيز لم يمنحكم بسخاء إلا طريقا يكون هو الرابح فيه على وجه أكيد وربما يكون جانبكم وقسطكم متأرجحا بين الصرف العقيم والخطر المحتمل مع منافع قليلة محدودة.

هذا النظام أناني وغير إنساني البتة.

 وقد لا يعني هذا عدم وجود حالات ربحية للتمويه، إلا أن الغالب الأعم أن هذا الذهب لهب صريح في مجمل التحركات والوقائع دلت على ذلك، والخيبة رغم حالات قليلة بدت ملامحها تتزايد وتتكرس للأسف على أرض الواقع.

لهب في المصاريف قبل الإذن وبعد الإذن، وعند الرجوع إلى أرض الواقع، ستحسب الخسائر ومشاعر الندم.

وإن تأكد فشل هذه الحملة، فإن الضحايا لهم الحق في المطالبة بمحاكمة كل جهة رسمية، أو غير رسمية ساهمت في التغرير بهذه الأعداد الكبيرة من المواطنين في هذا الاتجاه السرابي، بلون ووهم الذهب، دون واقع ذهبي ملموس مريح.

وفي جو شعبوي فوضوي يتكاثر الحديث عن اكتشاف الذهب والماس هنا وهناك، وكأن موريتانيا تحولت بين غمضة عين وانتباهتها إلى ساحة مطلية بأغلى وأثمن المعادن الباطنية.

فقرية "الرش" في ضواحي المذرذرة يتحدث بعض المنتمين لها عن شائعة عثور راع على حجر ماسي معتبر، وفي أماكن أخرى متعددة وخصوصا حول ضواحي أكجوجت مازال يتحدث الناس عن تلك التوقعات الذهبية، وفي فيسبوك يتعمد ربما بعض تجار الأجهزة الكاشفة التهويل من أمر الذهب والماس للإقبال على أجهزتهم، الضعيفة الصناعة أصلا، ورغم ذلك مازالت أسعارها ترتفع تصاعديا.

لقد ظهر من خلال الإشاعة الراهنة بوجود كميات معتبرة من الذهب في تازيازت، مدى هشاشة وعي الشعب الموريتاني وسهولة جره للمهاوي، فقد تحرك الرأي العام برمته، نحو قصة ربما تم نسجها والدخول في تنفيذها تدريجيا بقصد وعمد وإتقان، وما عاد أحد يسأل عن شيء في المجالس الخاصة والعامة، إلا عن الذهب، فأصبح هو صيغة السلام قبل السلام أحيانا، وشد الكثيرون الرحال نحو الذهب الموعود في سياق حملة قد لا ترد تكاليفها لكل من أنفق في اتجاهها.

ترى هل سيساهم الذهب في خلق شبه طبقة متوسطة، أم أن الحصيلة أقل من ذلك بكثير، وقديما طالما ردد الشيخ الراحل الخطيب المصري عبد الحميد كشك في مواعظه: "رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب، ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا، رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مال، ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا، رأيت الناس منفضة إلى من عنده فضة ومن لا عنده فضة فعنه الناس منفضة": فالمندفعون في هذا الاتجاه قد لا يسمعون النصح المتعقل الحذر، إلا بعد أن يكتووا بواقع التجربة المباشرة، بعد أن يصرفوا كثيرا ويتعبوا أكثر ويكسبوا أقل، وفي المقابل يكسب النظام القائم الأناني عبر تغذية خزانته بالمال المغصوب تقريبا، بعد تلك الشائعات المتقنة الإخراج في نظر البعض، مع الإفضاء تدريجيا لمقصد التعديل الدستوري، عبر الاستفتاء الشعبي الذي صرح به ولد عبد العزيز اليوم أثناء زيارته للنعمة، هذا إلى جانب التخلص من أغلب الاحتجاجات في قلب العاصمة وفي وجه القمة العربية المرتقبة، مع تربح تجار الأجهزة بصورة خيالية، وقد يبقى الخاسر الأكبر المواطن البسيط المكتوي أصلا بندرة السيولة والبطالة، ولتكون المحصلة في النهاية ولو بعد عام على الأكثر المزيد من المعارضة الارتدادية، بعد فشل وانكشاف حملة وأحلام الذهب أو اللهب على الأصح، ويومها قد يتخلص الناس بإذن الله من هذا النظام الاستبدادي أو نظام إشاعة الذهب وحصار آلاف المواطنين والشباب بوجه خاص تحت أسوار وأحزمة اللهب، بدل الذهب الموعود الخادع في أغلب الأحيان.

وعندما يسقط الصنم يومئذ يفرح المؤمنون المصابرون بنصر الله، وانكشاف الموجة العزيزية التكتيكية الجديدة من موجات الاستفتاء للتمديد وإذهاب عقول الناس ولو عبر إشاعة ذهب كاذب فى أكثر الحالات.

