ليست العبرة بنقص البدايات بل العبرة بكمال النهايات و في الخواتيم .
إنه إنجاز تاريخي غير مسبوق للمنتخب الوطني لكرة القدم المرابطون.
بتجاوزه دور المجموعات بجدارة و استحقاق و كسره عقدة الخروج المبكر من البطولة من خلال ثالث مشاركة مشرفة تواليا علي مستوي بطولة كأس أمم إفريقيا CAN 2023 نسخة كوتديفوار
وتأهله لأول مرة إلي الدور الثمن النهائي .
مما قد يؤسس لمرحلة جديدة من التألق و الحضور داخل البطولة .
ما ميز لقاء اليوم أمام المنتخب الجزائري الشقيق صاحب الإنجازات التاريخية الكبيرة كرويا و الألقاب و البطولات إفريقيا و عربيا .
بالإضافة إلي الحضور القوي و المستمر في المونديال .
هو مستوي الإثارة و المتعة و المعاناة .
مما أعاد للبطولة روح الصراع و التنافس و الثأر .
فكانت البداية جيدة لمنتخبنا الوطني في الشوط الأول بحكم الرغبة الحاصلة لديه للفوز و الثقة الكبيرة التي ظهر بها و اللعب بروح الفريق الواحد مما سمح له بتقديم أداء فني جماعي أكثر من رائع من خلال الإنتشار الواسع للاعبين و السيطرة وسط الميدان و الاستحواذ علي الكرة و الضغط علي حاملها و بناء الهجمات مما خلق عدة فرص ضائعة للمنتخب الوطني تصدت لبعضها العارضة .
شكل تهديدا مستمرا لمرمي الخصم ساهم في صناعة الفارق عبر كرة ركنية مرتدة تابعها اللاعب
المميز دلاهي و سجلها بطريقة ذكية في الدقيقة 37 من الشوط الأول.
بالمقابل شهدت المواجهة هجوما و ضغطا جزائريا من حين لآخر بغية العودة إلي نقطة البداية بكامل ثقل عناصره في الوسط و الهجوم و علي الأطراف خلق فرصا حقيقية تصدت لها كل خطوط الدفاع الموريتاني بإستماتة و كذلك الحارس الموريتاني المتألق بابكر نايس بكل جدارة و رجولة .
و الذي ساهم بشكل فريد في تحقيق حلم موريتانيا في التأهل وتجاوز عقبة دور المجموعات .
في حين يبدو أن مدرب المنتخب الوطني وفق هذه المرة في قراءة الخصم من خلال رسم الخطط التكتيكية و تمرير التعليمات و تجسيدها ميدانيا و إجراء تعديلات ذات جدوائية في الوقت المناسب .
خاصة إذا ما علمنا أن القائمين علي الشأن الرياضي كثيرا ما يراهنون علي شخصية و نجاعة المدرب أمير عبدو .
دون أن ننسي أو نتناسي الدور الهام و الفعال للجهاز الفني المرافق للمنتخب الوطني .
فبالدموع و الحسرة ودع المنتخب الجزائري الشقيق البطولة في أحسن احواله و قوته الضاربة .
إذ نجد في الجانب الآخر من المشهد المدرب الجزائري بلماضي الذي أصبح جزءا من الماضي بعد الإقالة لاحقا و قد أكتوي بصدمة الإستسلام لتأثيرات اللحظة لعله لم يستوعب بعد الدرس
إنه جنون اللعبة ...!
بينما تباينت هذه المرة طرق و مناطق و أماكن تشجيع و مناصرة المنتخب الوطني ما بين العمومي و الخاص .
و صبت في قالب واحد هو متابعة مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره الجزائري لحظة بلحظة في كل تفاصلها و جزئياتها .
حيث كان فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد و لد الشيخ الغزواني علي موعد مع هذا الحدث التاريخي من داخل القصر الرمادي و أمام شاشة عرض عملاقة تشجيعا و و قوفا مع الفريق الوطني في كل الظروف علي غرار مع حصل في أجزاء و أماكن واسعة داخل العاصمة انواكشوط .
الشئ الذي يعكس مدي الإهتمام الكبير و الدعم الذي يوليه رئيس الجمهورية للمنتخب الوطني و لعبة كرة القدم الوطنية .
إن جنون كرة القدم يوحد الشعوب و الأمم لحظة الشعور بنشوة الإنتصار .
انطلاقا.من المدرجات وقلب الحدث مرورا بالفرحة العربية الإفريقية الواسعة و صولا إلي الخروج العفوي لساكنة انواكشوط و داخل ربوع الوطن سيرا علي الأقدام و السيارات في ظل حشد شعبي ممتد طولا وعرضا علي وقع انتصار المرابطين و تأهلهم التاريخي إلي مرحلة خروج المغلوب.
إنه من جمال اللعبة و مظهر من مظاهر الفرح اللاإرادي العارم.
لاشك أن هذا الإنتصار التاريخي هو ثمرة جهود متواصلة لمسار طويل .
أمتد من مرحلة تأسيس الإتحادية الموريتانية لكرة القدم و المنتخب الوطني الأول المرابطون عام 1961 م بالتزامن مع قيام الدولة المركزية.
مرورا بمراحل إخفاقات و تعثرات علي مدار نصف قرن لم يتمكن خلالها المرابطون إطلاقا من المشاركة في بطولة كأس أمم إفريقيا و لو لمرة واحدة .
حيث شهد أداء المنتخبات الوطنية في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا و قفزة نوعية عززت من مستوي حضورها داخل البطولات الإفريقية و كأس أمم إفريقيا .
و الأهم من هذا كله هو هذه الإستمرارية و الحفاظ علي المكاسب و إنجازات التأهل للمرة الثالثة تواليا CAN 2023 كوتديفوار .
بالإضافة إلي فك عقدة التأهل إلي الأدوار المتقدمة من البطولة .
في حين لعبت الإتحادية الموريتانية لكرة القدم برئاسة السيد أحمد ولد يحيي و بمساعدة نائبه الراحل المرحوم أباب آمغار ديينغ و معاونيهم من داخل الإتحادية .
دورا بارزا في النهوض و الإرتقاء بهذه اللعبة مكن من الوصول إلي هذا المستوي الفني الرائع و الحضور المشرف علي صعيد البطولات الإفريقية بجهودها الخاصة و علاقتها المتينة و المتطورة مع الأم بالتبني FIFA .
و عن طريق دعم الدولة المتواصل عبر الوزارة الوصية و من خلال إشراف و متابعة الإدارة المعنية بقطاع كرة القدم و حضورها داخل المشهد الرياضي .
تأسيسا لما سبق فإن ماميز نسخة CAN كوتديفوار لهذا الموسم حتي الآن هو الإنتفاضة في وجه عمالقة كرة القدم و الإستماتة في مقارعة الكبار و الفوز عليهم .
أسوأ ما في كرة القدم هو التعامل بمنطق الحب و الكره و عدم الإنصاف ...!
فرجة ممتعة في انتظار قادم المسرات إن شاء الله .