مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الإصرار علي إثارة قضية إعدامات إينال بالتزامن مع ذكري الإستقلال حق يراد به باطل/ بقلم:  اباي ولد اداعة

أعتاد منذ سنوات بعض دعاة الإنفصال و إثارة النعرات و أصحاب المتاجرة بالقضايا الوطنية في مثل هذا اليوم 28 نوفمبر من كل سنة .
إثارة قضية إعدامات إنقلابيي 1990 م .
طبقا و وفقا لميول و رغبات حركة افلام الإنفصالية ذات البعد العنصري و الحقد الدفين إتجاه موريتانيا .
و التي لم تكن وليدة اللحظة بقدر ما هي جذور و إمتداد للحركات الزنجية الموريتانية التي ظهرت بعيد إستقلال البلاد و قيام الدولة المركزية .
و المناوئة للمشروع القومي العربي و ترسيم اللغة العربية دستوريا .
ذات نزعة إفريقية و توجه فرنسي بحت .
ساهمت في تأجيج الأوضاع خلال احداث 1966 م و لاحقا .
كان من بين مطالبها إنفصال الضفة عن عن باقي أجزاء موريتانيا .
كما فشل بعض منتسبيها من داخل المؤسسة العسكرية في الإطاحة بالأنظمة القائمة أنذاك في أكثر من محاولة إنقلاب ذات بعد طائفي .
حيث دأب قادة هذه الحركة و بعض مناصريهم إلي إثارة و تدويل قضية إعدامات إنقلابيي 1990 م بإينال .
بالتنسيق و التعاون مع أصحاب المتاجرة بالقضايا الوطنية خلال مواسم عيد الإستقلال الوطني. 
للتشويش علي أجواء الإحتفالات المخلدة لذكري عيد الإستقلال  المجيد و ما تتطلب من تفاعل وطني و إنسجام و تعاطي شعبي يناسب الحدث 
إن التفنن في نشر الإشاعات و خلق الأزمات أضحي مهنة لمن لا مهنة لديه و أسلوب تطاول و تجاوز علي القيم و الثوابت الوطنية .
إلا أنه من المفيد جدا في هذا السياق أن يدرك دعاة الفتن و إثارة النعرات و أصحاب المتاجرة .
أن التشويه الإعلامي المفتعل و تسويغ حقائق مضادة مشكوك في صحتها إلي حد بعيد و إعداد مؤتمرات صحفية لايمكن أن يضفي أو يعطي الحق أو الشرعية لقضية لا حق لها في الأصل .
و أن صناعة الحدث و التاريخ و تحقيق العدالة و التحلي بسلوك المواطنة .  
لا تتأتي من تعكير فرحة ذكري عيد الإستقلال أو محاولة تكدير صفو السلم الإجتماعي .
و بالتالي الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية. 
الشئ الذي لا يخدم القضايا الوطنية العادلة و لا التعايش الأهلي السلمي بقدر ما يخدم آجندات خارجية ذات نوايا هدامة و أبعاد سياسية سيئة  وخطيرة .
ففي ضوء ما تزخر به ذكري عيد الإستقلال المجيد من قيم سامية و غايات نبيلة لزرع روح المواطنة و تحصين المكاسب الديمقراطية ،
أرتأيت أن أعرج علي هذه القضية الشائكة لأبدي رأيي في بعض الأمور رفعا للبس الحاصل في بعض المفاهيم الخاطئة من جهة .
 و تبيانا للحقائق و الشواهد و الأحداث التاريخية من جهة أخري
إنطلاقا من قبول الآخر و إلتزاما بالرأي و الرأي الآخر .
في الوقت الذي أصبحت فيه و سائل التواصل الإجتماعي إحدي الأدوات المهمة و المهيمنة علي الساحة الوطنية و الدولية. 
و مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول و المجتمعات في ظل لجوء البعض إلي توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات و إشاعة الأكاذيب المغرضة.
تارة بحجة حرية التعبير أو بدوافع و مصالح ضيقة .
لقد حان الوقت لقادة حركة افلام و غيرهم أن يعلموا أن دعوات الإنفصال و التحامل الكيدي علي الوطن و التمسك بلغة المستعمر و الإرتهان إلي الخارج لحلحلة القضايا الوطنية أمر مفروغ منه لم يعد يناسب المرحلة في ظل نظام ديمقراطي كفيل بضمان حقوق المواطن .
في ضوء تراجع اللغة الفرنسية داخل مناطق نطقها ونفوذها سابقا بإفريقيا أمام تصاعد النفوذ الروسي .