ومن الجدير بالذكر أن الأنظمة عندنا تعودت على شغل الرأي العام المحلي بقصة ما لغرض الاستهلاك المدروس، وقد نجحت المخابرات الموريتانية مرارا في التحايل على المواطنين بسائر مستوياتهم، عبر توريطهم في ملفات وحملات مفبركة ليتمكن الحكام من عبور قنطرة عسيرة، بأسلوب إلهائي متعمد.

الذهب مهما كانت كميته، جاء بهذا الطعم السياسي الإلهائي دون شك حسب بعض المحللين، وبغض النظر عن جميع الاحتمالات الإيجابية أو السلبية.

لقد نجح نظام عزيز في إغراق الشعب الموريتاني في حملة وأحلام الذهب، فبات الجميع فاتحا ثغره للمجهول باذلا كل مجهوده للحصول على إذن وخيمة وجهازها وسيارة ومستلزماتها للوصول إلى ساحة الذهب الموعود، وهكذا الشعوب لابد لحكمها من طرق أحيانا غاية في الفنية والفبركة، وخصوصا الشعوب المتألمة من البطالة والفقر المدقع، فجاء مشوار الذهب عندنا ليستحوذ بسهولة على أغلب اهتمامات شعبنا المغبون المحروم من ثروته لصالح الحكام المتغلبين ومن يختاره داخليا وخارجيا دون عدل وقسط كاف.

ومع تزايد إقبال المواطنين الفوضوي على التنقيب عن الذهب، قد تتزايد مضايقة تازيازت، لأن مداخيل الدولة من المواطنين البسطاء ولو مع مقادير متحصلة قليلة من الذهب، فضرائب الدخول في منطقة التنقيب السطحي على المواطنين قد تضاهي يوما ما ضرائب ومداخيل MCM و"تازيازت" لصالح الخزانة العامة، ويومها قد يكون التأميم مطلبا شعبيا وربما رسميا حسب حسابات البعض.

وعموما ستبقى قصة الذهب في حلف قوي مع عامل الوقت ونتائج الاستفتاء على الدستور ومآلات الأزمة السياسية.

فالأيام كفيلة بكشف الزيف ويومها لكل حادث حديث.

قبل أسابيع من الإعلان عن العزم الرسمي على منح الإذن بالتنقيب للمواطنين عن الذهب السطحي، ترددت أنباء عن وجود محاولات غير مشرعة لحصول بعض الأفراد على بعض القطع الذهبية المتفاوتة، وتفاعل الخبر شعبيا مما شكل ضغطا على السلطات الرسمية عموما بفتح المجال بطريقة منظمة، إلا أن تسارع السلطة إلى فتح المجال واسعا لهذه الحملة المثيرة دفع الكثيرين للتساؤل عن حقيقة ما يجري من إذن وتنقيب.

رغم إقبال الكثيرين من الشباب والرجال والنساء على ميدان التنقيب، وسط ظروف مناخية وأمنية ومعيشية غير مشجعة، إلا أن المستفهمين عن خلفية الإذن بالتنقيب في هذا التوقيت مازالوا يطرحون أكثر من سؤال محير عن أسباب الولوج الرسمي في هذا الميدان الحساس وعن مآل هذا التنقيب الفوضوي عموما.

 ويرجح البعض أن تكون حملة التنقيب عن الذهب في الوقت الراهن، ذات شق سياسي معتبر، لأن النظام الذي يسعى جاهدا ولو بصورة غير مباشرة أحيانا لتعديل دستوري لصالح خرق وتفكيك قفل العهدتين، قد يكون من مصلحته شغل الناس والشباب العاطل عن العمل خصوصا في حملة ذهبية ظاهرها المنفعة الكبيرة ومصيرها على ضوء التوقعات لدى الجيولوجيين العارفين متاعب جمة بالمقارنة مع المنافع المحدودة المتوقعة، والمرهقة إقتصاديا وصحيا ونفسيا لشرائح كثيرة من المواطنين إندفعت صوب التنقيب، ولا يستبعد أن ترجع الأغلبية بخفي حنين حسب توقع البعض.

النظام تعمد الإذن بالبحث عن الذهب بعد أن تأكد من محدودية وندرة الكميات المستهدفة، وأن مجرد الطمع فيها سيدر على الخزانة العامة من أتاوات الإذن "100 ألف أوقية لكل إذن، و303 ألف أوقية لجمركة كل جهاز"، إلى جانب إشغال بعض الشباب المعارضين للوضع السيئ القائم، وخصوصا شباب "مان شاري كزوال"، والشباب الرافض عموما لحملة الفشل الرسمي الواسع المستحيل عده وحصره.

