يعتبر الشاي الأخضر المشروب الأكثر إستهلاكا من طرف الموريتانيين لدرجة الإدمان في بعض الحالات .
تفننوا في وسائل و طرق تحضيره بكؤوسه و جيماتيه الثلاثة .
كتبوا حوله أشعارا بالفصيح و الشعبي تصف جلساته .
حتي قيل إنه كان من الأجدر بالشاي الأخضر أن ينتج في موريتانيا بدل الصين .
تستورد هذه المادة ذات الحضور الدائم في الأطباق و الوجبات داخل المجتمع و في البيوت و دوائر العمل و الأسواق والمحلات و خلال الأسفار و ليالي السمر و في كل الظروف و المناسبات .
حيث بعتبر تقليدا راسخا في عادات و تقاليد البيوت الموريتانية و علامة علي حسن الضيافة و الكرم .
و فرصة للتلاقي و تبادل أطراف الحديث و الإمتاع و المؤانسة
و مع ذلك لا يخضع هذا المنتوج الإستهلاكي الهام حتي الأمس القريب لأي رقابة مختبرية داخل الوطن
رغم الكميات المستوردة الكبيرة و الكبيرة جدا ، و المتباينة في الشكل و الحجم .
خاصة إذا ما علمنا أن هذا الشاي الذي نستهلك يوميا كحبوب للغلي قد يحوي بقايا مبيدات و شوائب و مواد كيميائية بكميات لا تخلوا من خطورة محتملة علي الصحة العمومية .
عرف المجتمع الموريتاني تاريخيا قبل و بعد قيام الدولة المركزية عينات و أشكالا متنوعة من الشاي الأخضر بمسميات محلية و علامات مجهولة و بطعم رديئ في ظل غياب أبسط مقومات الحياة أنذاك .
أطلق عليها وركة وذن جرو ، وركة أجرادية ، و ركة أسبيعي .... الخ .
فبعد الإستقلال بخمس سنوات تأسست الشركة الموريتانية للإيراد و التصدير سونمكس ، لعبت دورا إقتصاديا بارزا في توازن و ضبط و تنظيم السوق و جلب السلع الأساسية و المواد الغذائية لكونها المستورد الوحيد الرسمي داخل البلاد المسؤول عن تموين الأسواق
والعمل علي كسر إحتكار إستيرادها من طرف عدد قليل من التجار ، مما ساهم حينها في جودة المواد المستوردة .
حيث ظهر الشاي الأخضر بماركات و جودة عالية و علامات تجارية معلومة المكان من قبيل : -
شاي أخضر أو وركة 4011
شاي أخضر أو وركة 4013
شاي أخضر أو وركة 4014
وركة لمكيركبة spéciale
شاي أخضر أو وركة 9371
شاي أخضر أو وركة 8147
هذه الأخيرة ذائعة الصيت ذات طعم و نكهة خاصة لدي الموريتانيين .
لكن سرعان ما انقرضت هذه الماركات في ظل تراجع دور سونمكس نتيجة تراكم الفساد و تواطؤ و تمالؤ التجار و الموظفين عليها من جهة و انعكاس و تأثيرات التوجه نحو السوق الليبرالي
قبل أن يتم إفلاسها و إفراغها من مهمتها الأساسية و تصفيتها بشكل كلي2015
في حين أثار الدكتور محمد باب ولد سعيد للمرة الثانية قضية تلوث الشاي الأخضر المستورد إلي موريتانيا مبينا بالأرقام و المقاييس حسب عينات التحاليل الحاصلة لديه حجم مخاطر المواد المسرطنة داخل الشاي .
مما تسبب في ضجة
إعلامية واسعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي و داخل الأوساط الإجتماعية .
أثار الرعب و الخوف في نفوس المواطنين نظرا لإرتباطهم اليومي بهذه المادة لدرجة أن البعض أصبح يتساءل عن النوايا الحقيقية وراء إطلاق هذا النوع من الشائعات .
و خاصة في هكذا توقيت أيام قليلة قبل الإنطلاق الفعلي لحملة انتخابات رئاسية حاسمة مما قد يوصف هذه الخرجة الإعلامية بالتهويل و الدعاية الإنتخابية الكاذبة .
تجدر الإشارة إلي أن وزارة التجارة قد أصدرت في المرة السابقة بيانا بشأن نفس الموضوع أكدت من خلاله أنها أخضعت عينات من الشاي الأخضر المستورد للإختبار و الفحص في مختبرات أوروبية ذات مصداقية تبين من نتائجها أنها سليمة و لا تحوي أي مواد سامة مضرة .
و في ضوء ذلك أعطي فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أوامره أنذاك لوزراء الإختصاص بإنشاء مختبر للسلامة الغذائية و لتفتيش المواد المستهلكة بما فيها الشاي .
بينما يجمع بعض المراقبين لشأن الوطن أن ما ذهب إليه و أثاره الخبير و أستاذ الكيمياء بجامعة كليرمونت فيران الفرنسية الدكتور محمد باب .
جاء بدوافع وطنية بحتة يدخل ضمن جهود منتدي الخبراء الموريتانيين لكشف المستور عن ما يشاع من وجود مواد سامة بعينات الشاي الأخضر المستورد مضرة بالصحة العمومية .
أثبتت نتائج تحاليلها أنها ملوثة بمواد مسرطنة و بنسب عالية تجاوزت الحد الأقصي المسموح به علميا .
و قد حدد كشف العينات في هذا الصدد بالعلامة التجارية و الماركة .
كما تأتي أيضا في إطار المطالبة بإعادة النظر في المواصفات و الطرق المعتمدة لقياس و مراقبة جودة المواد الغذائية المستوردة .
و أن مرد هذا الوضع هو جشع و تحايل التجار الموريتانيين و حبهم التربح علي حساب صحة و كاهل المواطن البسيط و التائه في ظل غياب الوازع الوطني و الديني لديهم .
و في ضوء إعتماد نظام ليبيرالي يعد اليد الخفية التي تحكم الأسواق عبر نفوذ و بسط سيطرة التجار .
تسبب في فوضي عارمة داخل الأسواق المحلية نتيجة ضعف الآليات و غياب الرقابة و تراخي الجهات المعنية و صعوبة تنظيم و ضبط الأسواق و الإفلات من العقاب و عجز إدارة حماية المستهلك عن تحريك أي ساكن .
و في نفس السياق نجد تباطؤا كبيرا في الرد السريع و المناسب من قطاعي الصحة و التجارة حتي الآن إتجاه هذه الشائعات التي تمس أمن و سلامة و صحة المواطن و تخلق جوا من الخوف و الإضطراب داخل المجتمع .
فماهي إذن إجراءات الرد المرتقبة من السلطات في هذا الشأن و في توعية المواطن ؟
أم أن هذا الإرتباك و الصمت الحاصل ألا شغلت آدواخ عابر ؟!
دمتم بألف صحة و عافية و دام الشاي الأخضر محبوب الموريتانيين شرابا في متناول الجميع و بنكهة عالية .
حفظ الله موريتانيا من كل مكروه .