لعل من ميزات الموسيقي الموريتانية من حيث الشكل و اللون كونها مقامية، إذ لكل مقام تأثيره في النفس و يثير الإنفعالات خاصة لدي المتلقي .
إضافة إلي ما يحدثه التآلف و التناغم الحاصل بين الكلمات من جهة ( شعرا فصيحا أو شعبيا ) و مقامات الموسيقي التقليدية من جهة أخري .
و أتلوه شعرا ذلك الأدب الحلوي ..
فإمتزاج الجمال مع الموسيقي و الإبداع و الطبيعة الخلابة و الوجه الحسن يجعل الشخص يعيش في عالم جميل و جميل جدا .
قد يتساءل البعض لماذا موسيقي الثنائي المخضرم و المقتدر دائما سدوم ولد أيده
أطال الله في عمره وأيقونة الفن الراحلة ديمي بنت آب رحمها الله .
مازالت تفرض سيطرتها علي آذان المتلقي و المستمع داخل مجتمع البيظان في ربوع موريتانيا و خارجها ؟!
لأنها بالمختصر المفيد ،
أغاني و كلمات ذات إيقاع هادف و دلالات عميقة تثير الشجون و الذكريات و تعبر عن الحنين إلي الماضي .
أسست لعصر ذهبي كرس قيم التعايش و التسامح و عزز من اتساع معانيها النبيلة داخل المجتمع .
مسار تعاطي معه كل الموريتانيين و تألقت فيه الموسيقي التقليدية الموريتانية رغم بساطة الحياة و ضعف الإمكانيات .
و ارتبطت مسيقاه الهادفة و الهادئة أيما إرتباط بأغراض الغزل و المديح النبوي و الوطن والأرض و الإنسان و الطبيعة.....
وجدت كثيرا من أصداء القبول و الإمتنان داخل الأوساط الإجتماعية أنذاك
و أثارت في النفوس مشاعر مختلطة ما بين السعادة و الألم و الشجون و الحزن .
هي حنين إلي الأشخاص الذين فقدناهم إلي الأماكن الخالية إلي أيام الطفولة البريئة إلي أصدقاء الزمن الجميل إلي العلاقات الإجتماعية القوية إلي بساطة الحياة إلي التفاصيل الصغيرة .
قد يكون الحنين إلي أنفسنا شكلنا ملامحنا أعمارنا و أحلامنا التي طوتها عاديات الزمن .
الأمر الذي ربما يجعلنا نستشعر بجماليات الأشياء بعد انقضائها أكثر من إستشعارها أثناء اللحظة في زمانها و مكانها .
لا شك أن الثنائي سدوم و المرحومة ديمي قد شكلا مصدر سعادة و فرح و هناء لمجتمع البيظان أينما حل و أرتحل .
تغنا لكبار شعراء و أدباء البلد و لقصائد الشاعر السوري المبدع نزار قباني الذي بات لكل قصيدة من شعره مغناة بعدا آخر ،بحكم الذائقة الشعرية الفطرية الموريتانية و ما خلقت حينها من تفاعل لا إرادي مع المضمون و المقصود .
كما أن أداءهما الغنائي و الفني قد ساهم في رسم لوحة صوتية فنية رائعة تحكي صداء الماضي و تنقل الحاضر إلي آفاق المستقبل .
في حين نلاحظ داخل المشهد الوطني شبه قطيعة مع هذا الموروث الفني و الثقافي في ظل تراجع الأغنية التقليدية الهادئة و الهادفة أمام صعود الأغنية الصاخبة و الساقطة في زمن راجت فيه صناعة التفاهة و تصدر الأغبياء و التافهون المشهد و تلاشت عبره القيم المجتمعية .حفظ الله موريتانيا