بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
بعد عمر ناهز 90 سنة،رحل المنفق العابد محمد سيدينا ولد ابراهيم ولد عبد الله، لأمه مريم بنت الطايع، بعد مرض لم يدم طويلا...عاش حياة حافلة بالجد و العلم والعمل...أنفق فأجزل العطاء ووسع خلقه الجم الحسن سائر من عرفه.
نحسبه –ولا نزكي على الله أحدا- عابدا عارفا منفقا، طيب الطوية والسريرة- إن شاء الله – ونرجو له من الله المغفرة والقبول ورضوان الله في فردوسه الأعلى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الله جل شأنه: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون" .
ولا نقول إلا ما يرضي الرحمن على غرار تعزيته صلى الله عليه وسلم " إنا لله وإنا إليه راجعون لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بحساب واجل مسمى ".
اللهم ألهم ذويه الصبر والسلوان وأغسل خطاياه بالماء والثلج والبرد، وأدخله في جنات خلدك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم.
ساهم محمد سيدينا –رحمه الله- وهو أكبر أبناء ابراهيم بن سيد محمد ولد عبد الله في تأسيس أول ملامح القطاع الخاص التجاري الموريتاني، وذلك من خلال نشاطه، هو وإخوته أبناء عبد الله، وكانت البداية مع مطلع الخمسينات من القرن المنصرم، مابين بير أم أغرين وازويرات وأطار، قبل انتقال نشاطهم التجاري، المتوسع لاحقا في نهاية عقد الستينات، إلى روصو ونواكشوط العاصمة،.
وكان هذا الإسهام في التأسيس لدى محمد سيدينا مبنيا على الاستقامة والسماحة والحكمة والإنفاق –رحمه الله-، وفضل لاحقا المكث في مسقط رأسه ممثلا للمؤسسة في مدينة أطار، طيلة السبعينات وإلى اليوم، يوم وفاته بنواكشوط ليلة الثلاثاء الموافق11 ابريل 2016 حيث صُلي عليه، بعد صلاة الفجر، بجامع بداه ولد البصيري –رحمه الله- في لكصر، وأُوري الثراء بمدينة أطار، وسط مشهد مهيب، شهد له الجميع بالخير العميم والمسالمة الكاملة والمنفعة الواسعة لعباد الله والوطن.
لم يعرف بالحياد السلبي في معارك السياسةأو الشأن العام –بعبارة أشمل-، ضمن طابع رجولة واضح، مفحم غالب غالبا.
كان حسن الخلق جريئا منفقا بحق، يأسر بهدوئه وتصرفاته المسؤولة كل من يتعرف عليه، كما كان له باع واسع في المعارف الشرعية المختلفة وخصوصا القرآن والفقه والسيرة النبوية، وعرف بوجه خاص ببناء المساجد والمحاظر والقيام عليها وإفطار الصائمين، وإغاثة اللهفان وذوي الحاجات وعابر السبيل، دون السؤال عن الهوية أو أي تفصيل أحيانا، لأن العمل باختصار لوجه لله رب العالمين.
اللهم تجاوز عنه، وأخلف من بعده في أهله أجمعين وتقبل منه وأرحمه يا رب العرش العظيم، يا أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وأرحم سائر موتانا وسائر موتى المسلمين.
لا غرابة أن تبكي موريتانيا كلها، بصورة شرعية مسؤولة، محمد سيدينا ولد ابراهيم ولد سيد محمد ولد عبد الله، وأطار بوجه خاص، لما تواتر عنه من نبل وتعاطف وفعل خير متنوع مفيد.
أحد أعيان جماعة "الشماسدة" في الحقبة المعاصرة توفي البارحة بمستشفى صباح بالعاصمة، ويتوقع أن تشهد مدينة أطار قدوم ألوف المعزين من مختلف أطراف الوطن لتقديم التعازي في هذا المصاب الجلل.
هكذا الدنيا، دار اختبار وامتحان وعبور فحسب، وفي الدار الأخرى الجزاء والقرار، بمعنى الاستقرار والمكث " فريق في الجنة وفريق في السعير" "والآخرة خير وأبقى" " ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " ، وقال أيضا جل شأنه " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ".
اللهم إنا نسألك الرحمة للفقيد وألهمنا من بعده طريق الأخوة والتآلف والعمل الصالح، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإنا لله وإنا إليه راجعون