المعلوم أوبك
يتساءل المواطن البسيط بحيرة أين المعارضة الموريتانية ؟، وإلى أين؟ ، ويتكرر التساؤل بصيغة أخرى هل تستطيع المعارضة أن تقدم نفسها كبديل مقنع للرئيس غزواني ؟ ، ولعل هذه التساؤلات التي يثيرها واقع المعارضة الراهن تستدعي الإجابة منها قبل دخول معترك انتخابات 2024 ، وذلك في ظل غياب ملحوظ للمعارضة بالمعنى السياسي للكلمة بموريتانيا، وتحول رموز المعارضة إلى ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي دون المشاركة في نشاط سياسي حقيقي ، في سياق تمر فيه المعارضة الموريتانية بواقع مثير للشفقة يتطلب منها حنكة سياسية ووعي للتعامل مع الواقع الذي تعيشه ، والذي أبرز تجلياته:
ـــ غياب توحيد الصفوف، في ظل حراك سياسي عشوائي.
ـــ الفشل في تقديم الجيل الثاني من المعارضة الموريتانية ليكمل مشوار الطريق.
ــ انعدام المشروع المعارض المعبر عن رؤيتها للتغيير ومواقفها من القضايا الوطنية الكبرى، في وقت تجلس فيه المعارضة الموريتانية الراهنة كمتفرج دون أن تكون لديها القدرة على إعادة بناء نفسها من جديد ، فحتى ونحن نشرف على نهاية مأمورية 5 سنوات من حكم الغزواني ، ولا وثيقة يصدرها الطيف المعارض تتضمن رؤية المعارضة وتقييمها لنهاية المأمورية.
ـــ انعدام ورقة ضغط تمتلكها المعارضة الموريتانية تمكنها من أن تكون لاعبا مؤثرا في الساحة السياسية بسبب معاناتها من التشرذم في صفوفها وداخل أقطابها ، فكل قطب يعاني ، سواء حزب تواصل ، أو تحالف أمل ، أو الصواب وحلفاءه ، أو المعارضة غير الممثلة في البرلمان.... الخ .
ـــ غياب شراكة سياسية بين المعارضة الموريتانية ، وتحول الشراكة بين أقطابها لشراكة تسيير مؤسسة المعارضة ، وكأن الملف المنوط بأحزاب المعارضة تسيير مؤسسة زعامة المعارضة.
ـــ عدم جاهزية السياسيين الحاليين في المعارضة الموريتانية لاقتناص أي تطورات يعرفها المشهد السياسي، مما جعل المعارضة الموريتانية الراهنة تبدو ضعيفة.
ــ اختراق النظام للمعارضة ، مما أفقدها التوازن ونفخ فيها الريح وزاد في الانقسامات داخل صفوفها وانقسمت على أنفسها بشكل أعمق بعد انتخابات 2023 .
ـــ معاناة المعارضة من عقبات داخلية ، كالانقسامات الداخلية في كيانات المعارضة ذاتها من تواصل وأمل والصواب وغير الممثلين في البرلمان ، فضلا عن افتقارها لتوافق على الأهداف، إضافة لتباين رؤاها حول القضايا ، مما أظهر ضعفها المباشر ، والذي يتطلب معالجة فورية لتقوية هيكل المعارضة وحمايتها من الاختراق.
ــ فشل المعارضة الموريتانية في امتلاك عبقرية الابتكار في الأداء السياسي والمناورة والتموضع في التوقيت والمكان المناسب.
إلى زملائنا في المعارضة : الوقت ينقضي بسرعة، واللحظة الأخيرة تقترب قبل مواجهة انتخابات عام 2024 ، والفرصة الوحيدة المتبقية هي العمل على ملفات تمس الموريتانيين في اللحظة الراهنة على سبيل المثال لا الحصر، ملف حقوق الإنسان في موريتانيا، وواقع الظروف المعيشية الصعبة ، وتفشي الفساد، وتدهور القوة الشرائية للمواطنين ، من شأن التركيز والعمل الجاد على هذه القضايا وغيرها في الوقت الحالي أن يمثل فرصة حاسمة لترسيخ وجود المعارضة في الساحة السياسية. ، ومنحها تأثيرا حقيقيا في وجه الانتخابات الرئاسية ، فعلى المعارضة من الآن العمل على الدفع بمشروع سياسي ملموس، يستند إلى قضايا حيوية ويعبر عن تطلعات الشعب الموريتاني ، ولذا، فإن التساؤل " المعارضة الموريتانية : إلى أين ؟" يكمن في قلب التحدي القائم الذي تعيشه المعارضة الموريتانية ، وإيجاد إجابات عليه سيسهم في بناء مستقبل قوي لمعارضة موريتانية قوية وموحدة قادرة على إحداث تأثير فعلي في التطورات المرتقبة بالمشهد السياسي بالبلد.