يسود المشهد السياسي الموريتاني هذه الأيام حالة من الهدوء خلال الفترة التي تسبق الإنتخابات الرئاسية المقررة إجراءها يونيو Juin المقبل .
إن لم يكن الهدوء الذي يسبق العاصفة مع إقتراب الموعد الإنتخابي .
مشهد سياسي بدأت ملامحه تتشكل ببطء في انتظار لحظة الحسم و الإعلان رسميا عن قائمة المرشحين.
إذ يجمع المراقبون للشأن الوطني أن الأنظار تتجه نحو تأكيد ترشيح رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية جديدة بشكل قطعي .
تشير كل الدلائل و المعطيات بأنها ستكون محسومة لصالحة بحكم موقعه و ترشحه من داخل البيت الرمادي و تصدره للمشهد السياسي و التفاف كل القوي التقليدية إلي جانبه سياسيا.
في ظل ضعف و غياب منافس معارض قوي داخل المشهد الوطني.
ببنما تصاعدت علي مدار الأشهر الماضية و تيرة الإستعداد و التحضير للإنتخابات الرئاسية المقبلة .
حيث تهافتت أحزاب الموالاة إضافة للحزب الحاكم إنصاف ضمن جهود التحضير و في ضوء بيان مشترك يطالب بترشح الرئيس الحالي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لعهدة ثانية جديدة نظرا لحجم المنجز و ضرورة استكمال مسيرة البناء و التنمية خلال المأمورية الجديدة .
فيما تباينت مواقف المعارضة بين دعوة البعض غير دستورية بعدم ترشح الرئيس غزواني بالمرة لعهدة ثانية يكفلها الدستور .
في حين قدم احد قادة المعارضة التقليدية دون الكشف عن الدوافع أو الأسباب مقترح مبادرة بتمديد مأمورية رئيس الجمهورية المنتهية ولايته و حل البرلمان و الدخول في حوار وطني شامل يمهد لإنتخابات رئاسية لاحقة لن يشارك فيها الرئيس الحالي و بالتالي العودة إلي المربع الأول ما قبل عقدين من الزمن .
و هو ما يعد خروجا و خرقا جسيما للدستور و من بابه الواسع .
رغم أن أحزاب المعارضة لم تقدم بدائل حتي الآن
إلا أن قيادات منها تطمح لحشد تأييد يؤهلها لخوض المنافسة علي غرار مهرجان حزب تواصل الأخير و الرسائل المشفرة.
أو انتظار دخول المعترك الإنتخابي بمرشح موحد و هو أمر مستبعد في ظل اتساع نقاط الخلاف بين أطياف المعارضة و عدم الإنسجام و تراجع دور بعض أحزاب المعارضة التقليدية التاريخية ذات الحضور الواسع داخل المشهد السياسي سابقا و الخبرة الكبيرة و ارتمائها في أحضان النظام في ضوء التفاهمات الحاصلة في إطار اتفاق ميثاق الجمهورية المبرم مع الداخلية .
لعل ما ميز الساحة السياسية هذه الأيام بشكل ملفت للإنتباه
هو استمرار اللقاءات و المؤتمرات الحاشدة و التيارات و المبادرات الداعمة من حين لآخر بإشراف نخب سياسية شبابية أو غيرها و بجهود خاصة خارج الإطار الحزبي
في مسعي لإبراز و إظهار مستوي الولاء و التأييد اللامشروط للنظام .
ممارسات سياسية دأب عليها المجتمع منذ العهد الطائعي تبنته الأنظمة السياسية اللاحقة أسس لمرحلة من التفنن في النفاق السياسي و التطبيل و التزلف و الإحتيال و الولاء الزائف قلص دور الأحزاب و قوض مفهوم الدولة و أعاق تنمية البلاد في كل المجالات
ساهم في تكريس القبيلة و ترسيخ البعد الجهوي .
إن النخب هي الطلائع المجتمعية التي يفترض أن تضطلع بأدوار شتي علي غرار تحقيق التنمية و هي القوة الإجتماعية الدافعة بعجلة التنمية و المعززة للموارد كما أنها أيضا هي المنتجة للقيم الإجتماعية فهي التي يقع علي عاتقها في كل الحالات مهمة البناء الإجتماعي و القيادة و التخطيط .
