تعرف الإدارة الموريتانية منذ بعض الوقت الكثير من التجاوزات الصريحة، المنافية لدولة الحق والقانون، هذه الوضعية التي أصبحت شائعة الانتشار في بعض المرافق العمومية تولدت عنها مظاهر متنوعة من الظلم الذي ولد حالة عامة من اليأس والحرمان و الإحباط لدة طبقات عريضة من المجتمع الموريتاني الذي بدأ صبره ينفذ أمام تصرفات القائمين علي الشأن العام.
يجدر التنبيه إلى أن بعض المرافق العمومية الحيوية عرفت الكثير من التسريح القسري في خرق صريح للقوانين المعمول بها و هي سابقة أصبحت متفشية بل عملة متداولة، ناتجة في التفريط في الأمانة الممنوحة للمسؤولين، مما أصبح ينذر بعصيان يفرض نفسه علي الواقع المعاش في البلد. هذا الوضع يستوجب تقوية وسائل الرقابة، إضافة الي العناية بالوصاية علي التشغيل مع سن القوانين الرادعة لمثل هذه التصرفات المخلة بالسير المنتظم للإدارة العمومية.
هذا الظلم ولد في الماضي عدة هزات في بنيان الدولة و تركبة المجتمع وهي الأزمات التي مازالت قائمة تهدد كيان الدولة من الفينة للأخرى، رغم ما يقال عن محاولات للقضاء علي هذه الظواهر التي أصبحت متفشية. كما يزيد الطين بلة ضعف وتواطؤ مديرية الشغل في وزارة الوظيفة العمومية التي هي أصلا وكرا للفساد والمحسوبية خاصة في ظل غياب القوانين الصارمة الرادعة للمتنفذين وأصحاب المنافع على حساب الطبقات الضعيفة.
المتتبع للشأن العام يدرك بصورة لا غبار عليها أن هناك نوعين من الفساد في الوظيفة الحكومية، الأول يتعلق بصغار الموظفين ويتجسد في تسريع الإجراءات بشكل مخالف للنظم المعمول بها ويختزل الوقت في ثنائية السلطة والقرابة.
أما الثاني يتعلق بكبار الموظفين والذي يتصل بعملية صنع القرار في الجهة الحكومية حيث يتكتل ممارسوا الفساد على شكل مجموعات متضامنة داخل الهرم التنظيمي حتى تشكل قمة هرم الوصاية في شكل مافيا متلائمة علي الحفاظ علي مصالحها ومزاياها، ضاربة عرض الحائط مصالح البلد و مواطنيه في نهاية مأساوية تنذر بالمواقف المضادة التي يتحمل النظام وحده تبعاتها.