اتهم رئيس حركة "إيرا" النائب البرلماني بيرام ولد اعبيد نظام الرئيس محمد ولد الغزواني، بأنه "ظل منخرطا في دوامة من نهب ثروات البلاد"، كالأنظمة السابقة.
وأضاف ولد اعبيد خلال مداخلة له في طاولة مستديرة تتعلق بحقوق الإنسان في موريتانيا، تم تنظيمها من طرف جمعية إيرا-فرنسا-موريتانيا، أنه يكفي، "لإعطاء مثال، أن نفتش في اللائحة السنوية للإعفاءات الضريبية، وفي تراخيص الصيد، وفي الاستخراجات المعدنية، وفي تصدير الفحم الخشبي وكيف تسير وتنتهي مشاريع الدولة وصفقاتها العمومية". مؤكدا أن "العواقب الكارثية لإزالة الغابات، وتدمير الغطاء النباتي، واختفاء قطاع حماية المياه والغابات، تشهد على الغايات النفعية لحكامة ما انفكت تفضل الركاكة".
وجاء في مداخلة بيرام ولد اعبيد ما نصه: "يقوم الفصل العنصري والسلالي، في موريتانيا، على سياسة واعية تتبناها الدولة والحكومات منذ سنة 1978: تاريخ بروز النظام العسكري. ويعيش غير العروبيين، سواء كانوا ناطقين بالحسانية أو باللغات الإفريقية الأصيلة المحلية، تحت التهديد الملموس للنبذ والتهميش. وبشكل ممنهج، تتم محاربة "اكلام" آزناكه (البربرية)، والبولارية، والسونينكية، والولفية، والبمبارية، وهي لغات في طريقها للاختفاء لصالح اللغة العربية الفصحى. إن وضع هذه اللغات على الصامت، يشجع "القومية" السريعة الانفعال، المناهضة للسود، والتي يتضخم في صميمها التوافق الاسلاموي-العروبي. وإن غلبة التعصب، المنكر للتنوع الثقافي، هي ثمرة هذا التقارب الذي كان وراء تبريرات الرق منذ أكثر من 10 قرون. لقد وصل التطهير الموسمي لمختلف الأسلاك المدنية وشبه العسكرية والعسكرية، الهادف إلى الحد من حضور ووزن العناصر المنحدرة من أصول إفريقية، إلى منتهاه. عند حلول آخر شهر دجمبر 2024، سيحال العديد من الضباط السامين إلى التقاعد، وسيكون من الوحشية العنيفة بمكان أن أي أسود (حرطاني أو زنجي موريتاني) لن يكون في وضعية تسمح له بأن يكون على لائحة التقدمات للحصول على رتبة جنرال التي تمكنه من شغل منصب قيادي في أعلى التسلسل الهرمي. إن منطق مَعْيَرة وضغط وضبط الهويات يشكل رهانا لشرعية بديلة للديمقراطية. اليوم، وبفضل دينامية آلة العجن، صُنّف الحراطين على أنهم عرب ليس من أجل دمجهم الفعلي بالكينونة الأم لهويتهم المكتسبة بعد قرون من الإستغلال و امتهان الكرامة بل لغرض تحييد الإمكانات ديمغرافيتهم الواعدة بالتمكين و الخلافة في أرض السبة المتجددة. ويخاف نظام الهيمنة القبلي، في المقام الأول، من أن تتقاطع مطالبهم، المتمثلة في الانصاف، مع مطالب السود الآخرين المنحدرين من الشعوب الأصلية في موريتانيا و مع التمرد الذي يغلي داخل الأوساط العريضة من قومية البيظان؛ فتفاقم البؤس بفرط الفساد الفاحش و نسف إمكانية التعايش لقساوة الإقصاء و التميز كل هذه العوامل لم تعد تبرر دعم نظام العصبية العرقية بالنسبة للمحرومين من البيظان و المستنيرين منهم الذين يتوقون لدولة العدل و المساواة و السلم الوطني. أؤكد لكم أنني، ورفاقي الانعتاقيين، نعمل، في الوقت الراهن، على تحقيق كابوس خصومنا، خاصة بفضل جهود المتطوعين البيظان الذين أصبح يتزايد عدد الملتحقين منهم بالكفاح من أجل بروز الجمهورية الاجتماعية، المجسدة للمساواة في الفرص بداعي الجدارة وحدها.
