مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

مجرد رأي لمن يهمهم الأمر/بقلم: البروفيسور الشيخ محمد الحافظ دهاه

خبير دولي في مجال التغذية و الصحة العمومية 
أستاذ بجامعة نواكشوط

في خطوة تعد من أبرز القرارات الإستراتيجية في مجال الصحة العمومية و التنمية المستدامة أعلنت الحكومة الموريتانية في يناير 2023 عن إنشاء الوكالة الموريتانية لسلامة الأغذية AMSSA 
هذه المبادرة ليست مجرد إجراء إداري بل هي إستجابة علمية و واقعية لتحديات سلامة الأغذية التي تواجهها الدول في ظل العولمة و تغير أنماط الإنتاج و الإستهلاك. 

منظمة الصحة العالمية OMS و منظمة الأغذية والزراعة FAO تؤكدان أن إنشاء وكالات وطنية مستقلة لسلامة الأغذية يعد من الركائز الأساسية لحماية و ضمان صحة السكان و تعزيز الثقة في السلسلة الغذائية. 

شبكة INFOSAN الدولية التي تضم أكثر من 190 دولة ، تظهر أن تبادل المعلومات السريع بين السلطات الوطنية يقلل من مخاطر الأوبئة الغذائية و يعزز الإستجابة الفعالة. 
التجارب الدولية مثل وكالة سلامة الغذاء الأروبية  EFSA و الهيئة الأمريكية للغذاء و الدواء FDA أثبتت أن استقلالية هذه المؤسسات عن الوزارات القطاعية تعزز فعاليتها و تجنب تضارب المصالح.

و رغم أهمية القرار فإن اختيار وزارة التجارة كمظلة مؤسسية للوكالة يثير تساؤلات جوهرية حول مدى استقلاليتها و فعاليتها. فوزارة التجارة مهما كانت مكانتها، تظل جهة تنظيمية للسوق و قد تجد نفسها في موقع "الحكم و الخصم" في آن واحد مما يضعف لا محالة من حيادية الوكالة و يقلل من قدرتها على فرض الرقابة الصارمة على المنتجات الغذائية.

إن وكالة بهذا الحجم و الدور يجب أن تكون تحت إشراف رئاسة الحكومة أو حتى رئاسة الجمهورية لضمان استقلاليتها و توفير الدعم السياسي و المؤسسي اللازم، و تمكينها من التنسيق بين مختلف القطاعات كالزراعة، و الصحة، و الصناعة، و البيئة، و التجارة، إلخ.

إن إنشاء AMSSA هو قرار تاريخي، لكنه يحتاج إلى رؤية مؤسسية استراتيجية تضمن له النجاح و الاستدامة، فالسلامة الأغذية ليست قضية قطاعية، بل هي قضية وطنية تتطلب قيادة مركزية، تنسيقا متعدد القطاعات، و استقلالية تامة

و الله ولي التوفيق

أحد, 06/07/2025 - 23:18