أحمد ولد الدوه
تتحفنا السلطة عادة بأقوال لا أفعال، عن محاربة الفساد والمفسدين، والوقوف إلى جانب الفقراء والمستضعفين، والهجوم على شجع التجار وترفع شعارات محاربة الفقر وتقريب الخدمات الأساسية من المواطن، وجعل المواد الاستهلاكية في متناول المواطنين الذي في غالبيتهم معدومي الدخل، أو متدني القوة الشرائية .
إن الحكومة تلوم التجار فهذه الحالات وتحملهم المسؤولية، وتجرمهم بطريقة مخجلة وتخلق الأزمات، وتفلس المؤسسات الوطنية والتي يستفيد منها المواطن وتقوم بتسريح آلاف العمال، وتترك الكثير الأسر بلا مأوى ولا نصير، وتحتفظ لنفسها بزبانية مفسدة من التجار والسماسرة، - مفصلين على مقياسها الخاص وتدعي أنها "طبقة جديدة ومجددة من التجار النظيفين وأن لا علاقة لهم بالشركات الاستثمارية الاحتكارية، ولا المناقصات الغير مشروعة، إنهم تجار ليسوا من طينة التجار المرتشين فهم لا يسرقون ولا يرتشون وبأقوال وأفعال رئيس الفقراء يأتمرون لا يعصون أوامره ويفعلون ما يؤمرون.
إن المتتبع للمشهد الوطني العام، يلاحظ أن الحكومة "حكومة التجار" أو "تجار الحكومة" لا تغطي أي اعتبار للمواطن لا دفاعا عن حقوقه ولا سعيا لسماع أصوات الجوع والمرضي، فالبطالة متفشية والسرقة منتشرة والأمن معدوم والأسعار مرتفعة، مقارنة مع دخول المواطنين عاطلين كانوا أو عمال بسطاء أو موظفين من أسباب ارتفاع الأسعار والذي لم تفهم "حكومة التجار" بسبب السياسات الارتجالية ما يلي :
الاحتكارات والاستثمارات الكبيرة والمناقصات الغير مشروعة : ويتمثل ذلك الاحتكار بوجود مؤسسة تجارية واحدة تتولى استيراد المواد الاستهلاكية الرئيسية "كالأرز، والسكر والألبان" فبدون فتح هذه المجلات للموردين الخصوصيين والمنافسة الحرة المشروعة، فمن غير المعقول أن تنخفض أسعار هذه المواد الغذائية والأساسية وخصوصا أن الحكومة تتشدق بانتهاج سياسة الليبرالية "الخوصصة" والسوق الحر.
غياب دور البنك المركزي الذي لا يقوم بالدور الاقتصادي الذي من أجله انشأ، - توفير العملات الصعبة ودعم سعر العملة الوطنية – توفير السيول النقدية، وبدون ذلك تبقي العملية الاقتصادية مشلولة ومقيدة ولا معني للحديث عن نقص الأسعار نتيجة مضاربات العملة الصعبة مقابل العملة الوطنية
فا لإستقرار اقتصادي بدون القضاء على جميع الاتحادات الاحتكارية في كل المجالات ( النقل، التجارة والمخابز...) وتوقيف استخدام وسائل الدولة لتشريع وتنفيذ الاحتكارات .
قيام الشركة الموريتانية للإيراد والتصدير (سونمكس) بدورها بحيوية بحفز وتشجيع المنافسة التجارية لتخفيض الأسعار، وخروج هذه الشركة الوطنية من الذيلية لرجال الأعمال والتجار، مما كلفها مبالغ هائلة بدون مردودية تذكر على حياة المواطنين، وتفعيل دور الشركة في السوق هو الحد لارتفاعات الجنونية في الأسعار، وأما السياسات الاستهلاكية (فتح دكاكين للشركة لبيع المواد الغذائية – تضامن، أمل) فهي مجرد علاجات مرحلية {مسكنات} لا تحل الأزمة بل لا بد من المنافسة وتفعيل الدور الرقابي للحكومة على السوق.
يجب على الحكومة أن تدرك أنه لا معني للحديث عن معاناة الفقراء والوقوف الي جانبهم, في وقت تطلق حكومة التجار (رصاصات الرحمة) على مواطنين يموتون سريرينا, بسبب الفقر,المرض, والجهل والارتفاعات المتكررة للأسعار, مع رواتب زهيدة للموظفين الذين لا يبلغون 2% من السكان تلك الرواتب الضعيفة, مقارنة مع أفقر دول الجوار "مالي" التي تعادل خمسة أضعاف رواتب عمال موريتانيا, الغنية ثروة والقليلة سكانا
إن( سفونية )زيادة الرواتب، التي دأبت الحكومة على طمأنينة العمال بها لا معني لها إطلاقا, بدون زيادة الرواتب زيادة حقيقية، ومدروسة وليست زيادات ارتجالية ,وخلق منافسة جادة ومثمرة، وخفض الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، وتحمل الدولة لمسؤوليتها في مجال الطاقة لتحمل زيادة تبعاتها الدولية (زيادة النفط) وتقديم تبريرات اقتصادية موضوعية, للزيادات المتكررة ,للبنزين والمازوت رغم انخفاضها في الأسواق العالمية.
فبدون سياسة رشيدة تضع مصلحة المواطن في أولوياتها – حقيقة لا دعاية فإن السلم الاجتماعي مهدد ,والولاء للوطن مفقود، ولن يفكر المواطن بغير بطنه, طال ما أنه جائع وخائف، في بلد غني لم يطعمه من الجوع ولم يؤمنه من الخوف، وجعل حبه للوطن سببا لتجويعه, ومحاربة الفساد مبررا لسرقة ماله ونهب ثرواته, ومن الديمقراطية مصادرة لإرادته، إن سياسة "التطويع والتجويع" سياسة بدائية فاشلة "جوع شعبك يتبعك" فسنة الكون متغيرة، والحكم لو دام لغيرك ما وصل إليك، فلابد من الإيمان بقاعدة " أطعم وأمن شعبك يحميك" فلا حرية لخائف, ولا كرامة لجائع.