مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الحج عبادة و سلوك و ممارسة/ بقلم: اباي ولد اداعة 

مع إقتراب موعد الحج لهذا العام و مغادرة الرحلات بإتجاه مدينة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ،
تذكرت تلك المناسك العظيمة ذات المعاني الجليلة و الدلالات العميقة في أعظم صور الخضوع لله و الإذعان و التسليم بالعبودية له وحده لا شريك له .
حيث يعد الحج الركن الخامس من أركان الإسلام و مناسبة دينية هامة تتجدد كل موسم و فرصة مواتية ومتاحة لأداء مناسك الحج لمن استطاع إليه سبيلا.
كما في الآية الكريمة من سورة آل عمران ( و لله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فإن الله غني عن العالمين..) صدق الله العظيم.
فالحج طاعة عظيمة و عبادة جليلة فيها تحقيق للعبودية وكمال في الذل و الخضوع و الإنكسار بين يدي الله عز و جل .
فالحاج يخرج من ملاذ الدنيا و محابها مهاجرا إلي ربه سبحانه وتعالي تاركا ماله و أهله متغربا عن بيته و وطنه متجردا من ثيابه المعتادة لابسا إزارا و رداءا حاسرا علي رأسه متواضعا لربه تاركا الطيب و ملذات الدنيا متنقلا بين المشاعر بقلب خاشع و عين دامعة و لسان ذاكر راجيا رحمة ربه خائفا من عذابه و شعاره في ذلك كله ( لبيك اللهم لبيك ) 
بمعني انني خاضع لك يا رب مستجيب لندائك منقاد لحكمك ممتثل لأمرك.
الحج له منافع كثيرة فهو شعيرة نتعلم منها كمال العبودية و الخضوع لله عز وجل و فيها تدريب علي المبادئ و القيم التي جاء بها الإسلام فالحج المبرور من أسباب غفران الذنوب و دخول الجنة.
يتشكل في موسم الحج مشهد عظيم بحجم عظمة الإسلام تتقاطع فيه شعوب العالم المسلمة و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية و العرقية و اللغات و اللهجات رغم إختلاف و تباين المشارب و المذاهب الدينية و تنصهر كلها في عقيدة و شعيرة واحدة لا صوت فيها يعلو فوق صوت التلبية( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك والملك لا شريك لك ).
استجابة لنداء الله و  دعوة نبيه ابراهيم عليه الصلاة و السلام كما في الآية الكريمة من سورة الحج ( و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و علي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) صدق الله العظيم.
لوحة إنسانية واقعية لا نظير لها لا تقوم علي الاختصاص الإثني بقدر ما تتشكل علي هذا النحو دون أن تمس بالتنوع القائم أساسا بين البشر علي إختلاف ألسنتهم و ألوانهم الذي هو من آيات الله في خلقه .
إنه مشهد يسر الناظرين تتواءم فيه قيمة المساواة و وحدة الحال مع ثراء التنوع الإنساني في أبها صوره و تجلياته و صولا لمقاصد و مضامين الآية الكريمة من سورة الحجرات ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى  و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) صدق الله العظيم . 
كما يجب الإشارة بوضوح و الإشادة في هذا الصدد بما تقدمه سلطات المملكة العربية السعودية  من حين لآخر من جهود كبيرة و كبيرة جدا لتطوير و تحسين الخدمات الأساسية و توسيع البني التحتية وفق المعايير و المواصفات الدولية ،
إلي جانب التوسعة المستمرة للحرم المكي و المسجد النبوي الشريف .
و التطور في نوعية الخدمات و المواصلات و التسهيلات داخل محيط المشاعر المقدسة بمكة المكرمة و المدينة المنورة خدمة للحج وتسهيلا الحجيج .
