بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
توفيت يوم السبت الموافق ل 16 ابريل 2016، السنية بنت عبدي ولد دحي، لأمها مريم بنت خليفه، وقد دفنت، حيث حان الأجل والكتاب، في مكة المكرمة، فأوريت بثراها، وهي التي حوت بيت الله العتيق ومهبط الوحي وأولى قطرات الندى الرباني القرآني، الذي أنزله جبريل، الروح الأمين ، عليه السلام، على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
كانت السنية –رحمها الله وتقبلها في فردوسه الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين- واعية لطبيعة الرحلة والمسا ر، المنتهي إلى الموت، المصير المشترك لكل الأحياء، فانشغلت بالعمل الصالح فحسب، وقصدت مكة المكرمة، مجاورة منذ قرابة عشرين سنة.
ومن قبل ذلك، كانت تتردد على الحرمين في الحج والعمرة، إلى أن قررت الاستقرار هناك، تاركة الوطن الغالي عليها، مفضلة المكث بمكة المكرمة إلى لحظة الرحيل المحتوم إلى بارئها، وهو أرحم الراحمين.
أجل، وعيت السنية –رحمها الله - طبيعة المسار المفضي حتما إلى قضاء الله وقدره، ففضلت التزود، استعدادا للقاء الله.
قال الله تعالى :" وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " .
وقال ربنا جل شأنه :" كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ "، وقال سبحانه :" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ".
وقال الله في مُحكَم التنزيل " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ".
اللهم تجاوز عنها وارحمها، وأرزق أهلها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أقامت في مكة المكرمة ولحقت بها سكنا وجوارا ابنتها البارة صفية بنت عبدُ ولد خيري – حفظها الله - وحفظ سائر عيالها من بعدها، والذين أحسنوا إليها أجمل الإحسان وخصوصا بعدما مرضت وضعفت، واحتاجت لعون تلك الصفوة الطيبة من أبنائها وبناتها، الذين نعزيهم جميعا فردا فردا، دون استثناء، ونقول لهم باختصار"لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى"، هكذا الرحلة والمسار، إنما الدنيا فرصة سريعة عابرة للتزود بالتقوى، والاستعداد للقاء الرحمن.
لقد أحسنت السنية بنت عبدي ولد دحي الاختيار، فتم لها المقصد بإذن الله.
قال الله تعالى "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا".
اللهم بدل سيئاتها حسنات وتقبل حسناتها وزد في أجرها من منك وفضلك العظيم العميم، وأرحم سائر موتانا، وسائر موتى المسلمين، وارحمنا إذا صرنا مثلهم، و"إنا لله إليه وإنا إليه راجعون".