إن للتمييز والطحن وجودهما المعتبر داخل سلك القضاء، وضباط الشرطة القضائية، والإداريين الإقليميين، والقائمين على المنابر الدينية. يتكون نسيج هذه الوظائف من العرب-البربر بالأساس. إنهم يجسدون الدعامة البشرية للوضع الراهن ويضمنون استمراريته. وإن عددا من الموظفين، شأنهم في ذلك شأن المدارس المهنية التي كونتهم، يجهلون، بكل كبرياء، لهجات المناطق الجنوبية. وحتى الحراطين، رغم استيعابهم من قبل أسيادهم، لا يفهمون إلا النزر من لغة الكتب العربية ومن بلاغتها. وبطبيعة الحال، يكون على هؤلاء، بفعل الأمية والمضايقات، أن يكافحوا، في كل مرحلة من التقييد لبيومتري، عساهم يحصلون على الجنسية، ومن ثم القدرة على التصويت. وما يزال عشرات الآلاف منهم ممنوعين من ذلك، ما يجعلنا نشكك مرة أخرى، و بأثر رجعي، في نزاهة ومصداقية الانتخابات في موريتانيا.
إذا ما تركنا الرق التقليدي جانبا، فإن عليّ أن أذكركم بالمصير المخصص للزنوج الموريتانيين غير الناطقين بالحسانية، بعد محاولة التطهير العرقي لسنوات الجمر 1986-1991. إن هؤلاء، الذين كانوا ضحايا للسلب والتعذيب والتسفير والتطهير الإداري والتقتيل الجماعي، باتوا يقاسون تبعات قانون العفو الصادر سنة 1993، الحامي للجلادين من أبسط متابعة أمام المحاكم. وما يزال ترسيخ الإفلات من العقاب يؤدي إلى تكرار الأخطاء الفادحة المرتبكة بحق المواطنين السود.
تحت يافطة الشعار العربي-الإسلامي، الذي جعلته حامة الجور و الخلط، يعد التسمية المحلية للاستعباد، فإن النظام القائم، كما الأنظمة السابقة، ظل منخرطا في دوامة من نهب ثروات البلاد. فيكفي، لإعطاء مثال، أن نفتش في اللائحة السنوية للإعفاءات الضريبية، وفي تراخيص الصيد، وفي الاستخراجات المعدنية، وفي تصدير الفحم الخشبي و كيف تسير و تنتهي مشاريع الدولة و صفقاتها العمومية.
و إن العواقب الكارثية لإزالة الغابات، وتدمير الغطاء النباتي، واختفاء قطاع حماية المياه والغابات، تشهد على الغايات النفعية لحكامة ما انفكت تفضل الركاكة.
أخيرا، لا يسعني أن أختم هذا التقييم غير الشامل للحصيلة، دون أن أعرب عن أسفي على سوء نية الحكومة الموريتانية أو حتى فشلها في أن تقترح على النواب نصا قانونيا يحمي المرأة والفتاة والفُتَيّات ضد الانتهاكات المتعددة للنظام الرجولي المتوحش في موريتانيا.
وكخلاصة، فإننا، نحن أنصار التجاوز الجذري لأضرار العنصرية، نجدد استعدادنا للنظر في حلول تربوية وتوافقية بعيدا عن روح الانتقام وفي مأمن من الاستياء الضغيني. إننا نسعى إلى السلام في ظل العدالة، لأننا اعتمدنا بشكل نهائي خطا قائما على المسالمة. إن السلام في ظل الجور لا يناسبنا، ولن يكون بإمكاننا قبوله أبدا. لا شعب على المعمورة يقبل بأن يعيش ويموت في حالة استسلام.
أشكركم"