بالإضافة لماتوله من عناية خاصة بضيوف الرحمن ،
لا شك أن ظروف و ضوابط و إجراءات مناسك الحج في موريتانيا علي المستوي الرسمي قد تحسنت كثيرا منذ اعتماد القرعة في السنوات الأخيرة مقارنة بما كان يحصل في الماضي القريب من ارتجالية في القرارات و معاناة و طول انتظار في المطارات و عدم الإلتزام بالمواعيد و سوء الخدمة و اضطراب و ارتباك و تأخر في الرحلات .
شهد تطورا ملحوظا خلال المواسم الأخيرة علي مستوي تنظيم الرحلات و تحسين الخدمة حيث تم القيام قبل موسمين و لأول مرة بدمج إحضار و تقديم و جبات الإفطار و الغداء و العشاء  بانتظام و بإشراف مباشر من بعض المؤطرين حتي يتحرر الحاج من كل القيود و يتسني له التفرغ للعبادة.
أمور تذكر فتشكر رغم تحفظ بعض الحجاج .
تأتي ضمن جهود السلطات الموريتانية لتأمين السكن اللائق و التغذية و النقل بين المدن و المناسك و الشعائر 
تجسيدا لتوصيات و توجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني و حرصه الدؤوب علي ضمان تأدية حجاجينا الميامين لنسكهم في أحسن الأحوال و الظروف و العمل بروح الفريق الواحد خدمة للحاج الموريتاني.
الذي ينبغي أن يكون سفيرا لوطنه و حضارته العريقة و هويته القائمة علي الإنفتاح و التسامح و تجنب الجدال و اللجاج و أسباب الخلاف و الإلتزام بالضوابط الأخلاقية و الثوابت الوطنية.و الدينية و
 التحلي بالسلوك المدني صونا لما أسسه و بناه الشناقطة القدامي من  مجد و مكاسب و صيت علم واسع و سمعة حسنة في ربوع أرض الحجاز 
 و ان يكون عونا و سندا لكل القائمين علي شأن الحج و جزءا من قصة نجاح موسم حج استثنائي.
 كماينبغي أن يكون علي قدر حسن ظن الآخرين به حتي لا يمنحهم فرصة تقديم تقييم سيئ وانطباع خاطئ و مشين اتجاه حجاجنا الميامين.
فالحج قبل كل شئ عبادة و سلوك و ممارسة.
ففي هذا الإطار و علي غرار ما حصل معي رفقة احد الحجاج  الموريتانيين من أمام مقام ابراهيم عليه الصلاة والسلام و سط حشد كبير من الحجاج .
حينما سألنا علي جناح السرعة أحد المؤطرين و المرشدين الدينيين السعوديين المعتمدين داخل الحرم المكي عن موقف الشرع من  أمور حصلت مع بعضنا في الطواف امتنع عن الإجابة بحجة انه لا يمكنه إجابة الموريتانيين في أمور الدين و الشريعة بينما لديهم أكبر مرجعية دينية العلامة المختار الشنقيطي متواجد في المدينة المنورة يمكن الإتصال به أوالعودة إليه.
موقف يعكس مكانة علماء شينقيط و الشناقطة علي العموم في نفوس رجال الدين السعوديين وغيرهم .
 شعور جعلنا نعتز و نفتخر أكثر من أي وقت مضي بالانتماء لهذا الوطن الغالي.
فالحج بما يمثل من وقفات للإمتثال و محطات لنيل المغفرة و معجزات و دروس و عبر و ذكريات روحية يظل حتما في الوجدان و الشعور .
و لله الأمر من قبل و من بعد !!
هنيئا لمن كتب له الحج هذا العام ،
حج مبرور .
اللهم العودة ثم العودة في قادم المواسم ،
 إن شاء الله .
اللهم أغفر لنا و لوالدينا و للمسلمين و أرحم موتانا موتي المسلمين و أشف مرضانا و مرضي المسلمين ،
برحمتك يا أرحم الراحمين. 
و صل اللهم وسلم و بارك علي سيدنا محمد و علي آله و صحبه حق قدره و مقداره العظيم، 
صلاة تهدينا و ترزقنا  و تنجينا بها من 
عذاب القبر و عذاب النار .

       جمعة مباركة 

جمعة, 16/05/2025 - 10:41