فقطعا هي حملة للحسابات السياسية فيها نصيب ومقدار جلي، ولأن الشباب في أغلبه مكتو بنار البطالة والحرمان منذ عقود، اندفع لا يلوي على شيء إلى ميدان التنقيب عن الذهب في قلب "تازيازت"، المعروفة بكثرة رياحها وغطاء نباتها القليل، وسط مخاطر أمنية محتملة، لا تخفى على العارفين بطبيعة مثل هذه الحملات التنقيبية عن المعادن النفيسة.

إن هذه الحملة المغرضة، قد يكون مآلها إذا لم تنجح المزيد من النقمة على النظام الحالي.

إذن بأربعة أشهر للمواطنين الموريتانيين، مقابل الإذن للأجانب باسم شركات لمدة ثلاثين سنة، والزج بآلاف الشباب في ميدان محفوف بالمخاطر، دون ماء ودون أمن حقيقي ودون آمال ذات بال.

إنها ربما مؤامرة حكومية مقصودة لجني أرباح مادية وسياسية محددة، رغم أن هذه المؤامرة لم يجرأ عليها نظام من قبل، سوى النظام الحالي ضمن حسابات أنانية ، تصفية نواكشوط من الاحتجاجات أو تقليلها على الأقل وإشغال الناس بطريقة مكلفة مهينة في ذهب وهمي غالبا.

فعندما أحكم عزيز وعائلته بالمعنى الواسع ومافياه القبضة كليا على أغلب منافع الوطن وحاصر المعارضين وجاهر بكراهيتهم وبالغ في توريط التجار غير المرغوبين في أكثرهم، عبر الضرائب الانتقائية أقدم على مهزلة الذهب ليذهب بجمهور كبير من المغفلين إلى مصير أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مصير غامض مرهق، مهدد بالعطش أحيانا والضياع في تلك المسالك الخطرة في عمق صحراء تازيازت الصعبة بامتياز، والجهة الرسمية غير قادرة على توفير الماء في الوقت الراهن أو المنع من المخاطر الأمنية والمناخية الطبيعية، دون دعم وتوفير كبير للوسائل المختلفة، ووسائل الدولة المالية تم تهريب الكثير منها أو اختزانه محليا لأغراض أنانية ضيقة، والمتأثر الأول في المحصلة هو الشعب الموريتاني وخزانته العمومية، رغم ما يروج له من أحلام من ذهب، وهو على الأصح ربما لا قدر الله اللهب فحسب في قلب تازيازت العنيدة.

احذروا معشر المغفلين، فنظام عزيز لم يمنحكم بسخاء إلا طريقا يكون هو الرابح فيه على وجه أكيد وربما يكون جانبكم وقسطكم متأرجحا بين الصرف العقيم والخطر المحتمل مع منافع قليلة محدودة.

هذا النظام أناني وغير إنساني البتة.

 وقد لا يعني هذا عدم وجود حالات ربحية للتمويه، إلا أن الغالب الأعم أن هذا الذهب لهب صريح في مجمل التحركات والوقائع دلت على ذلك، والخيبة رغم حالات قليلة بدت ملامحها تتزايد وتتكرس للأسف على أرض الواقع.

لهب في المصاريف قبل الإذن وبعد الإذن، وعند الرجوع إلى أرض الواقع، ستحسب الخسائر ومشاعر الندم.

وإن تأكد فشل هذه الحملة، فإن الضحايا لهم الحق في المطالبة بمحاكمة كل جهة رسمية، أو غير رسمية ساهمت في التغرير بهذه الأعداد الكبيرة من المواطنين في هذا الاتجاه السرابي، بلون ووهم الذهب، دون واقع ذهبي ملموس مريح.

وفي جو شعبوي فوضوي يتكاثر الحديث عن اكتشاف الذهب والماس هنا وهناك، وكأن موريتانيا تحولت بين غمضة عين وانتباهتها إلى ساحة مطلية بأغلى وأثمن المعادن الباطنية.

فقرية "الرش" في ضواحي المذرذرة يتحدث بعض المنتمين لها عن شائعة عثور راع على حجر ماسي معتبر، وفي أماكن أخرى متعددة وخصوصا حول ضواحي أكجوجت مازال يتحدث الناس عن تلك التوقعات الذهبية، وفي فيسبوك يتعمد ربما بعض تجار الأجهزة الكاشفة التهويل من أمر الذهب والماس للإقبال على أجهزتهم، الضعيفة الصناعة أصلا، ورغم ذلك مازالت أسعارها ترتفع تصاعديا.

