تستطيعُ أن تقول إن وزير الدفاع الوطني: حنن بن سيدي، يزهد في الأضواء، ويؤثِر العمل في صمت، لكن أن توهمنا أنه غير قادر عن الدفاع عن نفسه، وعن موريتانيا، وعن مؤسسة عُرِف بها، وعُرفَت به، وتَدرّج في سلكها من ملازم إلى أكبر درجة في الجيش الوطني، عندما حاز رتبة فريق، فهذه فِرْية ومغالطة ممجوجة.
اتّسَم مسار الرجل بالنزاهة والكفاءة العالية والوطنية، والتضحية والصرامة والعدل والكياسة، والبناء وحسن القيادة، وشهد بذلك المغاربة والمشارقة، وقادة الرأي في المنظمات شبه العسكرية الإقليمية والدولية.
إن بعض صوتيات الأخْيِلة النفسية لا تقبل البرهانات، وينحرف بها أصحابها إلى اتجاه شخصي، يغلفونه بالتشويه والتجريح، والشطط والإساءة البالغة.
تَعترضُنى أحيانا بعض الملاحظات في هذا الفضاء الجارف -التواصل الاجتماعي- وأَعرِض عن تبيّنها وتَعَقّبِها، وإن بدا المُذيعُ لها عَيِياََّ، فليس من الشأن العام ولا الحِجاج العلمي ولا النقد الثقافي التحاملُ على الأشخاص واتهامهم بالعجز، وقد كانت مرافعة معالي وزير الدفاع الوطني قبل أيام تحت قبة الجمعية الوطنية مَحَطّ سمعِ وبصر الرأي العام الذي استحسنها، والنخب السياسية والثقافية التي دار انطباعها عنها ببن الاحترام والاجلال في تقويمها لها، عندما عَرَض معاليه مشروع قانون تعديل النظام الأساسي لصباط الجيش في جلسة برلمانية.
لا نملك أن نكتم دهشتنا إزاء بعض الصوتيات الإنشائية الموغلة في الشخصنة، وإن قاموس الشأن العام يُحيل في العادة إلى مناقشة الأفكار ، ونقد الخطط والاستراتيجيات وترقية الخطاب، لا كلامُ الصالونات (نُحَيّدُ هذا، وندفع بذاك، لأن كلاما سوقيا، تَواضَعَ العامة على أنه حساس، سيُثارُ في مداخلة فلان أو علان داخل البرلمان).
لقد تابعنا في المرافعة القوية حديثا عن الإرث الإنساني في كلمة معالي الوزير، عندما أَسفِ على تلك المرحلة من تاريخ بلدنا، مستدعيا واقعنا كمسلمين، وقِيمنا كإنسانيين متحضّرين، مُشفعا أنها صفحة طويت، وهناك إرادة جادة لتجاوز تلك الآثار.
المثير في هذه الصوتيات المتناثرة أن لأصحابها كامل الحق في الحديث عن نفوسهم وتسويقها، وعن مسارهم المهني بما في ذلك تدريسُهم للضباط، وصلتهم بالكبار منهم، لكن ليس لهم أن ينالوا من الآخربن ويشككوا في أهليتهم في انتهاك نَزِق مرفوض.
مَبلَغُ علمنا أن معالي وزير الدفاع الوطني صالَ وجالَ في ميكانيزمات المؤسسة العسكرية ، قائلا: إنها للجميع، وفيها الجميع، ويخصع قانونها لنظام ومعايير وقواعد عادلة ومجردة وشاملة.
ثم تعالوا نتبيّنُ كيف كانت مرافعة الرجل أمام البرلمان تَعُجّ بالدقة والصرامة واستحضار أهمية رقابة السلطة التشريعية، واحترام مبدأ فصل السلطات، مّحَيّيا النواب، ومُقدّرا غيرتهم على الجيش وحرصهم على احترامه، لكن عندما يغيب النقد الموضوعي يصبح القَصْفُ الصّوتي سيد الموقف، ويتكلف بعضهم في هذه الترهات إقحام الرأي العام .
إن بعض الحملات الهجومية لعب بالنار، وهذيان لا يفيد التنمية، ولا يخدم المعرفة والمصلحة.
وكان فخامة رئيس الجمهورية: محمد ولد الشيخ الغزواني، واعيا أهمية تطوير وعصرنة المنظومة الدفاعية والأمنية للبلد، حين عَهِد بهذا الموقع لأحَدِ خُلّصِه، ومنحَه تلك الثقة الراسخة والمتأصلة.
ولأن تحديث السياسة الدفاعية والأمنية للبلد أهم ثابت في تعهدات صاحب الفخامة رئيس الجمهورية، يُفاخِر الآخرون باستقرار بلدنا وسط أزمات المنطقة وغرقها في وَحَلِ المشاكل، فنعمة العافية والسكينة نتيجة طبيعية ليقظة رجال الدولة الذين يذودون عن أمنها، ويحرصون على سيادتها، وصيانة حوزتها الترابية، بابتكار نموذج مختلف راقِِ.
يفتقد هؤلاء الهواة إلى الإحاطة بوضع وواقع المؤسسة العسكرية ، وبديهياته، وهم معذورون في ذلك.
حَصَرت الّصّوتية ملاحظاتها في ترديد السّقْطِة المّثارة في الجمعية الوطنية، وسموم الاتهام لموريتانيا -رموزا ومؤسسات- ونعلم جميعا لحساب من يعمل ذلك الصوت.
لا يَضُرُّ وزير الدفاع الوطني ترويج أحاديث الإفكِ التي يُرادُ لها أن تشغل الناس عن القضايا الجادة في حياتهم.
وإن من اعتذر قديما لرئيس سابق عن قيادة أركان الحرس الوطني، ومواقع أخرى سامية في الجمهورية، لا يَنتظِرُ من غير مَعني أن يقترحَ تعيينه على: مفوضية الأمن الغذائي، ولا على: تآزر، لكسب مَغنَم أو طلب شُهرة (فكل مُيسّر لما خُلق له).