
مرّت عشرون سنة على وفاة احميده ولد بوشرايا الرجل الذي عرفه الجميع بكرمه ووفائه ونبله فلم يُسجّل عليه يومًا إساءة لأحد ولا عُرف عنه إلا الخير والوقوف مع الناس في الشدائد رجلٌ كانت سيرته أنقى من أن تُمس وأكرم من أن تُشكّك.
لكن فجأة وفي لحظة تخبط أو تجن متعمّد خرج الشيخ ولد باها في مقابلة علنية يتحدث بكلام جارح مليء بالتقليل والتجريح موجّه لرجل وفاه الأجل لا يملك فرصة الرد وكأن القيم انقلبت وصار الهجوم على الموتى بطولة ما قاله الشيخ لم يكن رأيًا عابرًا ولا زلّة لسان بل إساءة مدروسة جاءت متأخرة بعد عقدين من الصمت لتفتح جرحًا في الذاكرة الجماعية وتكشف عن قدر كبير من الجحود لم يتحمّله أحد
لكن المفاجأة أن الإساءة جاءت بنتيجة عكسية تمامًا لقد وحّدت الناس كما لم يتوحّدوا من قبل وردّوا الكلمة بعاصفة من الرفض والغضب النبيل من كل الأطياف ومن كل الشرائح وجميع المجموعات انتفضوا دفاعًا عن اسم رجل أجمعوا على فضله وأدركوا أن الصمت في وجه الباطل خيانة لذكراه.
احميده ولد بوشرايا وإن غاب بجسده باقٍ برجولته في ضمير الناس والإساءة إليه لم تهزه بل هزّت من أطلقها وكشفت حجم الهوّة بين من عاش شامخًا ورحل محترمًا وبين من أضاع البوصلة وأخطأ الهدف.
رحم الله احميده رجل لا يُسقطه كلام ولا تلطخه ألسنة السوء لأن اسمه محفور في القلوب لا يُمسّ.