مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

 الوزير السابق سيدي ولد أحمد ديه يدون عن لحظة انقلاب 1984/12/12

دون الوزير السابق سيدي ولد أحمد ديه، عن انقلاب  1984/12/12: في مثل هذا اليوم 12/12 1984 من القرن الماضي كنت وأنا وزيرا للمالية والتجارة في مكتب المرحوم جنك بوبو افاربا محافظ البنك المركزي حينها،حيث استقبلني رفقة السيد غباش ،إماراتي الجنسية، ورئيس صندوق النقد العربي آن ذاك، والذي كان يقوم بأول زيارة يقوم بها رئيس لهذه المؤسسة لبلدنا. كان الوقت فيما أظن حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهرا. دخل علي أحد موظفي التشريفات المرافق لنا، وهمس في أذني بأنه سمع عبر الإذاعة الوطنية أنه حدث إنقلاب عسكري، يقوده العقيد معاوية رئيس الأركان، ضد محمد خون ولد هيداله الذي كان يحضر المؤتمر الإفريقي الفرنسي ببجنبورا عاصمة البرندي .خرج الموظف وتابعنا الإجتماع كأن لم يحدث شيئا. بعدها بقليل رن هاتف المحافظ، فطلب من مستشارهي الحاضر أحمد ولد بوشيبه أخذ الهاتف.فهمت موضوع المكالمة وأنه لن يكون في الغالب إلا الإنقلاب. قلت لأحمد بصوت خافة أن لا يبوح بشيئ حتى ينتهي الإجتماع. وما إن إنتها هذا الإجتماع حتى عدت بضيفي إلى مكان إقامة، دار الضيافة التي حولت بعد ذالك إلى عمارة تحتوي مكاتب إدارية. وفي طريقنا إلى المنزل، أشعرت الضيف بما حصل محاولا إطمئنانه بأن الذي قام بهذا التغيير، كان ،وقبل ما لا يزيد على عدة أشهر فقط، وزيرا أولا ووزيرا للدفاع وأنه بظني لا يعدو خلافا بسيطا داخل اللجنة العسكرية الحاكمة وأن لا تأثير له على علاقات البلد الخارجية وخاصة مع مؤسسته الموقرة.

ودعته ورجعت إلى مكتبي. هاتفت الرئيس الجديد عبر هاتف رئيس الأركان حيث لايزال بمكتبه هناك. عندما سمع مني عبارة "عالو"المشهورة، أجابني:"سيدي، أحولك للعقيد سنبير"وكان ذاك الإسم سيصبح ومن ذالك اليوم،جبريل ولد عبدالله،غفر الله لنا وله. قلت للأخير: سيدي العقيد، سمعت بما حصل وأنا كما تعلم عندي ضيف مهم كنت رتبت له برنامجا يتضمن حفل عشاء هذه الليلة وزيارة لمدينة انواذبو غدا، بينما أنتم قررتم حذر التجوال في المدينة وأغلقتم المطار. رد علي باحترام وأدب كانا ملازمين له إتجاهي، بأنه لا تغيير في هذا البرنامج، وطلب مني تنسيقه مع زميلي المرحوم العقيد محمد لمين ولد انجيان وزير الصيد البحري وقتها. في الصباح الموالي أستقبلت رفقة ضيفي المحترم من طرف الرئيس الجديد في مباني قيادة الأركان. كانت هذه المرة الأولى التي أدخل فيها ثكنة عسكرية بهذا الحجم، كما كان يرعبني وأنا الكادح السابق الدخول في صاحباتها الأصغر، حيث جربت فيهم الإعتقال مرارا. لم أسأل الإماراتي عن شعورهي، لكني لاحظت استغرابه لدخوله هذا المكان الذي لم يخطر في باله، دخوله أثناء هذه الزيارة على الأرجح. جرى اللقاء وكانت تخصه الدبلوماسية، حيث المكان واللغة المباشرة والصريحة التي عبر بها الرئيس عن عدم رضا موريتانيا إتجاه معاملة الدول العربية ومؤسساتها للبلد، وأنه لمريتانيا بدائل إذا استمر الوضع على ما هو عليه. لم تطل مداخلة الضيف الذي بدا غير مرتاح عند خروجه وطلب مني توفير وسيلة نقل توصله فورا إلى دكار. وحتى طلب مني أنا مرافقته لأنه وحسب رأيه ستكون ظروفي وحظوظي أحسن وأوفر عندهم منها هي هنا. حاولت ترضيه،لكنه وأمام إصراره على السفر وفرت له الدولة طائرة صغيرة لتقله حيث أراد.

عندها وبالمناسبة رجعت المؤسسات المالية الدولية إلى شروطها القديمة من خفض العملة ورفع الأسعار بلبرالية الإقتصاد وخوصصة الشريكات الوطنية وذالك بعد ما كنا قاب قوسين أو أدنى من توقيع التفاقات متوازنة مع هذه الهيآت وذالك إثر مفاوضات شاقة دامت ما يناهز ستة سنين. ومن ذالك العهد، وحتى الآن توسع الفساد الإداري والإقتصادي والمالي، وتبعه وضخمه الفساد السياسي، منذ بداية ما سمي بالمسلسل الديمقراطي، بتزويره وقبليته وشرائحيته وعنصريته، وبنفاقه وتملقه وبإقصائياته المتعددة.

سبحان مقلب الأحوال والرؤساء والوزراء وحتى الأسماء.

خميس, 12/12/2024 - 18:13