صحيح أن اللغة مهما تكن و بالمفهوم الأوسع لم تعد تشكل عائقا إبستيمولوجيا في التواصل أو التخاطب أو التعامل في ظل التحولات الرقمية و إختزال العولمة العالم في قرية صغيرة .
لكن بالمقابل تظل اللغة إمتدادا وتأصيلا لهوية الشعوب و إنتماءاتها حيث شكلت اللغة العربية تاريخيا داخل المجتمع الموريتاني عامل وحدة و إستقرار في ظل وطن واحد و دين واحد . 
تم ترسيمها دستوريا كلغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية رغم تحفظ و إستنكاف بعض الجماعات الزنجية من أصحاب النزعة الفرنكفونية الرافضة للعربية بدوافع و اغراض شخصية. 
و في نفس السياق و من أجل الوقوف علي حثيات ما أثير من جدل و تناقض حول قضية إعدامات إنقلابيي 1987 - 1990 بإينال .
فإن ثمة مجموعة من العسكريين الزنوج بحكم تصدرهم المشهد و توليهم مناصب قيادية من مواقع عسكرية هامة
كانت لديهم طموحات  شخصية للإستلاء علي الحكم بالقوة و إرساء دولة علي أسس و آجندات خاصة طبقا لمشروع نظام ذات بعد طائفي 
تم إفشال المحاولة الإنقلابية أنذاك و ضبط المتورطين و إخضاعهم لمحكمة عسكرية في ظل حكم عسكري إستثنائي .
نفذت فيهم إعدامات في ظروف غامضة رحمهم الله صادرة من محاكم عسكرية .
قد نتفق علي أنها خارجة عن الإطار القانوني المعهود مقارنة بما يحصل في المحاكم الآن .
و إنسانيا بأنها خطوة خاطئة و صادمة و غير مبررة .
لكن ركوب المخاطر في تلك الفترة علي هذا النحو يتطلب دفع ثمن غالي .
 قد يتساءل البعض ماذا سيكون الوضع لو نجح الإنقلاب ؟
بالتأكيد ستشرد و تنفي مجموعات كاملة دون إستثناء 
قد يعدم بعضها بدم بارد و في ظروف مشابهة .
احتمال وارد و قائم .
في حين لماذا يتم إضفاء الصبغة العنصرية علي حالة هؤلاء الإنقلابيين الزنوج لكونهم فشلوا في محاولتهم الإنقلابية ؟
بينما لم يتم إضفاء صبغة حقوقية علي قضية قادة إنقلاب 16 مارس 1981 م
الذين خضعوا لمحاكمة عسكرية داخل قاعدة إجريدة العسكرية أمثال : الأمير أحمد سالم ولد سيدي و البطل الطيار عبد القادر الملقب( كادير ) 
و غيرهم ؟
و الذين أعدموا نهارا جهارا رحمهم الله بدم بارد لنفس الخطيئة و الأسباب ولم يحرك أحد ساكنا لا من ذويهم أو حواضنهم الإجتماعية و لا من غيرهم من منظمات حقوق الإنسان ... الخ
إضافة إلي حالات التسريح و الطرد الواسعة من داخل المؤسسة العسكرية أستهدفت أنذاك مئات الضباط و ضباط الصف و الجنود دون سابق إنذار ،
لا لشئ سوي الشك في ولائهم للقيادة أو إحتمال الإنتماء لتيارات فكرية .
جلهم من حاضنة إجتماعية واحدة .
ربما امتثال للمثل القائل : داخل الجيش لا توجد ثقة إلا لمن هو أهل لها .
رغم ذلك كله لا أحد وصف الإجراء التعسفي حينها بأنه إستهداف ممنهج لأبناء حاضنة إجتماعية دون غيرها 
ما هذا التباين في المقاربات و في طرح القضايا الإنسانية و الحقوقية ؟
تأسيسا لماسبق فإن ما حدث مع مأساة أحداث داكار العنصرية 1989 م ليس بمعزل عن ما جري في السابق و في اللاحق .
فأحداث السينغال رغم فظاعتها و حجم مآسيها تم إختزالها في قضية مبعدين ،
تم تسويتها لاحقا بالتعويض لهم و قيام صلاة الغائب علي أرواح موتاهم و إعادة الإعتبار لهم مع كل الإمتيازات و دمجهم في المجتمع .
في حين كان السبب الرئيسي لإندلاع الأحداث المؤلمة و المؤسفة بين الشعبين الشقيقين هو حادثة إتلاف حقل لمزارع سينغالي بالخطأ عن طريق مواشي أبقار لمواطن موريتاني من أصول فلان ،
كانت الشرارة الأولي المنتظرة لإستهداف مكونة البيظان بكل أطيافها .