لقد ظهر من خلال الإشاعة الراهنة بوجود كميات معتبرة من الذهب في تازيازت، مدى هشاشة وعي الشعب الموريتاني وسهولة جره للمهاوي، فقد تحرك الرأي العام برمته، نحو قصة ربما تم نسجها والدخول في تنفيذها تدريجيا بقصد وعمد وإتقان، وما عاد أحد يسأل عن شيء في المجالس الخاصة والعامة، إلا عن الذهب، فأصبح هو صيغة السلام قبل السلام أحيانا، وشد الكثيرون الرحال نحو الذهب الموعود في سياق حملة قد لا ترد تكاليفها لكل من أنفق في اتجاهها.

ترى هل سيساهم الذهب في خلق شبه طبقة متوسطة، أم أن الحصيلة أقل من ذلك بكثير، وقديما طالما ردد الشيخ الراحل الخطيب المصري عبد الحميد كشك في مواعظه: "رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب، ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا، رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مال، ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا، رأيت الناس منفضة إلى من عنده فضة ومن لا عنده فضة فعنه الناس منفضة": فالمندفعون في هذا الاتجاه قد لا يسمعون النصح المتعقل الحذر، إلا بعد أن يكتووا بواقع التجربة المباشرة، بعد أن يصرفوا كثيرا ويتعبوا أكثر ويكسبوا أقل، وفي المقابل يكسب النظام القائم الأناني عبر تغذية خزانته بالمال المغصوب تقريبا، بعد تلك الشائعات المتقنة الإخراج في نظر البعض، مع الإفضاء تدريجيا لمقصد التعديل الدستوري، عبر الاستفتاء الشعبي الذي صرح به ولد عبد العزيز اليوم أثناء زيارته للنعمة، هذا إلى جانب التخلص من أغلب الاحتجاجات في قلب العاصمة وفي وجه القمة العربية المرتقبة، مع تربح تجار الأجهزة بصورة خيالية، وقد يبقى الخاسر الأكبر المواطن البسيط المكتوي أصلا بندرة السيولة والبطالة، ولتكون المحصلة في النهاية ولو بعد عام على الأكثر المزيد من المعارضة الارتدادية، بعد فشل وانكشاف حملة وأحلام الذهب أو اللهب على الأصح، ويومها قد يتخلص الناس بإذن الله من هذا النظام الاستبدادي أو نظام إشاعة الذهب وحصار آلاف المواطنين والشباب بوجه خاص تحت أسوار وأحزمة اللهب، بدل الذهب الموعود الخادع في أغلب الأحيان.

وعندما يسقط الصنم يومئذ يفرح المؤمنون المصابرون بنصر الله، وانكشاف الموجة العزيزية التكتيكية الجديدة من موجات الاستفتاء للتمديد وإذهاب عقول الناس ولو عبر إشاعة ذهب كاذب فى أكثر الحالات.

ومن الجدير بالذكر أن الأنظمة عندنا تعودت على شغل الرأي العام المحلي بقصة ما لغرض الاستهلاك المدروس، وقد نجحت المخابرات الموريتانية مرارا في التحايل على المواطنين بسائر مستوياتهم، عبر توريطهم في ملفات وحملات مفبركة ليتمكن الحكام من عبور قنطرة عسيرة، بأسلوب إلهائي متعمد.

الذهب مهما كانت كميته، جاء بهذا الطعم السياسي الإلهائي دون شك حسب بعض المحللين، وبغض النظر عن جميع الاحتمالات الإيجابية أو السلبية.

لقد نجح نظام عزيز في إغراق الشعب الموريتاني في حملة وأحلام الذهب، فبات الجميع فاتحا ثغره للمجهول باذلا كل مجهوده للحصول على إذن وخيمة وجهازها وسيارة ومستلزماتها للوصول إلى ساحة الذهب الموعود، وهكذا الشعوب لابد لحكمها من طرق أحيانا غاية في الفنية والفبركة، وخصوصا الشعوب المتألمة من البطالة والفقر المدقع، فجاء مشوار الذهب عندنا ليستحوذ بسهولة على أغلب اهتمامات شعبنا المغبون المحروم من ثروته لصالح الحكام المتغلبين ومن يختاره داخليا وخارجيا دون عدل وقسط كاف.

ومع تزايد إقبال المواطنين الفوضوي على التنقيب عن الذهب، قد تتزايد مضايقة تازيازت، لأن مداخيل الدولة من المواطنين البسطاء ولو مع مقادير متحصلة قليلة من الذهب، فضرائب الدخول في منطقة التنقيب السطحي على المواطنين قد تضاهي يوما ما ضرائب ومداخيل MCM و"تازيازت" لصالح الخزانة العامة، ويومها قد يكون التأميم مطلبا شعبيا وربما رسميا حسب حسابات البعض.

وعموما ستبقى قصة الذهب في حلف قوي مع عامل الوقت ونتائج الاستفتاء على الدستور ومآلات الأزمة السياسية.

فالأيام كفيلة بكشف الزيف ويومها لكل حادث حديث.

اثنين, 02/05/2016 - 11:11