مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الحج بين الجهود السعودية ورسالة الوزارة

النائب البرلماني محمد بوي الشيخ محمد فاضل

اطلعت وأنا من ضمن الحجيج حمدا لله، على رسالة منسوبة لقطاع الشؤون الإسلامية موجهة للسلطات السعودية المعنية بالحج..!

 

لسان حال المملكة العربية السعودية وهي تستلم الرسالة:

أساء فزادته الإساءة حظوة *** حبيب على ما كان منه حبيب

 

ولسان حالنا ونحن نقرأ محتواها العجيب :

يعد علي العاذلون ذنوبه *** ومن أين للوجه المليح ذنوب

 

هذه الرسالة فيها العيوب كلها ...!

 

أولا: عيوب الأسلوب:

1. لم تحترم الشكل الدبلوماسي بدءا بالتقدير (ترفع... أسما معاني التقدير لمقام...) وانتهاء بالشكر (هذا وننتهز هذه الفرصة لنعرب لكم عن فائق الشكر..) فحملت بدلا من ذلك الاستياء والامتعاض والتهديد..

 

2. استخدمت الرسالة لغة فجة غليظة لا علاقة لها باللباقة ولا الحصافة من قبيل (اشترينا المخيم وأجرنا المخيم) وعبارات مثل (امتعاض واستياء وشكوى)

 

3. أنهت الرسالة عرضها بالتهديد والوعيد..

 

ثانيا: عيوب المحتوى:

1. تناقضت الرسالة كثيرا إذ اشترت مخيم منى أحيانا، وأجرته أحيانا أخرى، وهو ما يوحي بالضغط الذي يعانيه محرر الرسالة.

 

2. كل الخدمات اللوجستية التي يدعي كاتب الرسالة شراءها، تقدمها المملكة العربية السعودية خدمة للحجاج من مخيم وأمن وماء وكهرباء لا تريد عليها جزاء ولا شكورا.

 

3. في حين ادعت الرسالة أنها لم تستلم المساحة الفعلية المخصصة سياديا من المملكة العربية السعودية وليس تجاريا كما يتوهم محرر الرسالة، كان على مكتب البعثة الاتصال باللجان المعنية بالأمر والتي يترأسها في مكة المكرمة أميرها، ويترأس لجنتها الفنية معالي وزير الحج، ويترأس لجنتها العليا خادم الحرمين الشريفين وينوب عنه سمو ولي العهد (ويكفي اتصال واحد برقم مجاني أخضر لتكون كل هذه اللجان على علم بأبسط جزئيات الحج ناهيك عن هذا الادعاء العجيب).

 

ثالثا: عيوب الأخلاق:

1. اتهام السلطات السعودية بالاستيلاء على خيم في منى، وهي من توزعها أصلا، وتوفر كل هذا الجهد اللوجستي الخارق والخرافي من صحة وأمن وإرشاد وإسعاف ونظافة وصرف صحي، هو فضيحة أخلاقية وسقوط وترد في الحضيض؛ إذ بلغ بالمملكة العربية السعودية خدمة للحج أن تستمطر السماء في الصيف وتسوق المزن في السماء لطفا بالحجاج، فكيف بها مع خيم معدودة؟

 

2. في الوقت الذي وضع المخيم الموريتاني على بعد أمتار من الجمرات ومسجد الخيف في منطقة سهلة مستوية، كان من المناسب الشكر والعرفان بالجميل، بدل هذه الرسالة العجيبة.

 

3. إن مطالبة السلطات السعودية باسم موريتانيا بالتعويض المادي هو أمر لا يستسيغه عاقل ولا يقبله منطق، فالمملكة العربية السعودية هي الممول الأول للدولة الموريتانية عبر صناديقها السيادية (الصندوق السعودي للتنمية وصندوق الاستثمار وحصتها الأعلى في البنك الإسلامي للتنمية) وهي من المؤمنين لميزان المدفوعات عبر الودائع الحرة لدى البنك المركزي، وهي المانح الأول للهبات (مستشفى الملك سلمان والمعهد العالي والمسجد السعودي)، وهي المستضيف لواحدة من أكبر الجاليات الموريتانية في الخارج وأضعفها على الإطلاق..

 

ماذا سنقول؟

لتعلم جميع السلطات السعودية من السفارة في نواكشوط ووزارة للحج وإمارة لمكة وديوان ملكي، أن هذه الرسالة منزوعة من السياق، فالسلطات العليا مشغولة بالإكراهات الداخلية (الانتخابات) والوزير المعني لم يشرف على الحج هذه السنة في خطإ كبير منه لترتيب الأولويات الرسمية، والحجاج الموريتانيون أدوا مناسكهم بفضل الله وخدمتكم لهم على أحسن حال..

 

الاحتمال الأقرب الذي يتطلب تحقيقا هو أن الأمر يتعلق بمحاولة تبرير (في غياب الوزير) لعمليات الصرف للمبالغ المتحصلة من الفارق الكبير بين تكاليف الحج الماضي والحالي بحوالي 600000 أوقية قديمة مضروبة في عدد الحجاج 2000 وهو ما = 1.2 مليارا ومائتا مليون قديمة، دون تقديم أي خدمة جديدة، أما هذه الرسالة فبسيطة تهدف إلى التغطية على هذا المبلغ وصرفه .

 

غير أن مقام المملكة العربية السعودية يبقى أعلى من كل ذلك، تقديما للخدمات وتحملا للاستفزازات التي لا تمثل في هذه الحالة بلدنا ولا حجاجنا ولا شعبنا وأبعد من ذلك أن تمثل حكومتنا.

 

علما أن حق الحاج مصان في المملكة بالنظم، وتسهر على توفيره اللجان المختلفة، والمطالبة به أمر مستساغ، إذا كانت في الوقت بهدف الحصول عليه، لكن أن يتم الحديث عن حق الحاج بعد فواته وبهذا الأسلوب، فالله تعالى أعلم بالمقصود بذلك.

سبت, 22/06/2024 - 00:06