إنه حق أريد به باطل أو حاجة في نفس يعقوب قضاها. 
و كأن الموريتانيين من أصول عربية ( البيظان ) الذين تم التنكيل بهم و سحلهم و إحراقهم في افران مخابز  و نهب ممتلكاتهم و خيراتهم أمام أعين السلطات الأمنية السينغالية و مرأي و مسمع من المجتمع الدولي و منظمات حقوق الإنسان . 
لا حقوق لهم ولا لذويهم .
بالطبع هم أيضا تركوا وراءهم أرامل و أيتاما لم يتلقوا بعد حتي أي ضمانات للتعويض علي غرار المبعدين و لم تقم صلاة الغائب علي أرواح موتاهم أو يتبني قضيتهم أي حزب سياسي أو منظمات حقوقية محلية أو دولية .
فهم الضحية و الخاسر الأكبر في القضية تم تجاوزهم بكل سهولة كأن شيئا لم يحدث .
عن أي عنصرية أو حقوق أو مقارنة يتحدثون ؟
يجب إستنطاق التاريخ و إستحضار أحداث الماضي و العودة إلي الذاكرة من أجل أن يجد الكل حقه غير منقوص دون تزييف للواقع أو إقصاء لأي مجموعة ،
هكذا الإنصاف وغير ذلك باطل .
و مابني علي باطل فهو باطل . 
من جهة أخري أوضح الرئيس السينغالي الأسبق عبدو ضيوف في مذكراته التي قال فيها بالحرف الواحد:  ( يجب أن أعترف بأنني لاقيت مصاعب كثيرة مع بعض الشخصيات السينغالية في منطقة النهر المحاذية لموريتانيا نظرا لما تحمله من حقد دفين و تحامل كيدي مفتعل إتجاه الجارة موريتانيا  .
إذ لم تكن هذه الشخصيات تريد حلا سلميا بالطرق الدبلوماسية بل كانت تريد الحرب الفعلية مع موريتانيا .
كما كانت نفس المطالب تأتيني من بعض الفرنسيين الذين كانوا يقولون لي : ماذا تنتظرون بعد كل ما فعلوه بكم .
انتم مجبرون علي إعلان الحرب لأنكم لا تستطيعون فعل غير ذلك ) .
  لكنه تدارك الأمر بقدرة قادر وجنح للسلم لأسباب متباينة . 
إننا اليوم نتطلع أكثر من أي وقت مضي في ظل الإستقرار و الإنفتاح السياسي الحاصل و الإرادة الجادة لإحداث التغيير ،
إلي خطاب موحد و جامع و الإنخراط في عمليات إصلاح البلد بشكل واسع و بناء شامل من أجل موريتانيا حاضنة لجميع أبنائها ،
الكل يجد نفسه فيها قوية بتنوعها العرقي و الثقافي و تنوع ثرواتها الطبيعية .
إنطلاقا من مضامن خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني. 
بمناسبة الذكري 64 لعيد الإستقلال الوطني المجيد .
و تجسيدا لمقاصد برنامجه الإنتخابي طموحي للوطن .
حيث خلص إلي القول : ( سنبدأ بحول الله في الأشهر المقبلة الإتصال بمختلف الأطراف السياسية من موالاة و معارضة للتشاور حول أنسب السبل للتحضير الجيد لحوار وطني شامل يطال كل القضايا الكبري و خصوصا ما تعلق منها بتعزيز وحدتنا الوطنية و إنسجامنا المجتمعي و ترسيخ نظامنا الديمقراطي .
كما ذكرت سابقا يضيف رئيس الجمهورية فإنني أريد لهذا الحوار أن يكون جامعا و صريحا و مسؤولا .
تترفع أطرافه عن المكابرات و المشاكسات العقيمة  و عن الإنسياق وراء تحقيق مكاسب شخصية أو حزبية ضيقة علي حساب الصالح العام المتوخي منه ،
و لضمان ذلك يجب أن نستفيد من التجارب السابقة يضيف رئيس الجمهورية .
و نقترح آليات ومنهجية جديدة لضمان نجاح هذ ا الحوار .
حوار مرتقب ينبغي أن يؤسس لمرحلة جديدة و يحدث قطيعة تامة مع الفساد في كل تجلياته و يعزز من دولة القانون و المؤسسات .
في إطار عدالة إجتماعية تصان فيها الحقوق .
بالإضافة إلي تقسيم عادل للثروات تذوب فيه الفوارق الإجتماعية من غبن و  إقصاء و تهميش .
ليس إلا ! .

حفظ الله موريتانيا
 

جمعة, 29/11/2024 - 09:55