محمد ولد سيدي
قد تكون المقارنة واردة ،وقد لاتكون، ضمور نخبة، ووعي شعب، ضحى بالغالي والنفيس.
طبيعة العدالة الإنتصار للمظلوم، أياً كان، وقد حدث هذا في الضفتين.
لو أن بصيرو فاي لم يعكس خطابه تطلعات شعب دأب على تقديم الدروس لقارة الإنقلابات والبؤس والفساد الإداري والغبن لما انتخبه الشعب السنغالي.
ولو أن النائب بيرام الداه اعبيد رأى المناصب السامية شبه متقاربة بين المكونات الإجتماعية لما إتخذ من العبودية مطية يسوق بها مشروعه الحقوقي الذي رأى النور مجسدا بالإعتراف به في مسمى حركة إيرا بعد نضال مرير إتسم بالحدة والسلمية والخروج عن المألوف إنطلاقا من خالف تعرف عن طريق حادثة المحرقة التي دخل بعدها السجن ليتم انتخابه نائباً في الجمعية الوطنية ومتقدما في الرئاسيات على كافة المنافسين للمحمدين تواليا وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن المشروع التنموي لم ولن يتبلور بعد فكلما تحسنت أوضاع المهمشين كلما تقوت اللحمة الإجتماعية أكثر وكلما اتسعت الهوة بين المهمشين وأبناء البيروقراطية المستفحلة في دهاليز النفوذ كلما غلا الشارع أكثر والمهمشين هنا من كل الطيف الإجتماعي وإن كان لحراطين يشكلون الغالبية العظمى منهم.
ماعليه القول أن إنتخاب من السجن في الضفتين فيه أكثر من رسالة للسلطات الحاكمة ففي الضفة الجنوبية تختلف المنظومة المتصدرة للشأن العام عن المنظومة في الضفة الشمالية، فالمنظومة في الجارة الجنوبية مكونة من الزعامات التقليدية ومنظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية والصحافة كشكول واحد حفاظا على الطابع العام للتجربة الديمقراطية الفريدة من نوعها في إفريقيا وكلما أراد رئيس أن يعبث بالدستور وقفوا له بالمرصاد ورموه خارج القصر بطريقة مهذبة ومتحضرة مراعاة للأعراف الديمقراطية.
في الضفة الشمالية الكشكول يتنافس على الولاء للرئيس مطالبا بما لايكفله الدستور بمأمورية ثالثة إلى نظام ملكي مشاهد رأينا في العشرية الساخنة وقبلها وسيناريو التفكير يصب في نفس الأتجاه لذا من البديهي أن لا تكون المشاريع العملاقة محط تعجب في الجارة الجنوبية كالجسور والملاعب العملاقة والطرق السيارة والقطارات السريعة ومن البديهي أن تكون مواد البرامج في المؤسسات العمومية متباينة ومن البديهي أن يحدث إنجاز مشروع من الحجم الكبير ك...جسر التآزر في نواكشوط لغطا وصخبا لأن المنظومة متأخرة عن نظيراتها في الجارة الجنوبية و متأخرة عن نظيراتها في المغرب والجزائر وتونس ودول الخليج التي سبقتهم للإستقلال بإستثناء السعودية.
المنظومة الموريتانية معارضة وموالاة على دراية تامة بالإبهار الذي قدمته السنغال و دأبت على تقديمه لأن مواد التمكين للأقوياء غير موجودة هناك عن طريق المبادرات القبلية لأن القبلية هزمتها الدولة المدنية وبالتالي في الحوار السياسي الذي أجري في الجارة الجنوبية كل تنظيمات المجتمع وهيئة العلماء والزعامات التقليدية اتفقوا رفضوا ألاعيب الرئيس ماكي صال وقالوا بحرف واحد مصلحة الوطن تكمن في الإلتزام بالدستور وتنظيم الإنتخابات في موعدها المحدد قبل 2إبريل من سنة2024م والرئيس ماكي صال رغم ما أنجزه وقدمه من مشاريع وتعمير وتركين تشفع له في مأمورية ثالثة إلا أن وعي المنظومة هناك رفض معززا برزنامة القوانين والدستور والوعي المجتمعي نقابات وأحزابا وهيئات مدنية قسمهم المشترك المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة فهل كان الحوار السياسي مثلا يعكس في الضفة الشمالية بين المنظومة المتفككة والمتباينة في الرؤى والطرح متقارب في الصياغة والتوافق؟ ألم يقاطع من الأحزاب الوازنة؟
الدرس السنغالي في الديمقراطية، ليس جديدا، فالرئسين السابق عبد الله واد، و ماكي صال جاءا من رحم المعارضة، ولما أرادا أن يخالفا الدستور وقف لهم الشعب بالمرصاد قبل المنظومة وهاهو السيناريو يتكرر مع بصيرو فاي.
مبروك للسنغال ،انتخاب رئيس من السجن.