
يعد تهريب و تعاطي المخدرات من أخطر الآفات التي نعاني منها منذ أمد طويل و تهدد نسيج الأسرة و المجتمع بأسره .
كما تساعد و تساهم بشكل مستمر في تنامي السلوك الإجرامي،
نظرا للآثار المدمرة التي تخلفها علي صحة الشعوب و عقولها .
فضلا عن تأثيرها السلبي علي إقتصاد و إستقرار و تقدم الدول .
وقد انتشرت بشكل خطير داخل أوساط الشباب في المناطق الهشة و غيرها .
بدليل شيوع الفساد الأخلاقي و العنف و انتشار الجريمة و إتساع حالات القتل و الإغتصاب و السرقة و التعدي علي ممتلكات الآخرين في صفوف الشباب ....الخ .
و قد شهدت العاصمة انواكشوط خلال الأسبوع الماضي سلسلة من العمليات الأمنية الناجحة لله الحمد .
لاقت أرتياحا إيجابيا داخل الأوساط الشعبية و تثمينا من أطراف عدة معارضة و موالاة .
كما شكلت أيضا قضية رأي وطني داخل فضاءات وسائل التواصل الإجتماعي( الإعلام البديل ) .
حيث تمكن جهاز الدرك الوطني ممثلا في فرقة البحث التابعة له في خطوة غير مسبوقة و بالتنسيق الجيد مع جهات أمنية و إستخباراتية من تفكيك شبكة إجرامية تمتهن إستيراد و توزيع الحبوب المهلوسة و تروج لبيع المخدرات و المؤثرات العقلية
تنشط داخل الوطن و في المحيط الإقليمي.
هذا وقد تم تنفيذ عدة عمليات نوعية أستهدفت تجار و مروجي المخدرات ،
أسفرت عن ضبط كميات كبيرة و كبيرة جدا من حبوب الهلوسة الضارة و القاتلة و عدة أشكال من مواد التجميل المسرطنة و الأدوية المزورة و غير مرخصة تم تخزينها داخل مخازن ضخمة و سط أحياء سكنية بعيدة عن الأنظار تكفي لإغراق البلد بالحبوب المهلوسة و المواد السامة .
و هو ما يعكس الإحترافية العالية لعناصر الدرك الوطني و قدرتهم الفائقة علي التصدي لمحاولات زعزعة إستقرار المجتمع .
في حين تم القبض علي أشخاص من بينهم موزعين و باعة و عمال يشتبه في ضلوعهم بتهريب المخدرات .
ضمن إستراتيجية محكمة لتعزيز الأمن و مكافحة الجرائم التي تهدد سلامة المجتمع .
عمل وطني جبار يذكر فيشكر أنجزه قطاع الدرك الوطني ضباطا و جنودا .
لم يكن ليتأتي لو لا الإرادة الجادة و الصادقة الحاصلة لديهم بغية تأمين البلاد و العباد ،
غير أنه بات لافتا من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها أجهزة الأمن و الجمارك من حين لآخر و من مواقع متباينة (خاصة قطاع الدرك والشرطة ) ،
تنامي ظاهرة المخدرات و مشتقاتها و انتشارها بشكل خطير و مخيف جدا داخل بلادنا ،
نتيجة عوامل عدة من أبرزها الجشع و طغيان المادة و غياب الوازع الديني و الوطني ، و تساهل و تراخي السلطات في تطبيق القانون ، الفساد و الرشوة ،
تحكم أهل النفوذ و المال في مفاصل الدولة .
الثراء الفاحش غير مشروع بين عشية وضحاها و مظاهر البذخ و الترف عند بعض الأشخاص و العوائل دون مساءلة أو تحقيق للوقوف علي مصادر هذه الثروات الهائلة المهيمنة و المسيطرة في كل الأوقات و المناسبات الإجتماعية والسياسية و الإنتخابية و التي أضحت تشكل تهديدا للأمن الإجتماعي و التعايش الأهلي ....الخ .
فمن شبه المؤكد أن بلادنا أصبحت و جهة لتعاطي المخدرات بعد ما كانت في السابق منطقة عبور ،
بدليل انتشارها علي نطاق واسع و بكميات كبيرة في المخازن و الأسواق و المدارس و الأماكن العامة ،
و تغلغلها داخل المجتمع مستهدفة فئات الشباب و الأطفال و الفتيات التي تمثل النسبة الأكبر .
و بشهادة وزير الداخلية نفسه السيد محمد احمد ولد محمد الأمين ،
الذي سبق و أن حذر خلال مداخلة له أمام البرلمان .
من مخاطر تفشي ظاهرة المخدرات التي أصبحت منتشرة و موجودة في كل مكان ،
مؤكدا أن بعض حراس المدارس و المنازل و المنشآت قيد البناء باتوا يلعبون دورا كبيرا في توزيع المخدرات و حبوب الهلوسة.
فأهل مكة أدري بشعابها .
هكذا يقع الشباب ضحية إستعمال هذه السموم العابرة للقارات و المدمرة للمجتمعات و التي تهرب بشكل أو بآخر عبر مختلف و سائل النقل برا جوا بحرا ،
و بأغرب الطرق و الحيل و بالتواطؤ و التمالؤ في أكثر الأحيان و الأحوال. خاصة مع تزايد أعداد المهاجرين غير شرعيين الذي ينشطون في تجارة المخدرات و الأوراق النقدية المزيفة .
فالمخدرات و الهجرة غير الشرعية وجهان لعملة واحدة .
ضياع و دمار !!
لذا فإن الأمر بات يتعلق بحرب تستهدف كينونة و مقومات المجتمع .
مما يستوجب الوقوف عند هذه النقطة بالتحديد و النظر في مقاصد البيت الشعري : -
و قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر
و قتل شعب آمن مسألة فيها نظر .
من جهة أخري أنقسم الشارع الموريتاني بشأن هذه القضية ما بين : -
مواطن مندفع و متحمس لما قيم به من تدابير أمنية و تخطيط محكم مكن من ضبط كميات الحبوب المخدرة قبل أن تصل طريقها إلي المواطن ،
ينتظر مآلات تحقيق جاد و عادل حول أشد الجرائم خطورة يكشف كل التفاصيل و الجزئيات بقدر يطيح بالرؤوس الكبيرة في خطوة غير مسبوقة و يضع حدا لهذه الجرائم و الفوضي العارمة .
بالمقابل تأخذ العدالة مجراها بشكل يتضح للعيان و تصدر أحكاما قاسية بحق مرتكبي هذه الجرائم تناسب حجم الأضرار و المخاطر و تكون رادعة.
و مواطن مل الوعود و الشعارات يخشي الإنصياع لرغبة أهل النفوذ و المال و إختزال القضية في أشخاص عاديين دون كبار القوم من المهربين .
و بالتالي تذهب القضية في مهب الريح و الملف في طي النسيان كما حدث مع حالات مماثلة في السابق .
فالعبرة بالخواتيم !!!
تأسيسا لما سبق فإن مواجهة و مكافحة تهريب و إنتشار المخدرات و تبيض الأموال هي مسؤولية تقع علي عاتق الجميع تتطلب يقظة كاملة و مواطنة حقيقية و تكاتف و تضافر الجهود و العمل المشترك لتوحيد الرؤي و الخطط بين كافة الأطراف المعنية حكومة و شعبا و أجهزة أمنية و قضائية و مجتمع مدني و أحزاب سياسية و قادة رأي و رجال دين و إعلام ...الخ
في إتجاه حماية الشباب التائه و صون مستقبله .
موريتانيا أمانة في أعناق الجميع .
حفظ الله موريتانيا