إن عمليات التغيير علي العموم و كذلك المسارات التنموية إنما تقودها النخب الوطنية لاغير .
في حين.تعد الأحزاب من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر علي سير و حركة النظام السياسي و ضمان استمراره و استقراره فهي تؤدي دورا مهما في تنشيط الحياة السياسية.
كما أضحت تشكل ركنا أساسيا من أركان النظم الديمقراطية.
فأداء الأحزاب ينعكس سلبا أو ايجابا علي نوعية الحياة السياسية و علي مستوي التطور الديمقراطي و.التحديث السياسي و فاعلية النظام السياسي الذي يعد انعكاسا للنظام الحزبي السائد في الدولة.
أعتادت الإنتخابات الموريتانية منذ عقود سيطرة الإعتبار الشخصي في تحديد وجهة التصويت علي حساب عامل الولاء الحزبي لعوامل عدة أبرزها
إعتماد غالبية الأحزاب علي الأعيان و النافذين في المجتمع من أجل ضمان المقعد الإنتخابي .
نظرا لإنعدام ثقافة الإنضباط الحزبي و درجة الغبن و التهميش علي مستوي هيكلة الحزب دونما أي إنصاف لأي كان و غياب الروابط بين الأحزاب و الناخبين بالشكل الموجود داخل المجتمعات الديمقراطية في العالم خارج إطار المواسم و المناسبات السياسية .
فالعلاقة القائمة لدينا في
ظل غياب مفهوم صحيح للمواطنة كثيرا ما تكون بدوافع عائلية أو قبلية أو مصلحية بحتة ليس إلا !
في حين يري بعض المحللين أن ثمة أمورا و مستجدات داخل الساحة الوطنية في ظل تصاعد غير مسبوق لخطابات الكراهية و التحريض و إثارة النعرات و الإساءة و الخروج علي القيم و الثوابت الوطنية قد تلقي بظلالها علي المشهد الإنتخابي إضافة إلي نقاط و قضايا وطنية من قبيل تداعيات صفقة ايواء المهاجرين الأفارقة المبعدين من أوروبا.
و ما أثير حولها من جدل و تناقض في التصريحات الرسمية و ضعف التعاطي مع الحدث و ما قد ينجم عن ذلك من مخاوف و قلاقل و مخاطر اتجاه أمن المواطن و استقرار البلاد .
في انتظار مآلات رفع الحصانة البرلمانية عن النائب المشاكس و المرشح السابق للرئاسيات بيرام اداه اعبيد و ما قد يترتب علي ذلك قضائيا في ضوء شكاية قدمت ضده من طرف رئيس حزب اتحاد قوي التقدم السيد محمد و لد مولود إثر التشهير به في قضايا دعم مالية سببت له أضرارا نفسية و معنوية كبيرة .
إجراء برلماني استجابة لرسالة من وزارة العدل صنفه النائب بيرام بأنه تعسفي يدخل في إطار التجاذبات السياسية ضمن الصراع المستمر مع النظام .
من جهة أخري يستمر صعود أسعار السلع الإستهلاكية مع إقتراب شهر رمضان .
و اتساع دائرة الفساد في الدوائر الحكومية و المؤسسات العمومية في ظل الإفلات من المساءلة و العقاب رغم تبني الحكومة إستراتيجية و طتية جديدة في هذا الإتجاه .
و صفها بعض المراقبين بطبيب ما بعد الموت .
Médecin après la mort .
إننا نتطلع دوما إلي التمسك بتوجيهات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني التي تجسد خيار الشعب الموريتاني
حول إرساء دولة مؤسسات و قانون و تؤسس لعدالة إجتماعية تشمل الجميع و تعزز من تماسك وحدة الشعب .
و تنشئ تنمية مستدامة لها القدرة علي تحقيق مكاسب و خلق فرص و.تكرس لحياة كريمة .
فمتي يتغلب منطق المواطنة الصالحة المخلصة علي تراهات ولاء النفاق المزيف ؟!!
حفظ الله موريتانيا