الأستاذ أيده ولد عاطيه الله
إن المساس بمبدأ عدم رجعية القوانين وشرعية الحق المكتسب بالنسبة للموظف يشكلان موجبا واقعيا لطرح هذا السؤال الكبير و المحرج : ما ذنب كاتب الضبط ؟
سأعرف كاتب الضبط لمن لا يعرف عنه شيئا أو لا يعرف عنه – للأسف - إلا القليل , فكاتب الضبط هو موظف من سلك الإدارة فئة (أ) من شروط الولوج إلى هذه المهنة أن صاحبها حاصل على شهادة الباكلوريا و أن يمضي تكوينا لمدة سنتين و يتلقى خلال هتين السنتين د روسا في شتى المجالات بالإضافة إلى القانون (المدني منه و الجنائي ) أو الشريعة توجد المحاسبة و الطباعة و الإدارة والتحرير... الخ فلا غرو فهو إطار مخضرم , و فوق ذلك فهو مبرز فأهله كل ذلك إلى أن أصبح شاهدا على أعمال المحكمة و هو أمين سرها و هو قلمها الناطق بالحق و بكلمة واحدة فهو الجهاز الإداري المحوري للمحكمة و رقم قياسي في كل عملية إصلاح لقطاع العدل إذا لا يمكن تجاهله أو جعله أداة مفعول بها.
نعم نحن نشعر بان فيه بعض الإحراج لبعض إن لم أقل لكل زملائنا القضاة , نعم أقول زملائنا بحكم ارتباطنا الوثيق من خلال المهمة المنوطة بالمرفق القضائي حيث ما زالت علاقة كاتب الضبط بالقاضي يلفها كثير من الغموض و تقع المسؤولية في ذلك على عاتق كاتب الضبط إذ مازال يعتبر نفسه أداة مسخرة في يد القاضي و هذا الأخير يعتبر أن كاتب الضبط مجرد عامل يحول متى شاء و يستبدل بمن شاء و حين شاء حسب الرغبة.
فليعلم من لا يعرف شيئا عن هذه المهنة أو يحاول تجاهلها أن لكاتب الضبط علاوة على مهمة مساعدة القاضي في الأعمال التي يقوم بها في إطار مهامه التي هي فض النزاعات و إعطاء كل ذي حق حقه وفق القوانين و النصوص المعمول بها مهمة مسك السجلات و ضبط سجل الجلسات و تحضيرها و حفظ الملفات ووثائق المحكمة و التوقيع على الأحكام و القرارات و تسليم الأطراف فيها نسخا منها.. الخ لذا اقترن اسم كاتب الضبط باسم القاضي ولم يكن لكتاب الضبط دخل وإنما إرادة المشرع اتجهت إلى ذلك , إذا فما هو ذنب كاتب الضبط ؟
نعم نحن نتفهم أسباب هذا الحرج لعدة اعتبارات نذكر من بينها تلك المتعلقة بالثقافة , فالمواطن الموريتاني ما زال لا يدرك ماهية علاقة المشتغلين في هذا الحقل بعضهم ببعض و ما يترتب عليها من مسؤوليات فلا يرى إلا المظهر و المظهر خداع لا يعبر عما ينبغي أن يكون.
لقد كنا قاب قوسين أو أدنى من أن نتخلص من هذه النظرة الدونية إن جاز لنا أن نصفها بهذا الوصف من خلال ما أصبح يتمتع به كاتب الضبط من كفاءات علمية ( متريز , ماستر , دكتوراه ..الخ) وخبرات تراكمية (تجربة) في مجال التسيير و الإدارة و القضاء و هذا مجرب منذ زمن ليس بالقصير, و ما وصل إليه من مراتب عليا في مفاصل الدولة و تحمل المسؤوليت على سبيل المثال لا الحصر فقد وصل كاتب الضبط إلى أن أوكلت إليه حقيبة وزير أول , أما ولوجه للوظائف الإدارية الأخرى (أمينا عاما أو مديرا ..) فحدث و لا حرج لكونه إطارا من فئة (أ) مفتوح أمامه كل الوظائف فهي فئة مهام - لمن لا يعرف ذلك - التصور و التفتيش و الإدارة , لذا ينبغي أن يسمح له في ولوج كل الوظائف كمسؤول أول و ليس كمسؤول من درجة ثانية , وما يقتضيه العمل القضائي لا يمكن أن يسقط على العمل الإداري الذي يعتبر النصف الثاني المكمل للنصف الأول لذا فهو الأنسب و الأجدر به من غيره و ليس من باب المجاملة .
لم نقصد بهذه الملاحظة التدخل في صلاحيات أيا كان لا و كلا , لكونه مسؤولا عن قطاع و ربما يرى من خلال ذلك إصلاحا له , لكن فقط من باب التذكير علينا أن لا ننسى أن من بين كتاب الضبط أشخاصا هم في مستوى تحمل المسؤولية , و كذلك من باب الإنصاف المحافظة على قدر من التوازن غير المخل ومن حيث اعتبار واحترام المهنة نؤكد على مسألة مهمة للغاية وهي أن مصير كاتب الضبط لا يمكن أن يظل مربوطا بالقاضي و بمساعدة القاضي أينما حل و ارتحل , ليس هذا كرها فيه لكن ليست ضرورة.
نقلا عن صفحة الأستاذ على "الفيسبوك"